ليس أمام الحكومة رفاهية الاختيار، فهناك أزمة تتفاقم فى البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى الذى يخدم ما يقرب من ربع سكان مصر، وبه أكثر من 26 ألف موظف يتقاضون مرتبات فقط تقترب من 2 مليار جنيه سنويا، وهو ما يتطلب سرعة التدخل بالدعم المالى لإنقاذ البنك من الانهيار مما قد يؤثر على سلامة الجهاز المصرفي. أشكال التدخل السياسى مختلفة فى البنك الزراعى منها التدخل عن طريق التعيينات والتى تمت لخدمة أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية، بدون النظر والكفاءة المصرفية، من أجل الصفقات الانتخابية، كما جاء التدخل السياسى من خلال اعتبار البنك جهة تابعة للدولة وتتخذ ما تراه الدولة بغض النظر عن وضع البنك المالي، وهو ما أرهق البنك بالخسائر وتضخم فجوة المخصصات، حيث يتحمل البنك فوائد مبادرات الرؤساء وجزءًا من أصل المبالغ فى أحيان أخرى ووصل الأمر إلى عدم اعتراف وزارة المالية بما يقرب من 2 مليار جنيه، بسبب قيام قيادات البنك بإسقاط الديون عن الفلاحين، بعد سماع مبادرة الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك أمام مجلس الشعب، وقام البنك بتنفيذ المبادرة دون وصول تعليمات من وزارة المالية بعملية الصرف، كما يأتى التدخل السياسى من خلال القانون الذى جعل تبعية البنك لوزارة الزراعة وبالتالى يتم تعيين قيادات البنك من المقربين من النظام السياسى الحاكم دون النظر إلى الكفاءة المصرفية. خطوط إصلاح البنك تتمثل فى تقديم دعم مالى عاجل بما لا يقل على 6 مليارات جنيه، منها سداد مديونية وزارة المالية 1.8 مليار جنيه، ورفع رأسمال البنك بقيمة 4 مليارات جنيه ليصل إلى 5.5 مليار جنيه، خاصة أن القاعدة الرأسمالية للبنك مخالفة لقانون البنك المركزى حيث يمتلك البنك 1224 فرعاً ورأسمال 1.5 مليار جنيه وهو ما يجعله مخالفاً للتعليمات الرقابية للبنك المركزى التى تطالب بألا يقل حصة كل فرع عن 20 مليون جنيه فى رأسمال البنك بما يعني أن البنك يحتاج الى زيادة رأسماله إلى 24.5 مليار جنيه، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق خطة على مدى 7 سنوات. هناك بدائل كثيرة يمكن من خلالها توفير الدعم المالى للبنك، منها تقديم دعم مساند من البنك المركزى كما تم مع البنوك المتخصصة والعامة، أو الحصول على قروض من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، أو قيام البنك ببيع ما يمتلكه من أصول والتى تصل بمليارات الجنيهات، خاصة أن البنك يمتلك مبانى تقدر بمليارات الجنيهات بالقاهرة فى نادى الصيد وميدان التحرير إلى جانب الأراضى غير المستغلة التى يمتلكها فى مختلف المحافظات أو قيام وزارة المالية بطرح سندات باسم البنك وتضمنها الوزارة بقيمة 6 مليارات جنيه لرفع رأسمال البنك الى 7.5 مليار جنيه، وبذلك يستطع البنك الحصول على الدعم المالى لعملية الهيكلة المالية والإدارية، وفى نفس الوقت يقوم بسداد هذه السندات وفوائده من الأرباح المحققة أو من خلال بيع الأصول التى يمتلكها البنك عندما تتحسن الظروف الاقتصادية، ويمكن طرح صكوك إسلامية لتوفير الدعم المالى للبنك، ودول الخليج لديها الرغبة فى الاستثمار فى مصر فى الوقت الراهن وخاصة فى الصكوك الإسلامية ويمكن سداد قيمة هذه الصكوك من أرباح البنك أو من بيع الأصول وبالتالى تحقق الحكومة فائدتين الأولى هى جذب استثمارات عربية بما يؤدى إلى زيادة الاحتياطى الأجنبى وفى نفس الوقت إنقاذ البنك وتجنب القطاع المصرفى مخاطر تعرض البنك لأى مشاكل. قال علاء سماحة، رئيس مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعي، إن البنك لابد أن يعامل كأنه بنك تجارى يخضع للبنك المركزى بشكل مباشر حتى تتم رقابة البنك المركزى بشكل فنى من قبل قطاع الرقابة على البنوك بالبنك المركزى إلى جانب رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، كما يجب أن يتم تغيير القانون لتفعيل ذلك، وتقدم الدعم المالى لمساندة البنك، وعمل إعادة هيكلة مالية وادارية بالبنك بحيث تتمكن الإدارة من رفع مرتبات العاملين بالبنك والتى هى الأدنى بين البنوك العامة فى مصر، إلى جانب إبعاد البنك عن السياسة تماما، وتتحمل ميزانية الدولة الدعم المقدم للمقترضين بالفوائد، قبل أن يتم صرفها من قبل البنك خاصة أن هناك أموراً عالقة وخطابات متبادلة حول ما قام البنك بتحمله ولم تسدده وزارة المالية.