بدأت مرحلة الثمار من الخطوات الأولى للمرحلة الانتقالية, التى ناضلت من أجلها القوى الوطنية والمدنية بشأن تعديل الدستور ورفض المواد التى وضعها نظام المعزول فى دستور 2012 من أجل رؤيتهم وأفكارهم الخاصة بهم فى إطار أحلام اليقظة التى كانوا يروجوا لها فى ظل وجودهم بالحكم. يأتى ذلك فى إطار انتهاء لجنة تعديل الدستور التى أصدر بها المستشار عدلى منصور الرئيس المؤقت قرارًا جمهوريًا بتشكيلها لتقوم بوضع التعديلات القانونية على الدستور المعطل, وتلقى المقترحات من الأحزاب والمؤسسات بشأن المواد المراد تعديلها فى الدستور القادم, خاصة فى ظل دعوات القوى السياسية نحو ضرورة كتابة دستور جديد. وتلقت اللجة حتى الآن اقتراحات لتعديل الدستور من أحزاب وقوى سياسية وحركات والتى تضمنت بشكل فعال المواد الخلافية التى عارضتها القوى المدنية فى ظل كتابة الدستور السابق، حيث روى د.أحمد دراج القيادى بجبهة الإنقاذ رؤيته لضرورة كتابة دستور جديد يتوافق مع المرحلة الثورية التى تمر بها البلاد خاصة بعد أن قام الشعب بإزاحة حكم الإخوان وعزل الرئيس محمد مرسى بعد أن سعت جماعة الإخوان نحو تحقيق مصالحها الشخصية على حساب مصالح وأهداف الثورة المصرية. وقال دراج:" إن هناك ورقة كانت قد تقدمت بها القوى المدنية والوطنية فى وقت سابق وموقفها معلن بشأنها", مؤكدًا على أن المواد الخلافية معروفة وعلى اللجنة الحالية أن تقوم بضم هذه التعديلات والمقترحات للانتهاء من هذه الأزمة وخروج الدتور معبرًا عن الأمة وليس طائفى كما كان فى عهد الإخوان. ووافقه فى الرأى د.باسل عادل القيادى بحزب الدستور الرأى مؤكدًا على أن الدستور المعطل طائفى ومشوه، وبالتالى لابد من كتابة دستور جديد يعبر عن الأمة دون النظر لأى حسابات أو رؤى لأحزاب مؤكدًا على أن كتابة دستور جديد ضرورية للخروج من الأزمة. وتستعرض "بوابة الوفد" المواد الخلافية فى الدستور التى طالبت القوى المدنية بضرورة تعديلها, والتى تأتى على رأسها المادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية والمادة 219 المفسرة لها التى آثارت جدلاً كبير فى الأوساط السياسية فى وقت سابق وعقب ثورة يناير. ويأتى نص هذه المادة كالتالى:"مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة"، وجاءت هذه المادة لتفسير المادة الثانية التي تنص على أن الإسلام دين الدولة، وسبب الاعتراض أنه لم يحدث في تاريخ الدساتير على مستوى العالم أن وضع في دستور مادة تفسيرية لمادة أخرى, حيث يرى د.جابر نصار عضو الجمعية التأسيسة, ورئيس جامعة القاهرة, هذه المادة سوف تؤدي إلى أزمات شديدة؛ لإن النظام القانوني المصري كان يأخذ بنظم قانونية متعددة، وكان يفتح آفاقًا على مذاهب إسلامية كثيرة، بينما أكد القيادى بحزب التجمع حسين عبدالرازق الذي أوضح أن المادة 219 حولت الدولة إلى دولة دينية، وتكاد تكون لبنة أولى لدولة ولاية الفقيه. وآثارت المادة الرابعة أيضًا فى الدستور المعطل جدلاً حيث جاء نصها(يؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية)، وهي من أبرز المواد التي لاقت اختلافًا، ومن أبرز المعترضين عليها حزب الجبهة الديمقراطي، ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور علي السلمي معتبرًا أن ما ورد في مشروع الدستور بشأن الأخذ برأي هيئة كبار العلماء بالأزهر في القضايا المتعلقة بالشريعة الإسلامية يذكرنا بولاية الفقيه في إيران، كما أنه يأخذ جزءًا من حق التشريع من البرلمان والتطبيق من القضاء، وأيده في ذلك الفقية الدستوري يحيي الجمل الذي اعتبر أن هذه المادة ''تصنع مرجعية كهنوتية''. وجاء المادة (10) من المواد الخلافية والتى كان نصها:" الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون" حيث يأتى السبب الرئيسي للاعتراض أنها مادة تفتح الباب للتيارات الدينية وجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتدخل في أساس المجتمع. ومن أبرز المعارضين لهذه المادة المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى الذي قال عن هذه المادة:" إنها تفتح المجال لإصدار قانون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يفرض قواعد أخلاقية معينة''، وهو نفس رأى الإعلامي ''حمدي قنديل'' الذي يعتبرها أن تفتح الباب أمام تنظيمات أهلية مثل:'' الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر'' للتدخل باسم حماية القيم الأخلاقية. وفيما يتعلق بمواد صلاحيات رئي الجمهورية آثارت جدلاً كببيرًا خاصة أنه هو رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية (مادة 132)، وهو يختار رئيس الوزراء (139)، ويضع السياسة العامة للدولة (140)، وهو المسئول عن الدفاع والأمن القومى والسياسة الخارجية (141)، ويرأس اجتماعات الحكومة التي يحضرها (143)، ويبرم المعاهدات الدولية (145)، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة (146)، وهو من يعين الموظفين المدنيين والعسكريين ويعزلهم (147)، ويعلن حالة الطوارئ (148)، ويعفو عن عقوبة المحكوم عليهم ويخففها (149)، ويدعو الشعب للاستفتاء (150)، وهو الذى يعين عشرة فى المائة من أعضاء مجلس الشورى (129)، ويعين أعضاء المحكمة الدستورية العليا (176) ويعين رؤساء الهيئات الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى (202)، ويرأس مجلس الأمن القومى (193). ومن أبرز المعترضين على هذه المواد المرشح الرئاسي السابق عمرو موسي الذي اعتبر أن هذه المواد تؤسس لحكم استبدادي، فيقول ''احتفظ بكل سلطات الرئيس في دستور عام 71 وزاد عليها سلطة تعيين رؤساء الهيئات والأجهزة الرقابية التي تراقب عليه''، وهو ما وافق عليه أستاذ القانون الدستوري والمنسحب من الجمعية التأسيسية الدكتور جابر نصار معتبرًا أن اختصاصات الرئيس زادت بشكل غير طبيعى خلال مسودة الدستور لتصبح 22 مادة بزيادة نحو 10 مواد، تشمل صلاحيات جديدة بخلاف الدساتير السابقة. ونالت مواد حرية الصحافة أيضًا نفس الجدل حيث كان هناك عدة اعتراضات على المواد الخاصة بحرية الصحافة خاصة المادة رقم (48) التي تنص على (حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة، وتؤدى رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأى العام والإسهام فى تكوينه وتوجيهه في إطار المقومات الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومى؛ ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائى، والرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام محظورة، ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة فى زمن الحرب أو التعبئة العامة) حيث لم تحظر المادة عقوبة الحبس في جرائم النشر، وعدم تحديد المقصود بمقتضيات الأمن القومي. وآثارت أيضًا مواد المحكمة الدستورية حالة من الجدل، حيث اعترض بشدة حزب الجبهة على موادها بالدستور حيث رأى الحزب أن مواد الدستور (176، 177، 178) تقلل من اختصاصها المحكمة الدستورية خصوصا المادة 176 التي تنص على (تشكل المحكمة الدستورية العليا من رئيس وعشر ة أعضاء، ويبين القانون الجهات والهيئات القضائية أو غيرها التى ترشحهم، وطريقة تعيينهم، والشروط الواجب توافرها فيهم، ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية) خاصة أنه تم تقلص عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا من 18 إلى 11 عضوًا، ويعينهم رئيس الجمهورية، وهو ما يعنى -بحسب الرافضين للمواد- التعدى على الجمعية العمومية للمحكمة، ويقضي على استقلالية أعلى مراتب السلطة القضائية. وحظيت المادة (70) : بجدل وخلاف شديد التى كان نصها (يحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن الإلزام التعليمي في أعمال لا تتناسب معه أو تمنع استمراره في التعليم)، وهي مادة قيل إنها تخالف المواثيق الدولية لحقوق الطفل، ومن أبرز المعارضين لهذه المادة الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، وحزب الجبهة الديمقراطي؛ حيث يطالب الحزب تحريم تشغيل الأطفال على الإطلاق. وبشأن القوات واجهت المواد الخاصة بها عدة اعتراضات كان أبرزها من نصيب المادة 198 التي تنص، على '' لا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكري إلا فى الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة؛ ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكري الأخرى'' حيث يأتى سبب الاعتراض على أنها تتعارض مع المادة 75 التي تنص على (لا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعى)، وتعترض عدد من الأحزاب والحركات على هذه المواد من ضمنها حزب مصر القوية.