لا أعرف ماالذى يجعل الناس يتعاملون مع ما نكتب ، باعتباره نوعاً من التسلية؟!! قلنا لكم كلاماً كثيراً عن مخاطر متعددة،يمكن أن تواجه هذا الوطن،إذا وصل الإخوان للسلطة، وتوقعنا مواقف استبدادية عديدة للجماعة،كتبنا وصرخنا وضربنا بأيدينا على الحوائط حتى ينتبه الجميع للخطر الأكبر. .خطر تكبيل حرياتهم للأبد.. لكن للأسف مازال بعضنا يقرأ ليتسلى ،وليس لاستيعاب مضمون الكلام الذى نقوله مخلصين من أجل وطن يجب أن يصبح حراً!! أرجوك اقرأ، لتعرف أن سيناريو طريقة حكم الإخوان معروف مسبقاً.. نظام حكم لا يعترف بالديمقراطية ولا بالرأى الآخر.. أرجوك اقرأ،وفكر،لتتأكد أن الوطن لا يمكن بناؤه بواسطة من لايؤمن إلا بنفسه وجماعته،ونحن هنا لا نظلم الجماعة، ولكننا نكشف عن فكرها الذى لن يتغير،فإذا كنا نحن فى أزمة بسبب وجودها الآن فى السلطة، فهى فى أزمة أكبر لأنها جاءت فى الوقت الخاطئ لها، ولنا!!فلا هذا الزمن يصلح للاستبداد الذى تريده جماعة الإخوان، ولايصلح للجماعة التى وجدت نفسها وسط شعب صاحٍ، وحى،ولديه استعداد لدفع ثمن حريته!!تعالوا نقرأ بوضوح، وهدوء،سبب إصرارنا على إسقاط هذا النموذج من السلطة والحكم،لنعرف أننا مجبرون،ولانملك طريقاً آخر، فإذا كنا فى أزمة،فالجماعة،تعيش أسوأ سيناريوهات تاريخها!! أما الأزمة الحقيقية التى تواجهها جماعة الإخوان المسلمين، ليس فى أنها نقضت وعدها، مرة، واثنتين، وثلاثاً.. بل فى أنها تمتلك منهجاً واضحاً يهدف إلى اختصار الدولة فى الجماعة!!هذا هو المنهج الفكرى الذى يسيطر على عقول الجماعة عبر تاريخها.. فالدولة الإسلامية الكبرى هى مشروعهم الذى يحاولون تحقيقه حتى لو مارسوا الكذب والخداع وقلب الحقائق فى مواجهة إخوانهم المسلمين غير المنتمين للجماعة باعتبارهم أعداء للإخوان!!صحيح أن المناورة وتغيير الاتجاه لأسباب تكتيكية نموذج عمل معروف فى السياسة ، ومن حق العاملين فيها أن يتخذوا موقفاً مغايراً لما أعلنوه فى وقت سابق، لكن أزمة الإخوان، والتيار الدينى برمته، أنهم يطرحون مشروعهم السياسى، ممزوجاً، ومتداخلاً،ومغلفاً، بمشروع أخلاقى.. فهم يقولون إننا نسير على نهج أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ونعمل بسنته ، ونهدف إلى إنشاء دولته..ولذلك يصطدم الإخوان بردود أفعال عنيفة من الناس الذين منحوهم أصواتهم فى الانتخابات ،فهم يتحولون إلى الهجوم على الجماعة وقياداتها ، لأنهم ساندوهم بدافع أخلاقى ودينى، وليس لتقدير سياسى ،أو لوزن فعلى، ولا يقبل هؤلاء الأنصار من الجماعة،استخدام الطرق «الميكافيلية» و«النفعية» التى يتم تطبيقها أحيانا على حساب الوطن وتماسكه وتجاوزه للمحن والعراقيل التى تقف فى طريق نهضته الحقيقية وحديث الجماعة عن «المشروع الإسلامى» تم «ضربه» لأنها خدعت حلفاءها داخل إطار هذا المشروع، مثل حزب النور، ولذلك اصبح حديثها الإسلامى لا يصدقه أحد. الأزمة الأخرى التى تواجهها الجماعة الآن هى أنها لم تدرك أنها أصبحت لأول مرة فى تاريخها الممتد منذ عام 1928 صاحبة سلطة،داخل مشروعية الدولة،من خلال رئيس، وعبر سيطرتها على تشكيل الحكومة..صحيح أن هذه القوة الجديدة التى أضيفت إلى قدراتها،قد زادت من خصومها، ولكنها أيضاً جعلتها محط أنظار أنصارها قبل أعدائها، فأصبحت تصرفاتها مسجلة صوتاً وصورة ، ولم يعد هؤلاء الإخوان هم المعارضين المناضلين المقاتلين المواجهين للظلم والفساد والطغيان ، ولكنهم أصبحوا راغبى سلطة ، بل اصحابها.. أمر آخر أسقط الجماعة فى شر أعمالها، هو أن قيادات الإخوان ظلوا يتعاملون مع الرأى العام خلال الانتخابات البرلمانية،ثم انتخابات الرئاسة، بنفس منهج استرجاء العطف وما يسميه خصوم الجماعة «المَسكنة».. وهذه الطريقة جعلتهم يتمكنون من حصد أرقام غير متوقعة من المقاعد البرلمانية ،ثم يحصلون على مقعد الرئيس، وقد تعاطف الناس معهم بسبب تعرضهم لمصاعب أمنية وسياسية خلال العهود السابقة، ولكن.. الفارق الزمنى بين «المَسكنة» وبين كشف الغطاء عن الوجه، أو ما يسمى «نزع القناع» كان فارقاً بسيطاً لايكفى لأن يغفل الناس عن الهدف الحقيقى للتصرف.. ولذلك كان الهجوم كبيراً!! أزمة أخرى تواجه الجماعة، هى الغموض الذى يسيطر عليها، فهى تقريباً ، التيار السياسى الوحيد ، الذى لا يعرف عنه الناس شيئاً، لا عن طريقة عمله، ولا مصادر تمويله، ولاحتى تركيبته التنظيمية، وهذا الغموض جعل قطاعاً كبيراً من المصريين، يخشون انفراده بالسلطة ،خاصة أن منصب الرئيس،ارتبط فى العقل الجمعى للمصريين، بفكرة التسلط،وجمع كل السلطات فى يد واحدة...خطأ آخر وقع فيه الإخوان ..فهم لايريدون الفصل بين الحزب والجماعة.. والمصريون لن يتقبلوا بعد ما شاهدوه من مآسٍ.. وبعد كل مامروا به من أزمات خلال عام واحد فقط، لن يتقبلوا فكرة سيطرة جماعة بلا مشروعية قانونية، على حزب سياسى يمتلك الأغلبية، فالفصل بين الحزب والجماعة ضرورة استباقية تمهيداً لانتقال كل الجماعة، للمشاركة فى عضوية حزب الحرية والعدالة، وبدون هذه الخطوة ، ستظل الجماعة محظورة، وسيبقى الحزب تابعاً، وأعتقد أن الإخوان لن يقدموا على هذه الخطوة أبداً، لأنهم يدركون أن قوتهم فى الجماعة وليس فى الحزب الذى ينتظر كل شىء من الجماعة، بدءاً من التمويل وانتهاء باتخاذ القرار. أخيراً.. ستبقى الأزمة الكبرى التى تواجه الإخوان.. هى عدم رغبتهم فى الانصهار داخل الدولة المصرية.. وهناك فارق بين الدولة والنظام..فالتيارات السياسية المصرية الأخرى، بمن فيها صانعو الثورة، يصرون على تغيير النظام ،وإسقاطه،مع الحفاظ على هوية الدولة المصرية، لكن الإخوان يزيدون عليهم طلباً آخر ، فلا يكفيهم إسقاط النظام، ولكنهم منهجياً يريدون إسقاط الدولة نفسها، ويرغبون فى تغيير هويتها وأسسها ، ليبدأوا فى تشكيل دولة جديدة بهوية مختلفة،وهذه المنهجية تجعل الجماعة فى حالة صدام مستمر مع أركان الدولة السياسية الاقتصادية بل والدينية الرسمية. لم يعد لدينا حل..يجب أن يرحل هذا الرجل الجالس فى قصر الاتحادية.. كى نبنى نظاماً ديمقراطياً حقيقياً!!