بكلماته المشعة تهفو الأفئدة إليه، تلقي دعوة السماء فتقبلها طائعا، وصار بطريرك الإسكندرية والكرازة المرقسية صاحب المقام الرفيع البابا شنودة الثالث البشاشة وسماحة النفس والحنو الشفيق واليد الممدودة بالسلام كزهر الربيع، عذب الحديث كصفو الماء، قلب أبيض رقراق، يعطي الأجواء، بالدفء السخي، يذيب الجليد، يضيء غياهب الأغوار، مصر وطن يعيش فينا وليست وطنا نعيش فيه هكذا يكون النداء. حصن الأمان للأرض العظيمة ومن أجل المسيئين اليه يرفع الصلاة، يبتسم رغم الجراح الغائرة، رغم السهام من كل صوب، رغم الألم وطعم الصبار في الحلق، رغم الغضب، وحين تنسل الخفافيش لترسم مرايا الألم في زمن الوحشة، تنقب عن أكاذيب تصدقها ورغباتها الدفينة تشتعل لحرق الوطن، وحين تولد أفكار عاجزة مشوشة، حين يعلو الصراخ في زمن الفهلوة، ونحن سجناء التخلف والحماقة، وطن أنهكه الزحام فتاهت معالمه، تمزقه فلول نظام عهد بائد، يناور، يدبر لشق الصفوف، في ضراوة يمزق الحروف، ويا لها من سيوف تغرز في الصدور، تخلف المآسي وتنهال الدموع، زرع حقولا من الحقد والخوف، مخادع، يوهم الجموع بالمحبة والتحاور بقوافل الكلام والخطب، أخفي السر وأسرف في بذخ، أضاع الاخوة خلف الطيش والبطش، يراوغ والنصل في الأكف،أردي الأبناء، فسقطوا صرعي في الميدان، نظام وأد أربعة عشر قرنا من المحبة، وأد الطموح، وباتت الهموم وموجات العنف تظلل سماءنا، وطن يلجم من عقود سافرة، فاستعذب الفتن وتطاير من الأعين الشرر، والشعب لا يملك إلا الحديث عن الكفاح القديم يستلهم العبر، يردد في كل مجلس أن لكل منا شريكا في الأرض، والهرم وكعك العيد، والنهر وزميل المدرسة، لكن الانكسار في القصيدة والأحرف أنياب مهينة نقول: دم أحمد ومرقص، ودم عرفات ويا بطرس في سينا كان عنوان، وطوبي للإنسان الباحث عن النسيان، والجمرة تحت الرماد، والزورق مكسور الشراع، هذا قدرنا ننتظر ونرقب الشمس، علها تشرق في المغيب، تمحو الضباب، ها هو درب الثورة يعانق النهار ولم نعد نشكو الجراح، وأنت يا منبع الضياء، وكوكب المساء بالحكمة مددت الجسور وبالمحبة تلطف الأجواء، والصلاة تجلو الأعماق، تضيء خيوط الظلام حين تتعثر الخطوات، تروي ظمأ الروح، فكلام الله قيم وأخلاق سمحاء، صلواتك زورق يحمينا من مخالب الاعصار فاستجاب الله للدعاء ولم يطل الانتظار لنرسم في الأركان وفوق الجدران علما بدم الشهداء أحمد ومينا، جميانة وجيان، دم سطر الكرامة، سطر الخلود للأوطان. الحبر الجليل، يا عيون النهار، ونخلة تهوي الارتفاع، يا طلعة الفجر الندي وحبنا الأبدي، نرسمك وطنا فجرا يا وردة البلاد، أنت قنديل سلام وقربان، قصيدة الشعر والمواويل، سوف تبقي لنا الظل الظليل.