لماذا هذه الضجة علي عزل رئيس لمصر بعد عام واحد من توليه السلطة بسبب فشله الذريع في ادارة شئون البلاد؟.. وهل هو الحاكم «الشرعي» الوحيد الذي يتم عزله في مصر الحديثة؟! ليس د.محمد مرسي الوحيد من بين حكام مصر الذين تم عزلهم.. سواء كان من عزله هو سلطة أجنبية، أو سيادة عثمانية، أو سلطة شعبية أو ممثلة في القوات المسلحة التي خرجت من ضمير هذه الأمة.. فلماذا هذه الضجة الكبري.. ولن نتحدث هنا عن حكام لدول خارجية تم عزلهم، مثل ريتشارد نيكسون في الولاياتالمتحدة.. أو في معظم دول أمريكا اللاتينية.. أو حتي في الدول الآسيوية أو الاسلامية، أو حتي العربية.. وما أكثر من تم عزلهم في افريقيا.. ولكننا نقصر حديثنا اليوم علي حكام لمصر.. تم عزلهم، مهما تغيرت الأسباب أو اغتيالهم. ** يعتبر عباس الأول أول حاكم شرعي لمصر في العصر الحديث يتم قتله وهو داخل قصره..فقد ولد عام 1813 وتولي الحكم في عهد جده محمد علي وذلك بعد وفاة عمه الأكبر ابراهيم باشا.. وذلك عام 1848 واستمر في الحكم الشرعي حتي تم قتله في قصره في بنها عام 1854. فقد كان متوحشاً حاول ارجاع مصر إلي الوراء.. ثم كان الخديو اسماعيل أول حاكم شرعي لمصر يتم عزله عام 1879 بعد ان حكم مصر 16 عاماً، أي من عام 1863 وضغطت أوروبا علي السلطان العثماني لعزله بسبب تعثره المالي.. ومات في اسطنبول عام 1895 عن 65 عاماً وهو الذي حاول استكمال مشروع جده محمد علي للنهوض بمصر وقد ولد في عز مجد جده محمد علي عام 1830. ** وكان الخديو عباس حلمي الثاني هو ثاني حكام مصر الشرعيين الذين عزلوا ولكن بإرادة انجليزية هذه المرة وذلك عام 1914 بعد أن حكم مصر 23 عاما من عام 1892 بعد وفاة والده توفيق.. وفي رأيي أن هذا الحاكم كان من أفضل حكام مصر. ففي عهده تم انشاء خزان أسوان عام 1902 ثم التعلية الأولي لنفس الخزان عام 1912. وكذلك معظم الكباري الأساسية علي النيل مثل كوبري عباس من الجيزة إلي المنيل والملك الصالح وكوبري أبو العلا علي نيل بولاق.. ثم في عهده بدأ انشاء الجامعة الأهلية المصرية «القاهرة الآن» وشهد عهده انشاء المتحف المصري في ميدان التحرير. وشهد عهده أيضاً بداية عصر التنوير وظهور مصطفي كامل وقاسم أمين ولطفي السيد وغيرهم.. ولو لم يعزله الانجليز لتغير وجه مصر لأنه مات عام 1944.. وهو المولود في عصر جده العظيم الخديو اسماعيل عام 1874. ** ونصل إلي عهد الملك فاروق الذي تولي حكم مصر عام 1936 وهو المولود عام 1920. ولكن الجيش المصري قام بعزله عن العرش يوم 26 يوليو 1952 بعد أن حكم البلاد 16 عاما ثم توفي في المنفي بايطاليا عام 1965.. وتم العزل بإرادة الأمة وخرج الشعب مؤيداً للعزل الذي تم بإرادة جماعية تماما كما حدث مع الرئيس محمد مرسي. وجاء بعده ابنه الملك الطفل أحمد فؤاد الذي ولد في يناير 1952. ولم يستمر وهو الملك الطفل حاكما شرعيا لمصر إلا الفترة من 26 يوليو 52 وحتي 18 يونية 1953، أي أقل من عام.. ** ثم جاء محمد نجيب ليصبح أول رئيس «شرعي» للجمهورية.. عقب إسقاط حكم أسرة محمد علي في 18 يونية 1953.. وكانت مدة حكمه صغيرة.. إذ سرعان ما عزله مجلس قيادة الثورة.. في فبراير 1954 وكان عزله بناء علي تقديمه استقالته لمجلس قيادة الثورة. وبسبب شعبية نجيب إذ كان رمزاً للثورة قبل المجلس عودة نجيب رئيساً للجمهورية بعد ثلاثة أيام فقط، أي يوم 27 فبراير 1954. أي هو الرئيس الوحيد الذي عاد لموقعه ولكن بإرادة أغلبية الشعب، وليس بإرادة فصيل واحد كما يحاول الآن «الاخوان» وهو بذلك أي نجيب الحالة الوحيدة في تاريخ مصر الحديث الذي يعود فيها حاكم إلي عرشه.. إلي أن تم اعفاء محمد نجيب من رئاسة الجمهورية يوم 14 نوفمبر 1954 ثم سرعان ما تم انتخاب جمال عبدالناصر رئيساً للجمهورية في 23 يونية 1956. ** وتتوالي الأحداث. ويلقي الرئيس الشهيد أنور السادات مصرعه علي أيدي الجماعات الإرهابية يوم 6 أكتوبر 1981 ويتم انتخاب نائبه حسني مبارك رئيساً للجمهورية بعد أيام.. ويظل يحكم مصر حتي يوم تنحيه عن العرش مساء 12 فبراير 2011 ولم تتحرك أي قوة لا داخلية ولا خارجية تدافع عنه.. بعد أن حكم البلاد أكثر من 30 عاماً وصار بذلك أطول حكام مصر الحديثة في الحكم..بعد محمد علي!! ** ولكن شتان بين الشعب زمان.. والشعب المصري الآن. فلم يعد هذا الشعب يخشي أحداً.. خلاص انكسرت شوكة الحاكم المطلق. ولذلك عندما اكتشف هذا الشعب خديعة الاخوان.. ثاروا عليهم وأسقطوا رئيس الجمهورية الاخواني.. واليوم الجمعة يؤكد الشعب إرادته الكبري عندما يخرج ليفوض قواته المسلحة باتخاذ ما تراه لمصلحة الوطن والأمة.. ** وأبداً لن تعود عقارب الساعة إلي الوراء.. مهما فعل عقارب الاخوان.