تتعالى أصوات القوى السياسية والثورية المطالبة بإلغاء تشكيل الأحزاب على أساس دينى، مؤكدة أنها سبب النكسة التى يعيشها الشعب المصرى الآن، وعامل رئيسى فى شق صف الشعب المصرى إلى فريقين أحدهما يرى أنه يدافع عن الشرع والشريعة، ويرى فى ممارسات الأحزاب الأخرى كفراً وهجوماً على الإسلام وكما حققت الشعارات الدينية لتلك الأحزاب إبان تأسيسها قاعدة شعبية عريضة، كانت تلك الشعارات سببا فى نهايتها وانقلاب الشعب بأكمله عليها، بعد أن انتهجت تلك الأحزاب منطق: «من ليس معنا فهو ضد الإسلام» وبدأوا فى إطلاق العنان لعبارات التكفير والإلحاد، وهو ما أثار حفيظة الشعب المصرى الذى انتفض ضدهم ورفض فكرة المتاجرة بالدين، ومع بدء أعضاء اللجنة التأسيسية التى كلفها الرئيس المؤقت عدلى حسين فى عملها، يبقى فتح ملف تلك الأحزاب الدينية، ضروريا لمعرفة مستقبل تلك الأحزاب، وفى مقدمتها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب النور والوطن وكافة الأحزاب التى تشكلت على مدار العام الماضى. يقول الدكتور شوقى السيد، أستاذ القانون الدستورى: «الكارثة التى نعيشها اليوم سببها قيام أحزاب سياسية على أساس دينى بشكل فاضح، وهو ما سمح لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وكل الأحزاب التى تعمل تحت لواء الدين فى القيام بتلك الانتهاكات، وهى سبب إثارة النزعة الطائفية، والترويع والتهديد وكل هذا مؤصل فى تاريخ الجماعات الإسلامية، وقد كشف عنه بوضوح وزير الداخلية عبدالرحمن عمر سنة 48، عندما وصف وعدد جرائم جماعة الإخوان التى ارتكبوها، وكيف انتكست الأوضاع فى البلاد عندما استغل الدين فى السياسة، وتصارعت جماعة الإخوان على الحكم وتركت العمل والدعوات الخيرية وتفرغت للأعمال السياسية. وأكد السيد أن قانون إنشاء الأحزاب السياسية قبل تلاعب الإخوان به يمنع إنشاء أحزاب على أساس دينى، وأن ما أثبته الواقع العملى لتحركات الأحزاب الدينية فى ممارستها السياسة أدى الى ثورة الشعب المصرى عليها بعد وانتهت إلى أعمال عنف نخسر منها شباب مصر الأبرياء. واستطرد: «هناك فارق بين العمل الدعوى والعمل السياسى، والشعب المصرى متدين بطبعه ولا يجوز استغلال ذلك من أجل تحقيق مطامع الوصول إلى السلطة، موضحا أن الأحزاب السياسية هى أحزاب تقوم على برامج سياسية، متنافسة من أجل الوصول إلى الحكم مستشهدا بالإمام محمد عبده عندما أسس أول حزب وشدد فيه على أنه حزب مدنى وأنه يضم كافة أطياف الشعب المصرى. وشدد أستاذ القانون الدستورى على ضرورة وضع فى الدستور الجديد مبدأ يفصل بين السياسة والدين دون مراوغة أو مجاملة لأى فصيل سياسى، لأن مصلحة الوطن فوق الجميع لافتا إلى أن محكمة القضاء الإدارى سوف تنظر أوائل الشهر القادم، الدعوى القضائية التى أقيمت أمامها وطالبت بإصدار حكم قضائى بمنع الأحزاب ذات المرجعيات الدينية من العمل السياسى لمدة 20 عاما متصلة، وأن الدعوى تطالب بمنع جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة وأحزاب الوسط والسلام والبناء والتنمية وجبهة الإصلاح وحزب الفضيلة والحزب الإسلامى من العمل السياسى أو المشاركة فى الانتخابات الرئاسية والتشريعية. إلى ذلك طالب محمد عبدالنعيم رئيس الاتحاد الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة الرئاسة والقوات المسلحة بحل جماعة «الإخوان المسلمين» ورجوعها مرة أخرى إلى جماعة محظورة بسبب أعمال العنف والإرهاب التي شاهدتها البلاد مؤخراً على يد التنظيم الدولي للإخوان، مضيفاً: «بعد تفويضنا للقوات المسلحة لمواجهة الإرهاب بمنع وجود أحزاب دينية وطائفية وتقديم مرسى ومكتب الإرشاد بالكامل إلى محاكمة وإعلان جرائمهم للرأي العام، وكذلك تجريم قاطع وواضح لاستخدام دور العبادة في السياسة والانتخابات وجمع السلاح من الشارع وأخذ إجراءات صارمة ضد حامليه. من جانبه قال وحيد الأقصرى، رئيس الحزب العربى الاشتراكى: «إن إلغاء الأحزاب ذات المرجعية الدينية مطلب قانونى وارد فى القانون رقم 40 لسنة 1977 والمسمى بقانون الأحزاب السياسية، وأنه حينما وضع الدستور الإخوانى كانت توجد فقرة إنشاء الأحزاب على مرجعية دينية، ولكن ظل القانون كما هو ساريا، ومن ثم فإن نشأة الأحزاب على مرجعية دينية، لن يحدث لعدة أسباب منها ما تجرعته مصر والمصريون على مدار العام الماضى من ممارسات تلك الأحزاب وتابع: «أعتقد أن لجنة الأحزاب السياسية القديمة التى وافقت على تأسيس تلك الأحزاب والمكونة إبانها من 10 مستشارين قد ارتكبت جريمة لن يغفرها التاريخ وأكد الأقصرى أن الشعب وكافة الأحزاب السياسية والثورية تطالب بمنع تشكيل الأحزاب على أساس دينى، لأن ذلك يؤدى إلى شق صفوف المجتمع، وجعلت هناك من المسيحيين من يريدون أن يحاربوا تلك الأحزاب التى تسعى لإقصائهم واعتبارهم كغرباء يدفعون الجزية، وهو ما أدخل البلاد فى دوامة لم تخرج منها إلى الآن، وسيروح فيها آلاف الأبرياء ثمنًا لتجار الدين. وعلى نفس الصعيد كشف محمد عادل القيادى بحركة 6 أبريل عن تقديم الحركة لعدة طلبات للجنة تعديل الدستور، التي شكلها الرئيس المؤقت للبلاد عدلي منصور، وذلك كي يتم تضمينها في التعديل الدستوري قبل طرحه على اللجنة المنوط بها مناقشة تلك التعديلات.. إن من أهم المواد التي ستتقدم الحركة بطلب تعديلها هو منع قيام الأحزاب الدينية، والسماح بحرية تكوين المنظمات السياسية بجوار الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية. وأكد عادل أنه حال حل الأحزاب التى شكلت على أساس دينى فسيفتح المجال أمام تطوير العمل السياسي والشبابي في مصر. المفكر القبطى جمال أسعد أكد أن دستور 71 يمنع تشكيل الأحزاب على أساس دينى، لأن ذلك يعنى إبطال وإفراغ المواد الخاصة بالمواطنة من مضمونها ويفتح الباب أمام التمييز بين المواطنين على أساس الدين، مما يهدد حقوق الأقباط وكافة الأقليات، وهو ما حدث بالفعل على مدار الأيام الماضية. وحمل أسعد المجلس العسكرى الذى أدخل فى التعديلات الدستورية للجماعات الإسلامية حق تكوين الأحزاب لكسب ودها وتأييدها المسئولية، لأنه أعطى الضوء الأخضر أمامها للقيام بتلك الممارسات الخاطئة. وتابع: «بعد خروج الشعب فى 30 يونيو ثم 3 يوليو، ومن بعدها فى 27 من نفس الشهر لتأكيد على شعبية ثورته، يجب أن يعى أن من أهم المتغيرات هو عدم وجود أحزاب ذات خلفية دينية، لافتا إلى فشل تلك الأحزاب فى القيام بدورها فى الفترة الماضية بسبب استغلالها لمشاعر التدين المتأصلة لدى الشعب المصرى من أجل تحقيق أهدافهم، مشدداً على أن الإسلام مصان فى مصر وأن الهجمة على الإسلام هى حملة كاذبة من قبل هؤلاء الأحزاب ليكسبوا مزيدا من التعاطف معهم. وحذر أسعد من ردود أفعال أعضاء تلك الأحزاب الديني هو أنها ستكون معركة ساخنة لأنها معركة بقاء وحياة أو موت بالنسبة لهم ومن ثم سيدفعون بكل ما أوتوا من قوة من أجل ضمان بقائهم.