قالت مجلة " فورين بوليسى" الأمريكية أن الفرصة الآن مواتية لأمريكا لوقف المساعدات المالية والعسكرية لكل من مصر وإسرائيل . وأشارت المجلة فى مقال للكاتب"ستيفن والت" إلى أن فن الحكم في بعض الأحيان يقوم على الانتهازية، وبما أنه لا تستطيع أى حكومة أن تتوقع كل تطور وتحول في السياسة العالمية، فعليها أن تغتنم الفرص وتقدم المصلحة الوطنية في، ظروف جديدة غير متوقعة. وأضافت :" هذا هو الحال مع الاطاحة الأخيرة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر ، فهذه فرصة للولايات المتحدة أن تفعل شيئا كان ينبغي أن يتم منذ وقت طويل - أي إنهاء حزم المساعدات العسكرية غير المبررة لمصر وإسرائيل. في جوهرها، وفى ضوء المستوى الحالي من المساعدات الأمريكية لمصر وإسرائيل لا يمكن تسميتها سوى انها رشوة يعود تاريخها إلى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، حيث طالبت إسرائيل بالالتزام بالمساعدات طويلة الأجل في مقابل الانسحاب من سيناء، التي احتلتها منذ حرب الأيام الستة عام 1967. وحصلت مصر على المال كمكافأة لصنع السلام وإعادة تنظيم العلاقة مع الغرب، وقدمت الولاياتالمتحدة مجموعة من الالتزامات الأخرى كجزء من هذه الصفقة، وأشارت المجلة إلى أن الأحداث الأخيرة فرصة مغرية لإستعادة حرية الولاياتالمتحدة فى العمل. دعونا نبدأ مع مصر، يحظر القانون الامريكي على الحكومة الأمريكية تقديم المساعدات لأية حكومة قفزت على السلطة نتيجة انقلاب عسكري ، وهذا هو بالضبط ما حدث للتو في مصر. لذلك إذا كنت تعتقد في سيادة القانون، يتعين على الولاياتالمتحدة أن تنهى برنامج مساعداتها. ولفتت المجلة الى ما كتبه الكاتب "روبرت رايت" في 8 يوليو على صفحته فى موقع "تويتر" ، حيث قال أنه من الممكن تحويل برنامج المساعدات العسكرية الحالية إلى شيء أكثر فائدة، مثل المعونة الغذائية ، مشيرا الى أن آخر ما تحتاجه مصر هو المساعدات المالية التى يحصل عليها الجنرالات والدبابات أو ناقلات الأفراد المدرعة والطائرات ، وهى اسلحة ليست مفيدة لحفظ النظام العام. وقال ما تحتاجه مصر هو حكومة فعالة بشكل أكثر، وأقل فسادا، وزيادة فى النمو الاقتصادي، وانخفاض أسعار المواد الغذائية والمياه وتوفير إمدادات الطاقةوغيره من احتياجات المواطنين. واكدت المجلة أن الانقلاب هو فرصة لإنهاء برنامج المساعدات المستمرة منذ زمن طويل بلا فائدة حقيقية ، والولاياتالمتحدة يجب أن تغتنمها. وقالت المجلة إنه بالنسبة لإسرائيل. في هذه المرحلة ليس هناك سبب استراتيجي مقنع بالنسبة لإسرائيل لتلقي من 3 مليارات إلى 4 دولاردولار من المساعدات الامريكية سنويا (أكثر من ذلك في أشكال مختلفة من المساعدات العسكرية). إسرائيل ليست دولة فقيرة؛ نصيب الفرد من الدخل ما يقرب من 30 الف دولار في السنة، وهى تحتل المرتبة الأعلى ضمن 30 دولة في العالم على هذا المؤشر. كما ان إسرائيل الآن هى القوة العسكرية المهيمنة في المنطقة ، وعلينا ان نتذكر أن إسرائيل فازت فى حروب عام 1948، 1956، و 1967 . ورغم ان مصر وسوريا شنتا هجوما مفاجئا ناجح بشكل مذهل في أكتوبر عام 1973، إلأ أن إسرائيل في نهاية المطاف كسبت كل ما تريد . وفي الأيام القديمة السيئة عندما كان أعداء إسرائيل من العرب يحصلون على الكثير من المساعدة من الاتحاد السوفيتي ، كان هناك مبرر للمساعدات ، ولكن الآن مختلف جيران إسرائيل هم أضعف بكثير اليوم مما كانوا عليه. (ويكفى الاشارة الى وضع سوريا والعراق الآن)، كما ان لدى إسرائيل أيضا الرادع النهائي في شكل أكثر من مائة رأس نووية. وذلك بدلا من المساعدات العسكرية الامريكية الى لا تحتاجها إسرائيل حاليا ، والتى تعتبر فقط إعانة غير مباشرة لصالح المستوطنات التى تعارضها الولاياتالمتحدة، ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تقدم لإسرائيل مبلغ مساو من المساعدات، شريطة أن توافق على استخدام المال لبدء تفكيك المستوطنات في الضفة الغربية والسماح للفلسطينيين بإقامة دولة قابلة للحياة خاصة بهم على هذه الأراضي. وذلك من شأنه أن يكون متسقا مع الهدف المعلن من الولاياتالمتحدة "دولتين لشعبين". وباختصار ان هذا التحول يسكون مفيدا جدل لشعبى الدولتين ، مصر واسرائيل ، كما انه سيكون مفيدا بالنسبة لتحسين صورة امريكا فى المنطقة كونها داعمة جدا لإسرائيل التوسعية وداعمة جدا للدكتاتوريات العربية التي لا تحظى بشعبية. ولكننا نعلم جميعا أن استجابة معقولة لمثل هذا الاقتراح ، قد تكون صعبة ، حيث أن الدافع وراء سياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط قد لا يبدو فى بعض الأحيان من خلال حسابات عقلانية للمصلحة الوطنية أو من الرغبة في جعل الولاياتالمتحدة أقوى وأكثر أمنا، أو أكثر ازدهارا. ليست حتى مدفوعة من قبل الاعتبارات الأخلاقية، بالنظر إلى أن الولاياتالمتحدة ما زالت تقدم الدعم السخي للحكومات التي ترتكب بصورة روتينية انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو إنكار الحقوق السياسية للملايين من الناس. بدلا من ذلك، يتم دفعها في الغالب من قبل السياسة الداخلية، ولا سيما القوة السياسية من منظمة "إيباك" اللوبي الإسرائيلي.