أنا مع من يرون ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة.. حتي يعود الاستقرار سريعاً إلي رحاب الوطن، ولكنني في الوقت نفسه أتمني أن نحسن اختيار الوزراء.. وربما نجد أعذاراً عديدة أمام عملية التشكيل الحالية.. ولكن بقاء البلاد بلا حكومة فعلية يعني مزيداً من القلق. ونعلم أن هناك شخصيات محترمة ترفض الاشتراك في الوزارة الجديدة.. ولكن في المقابل هناك حزب «عبده مشتاق» الذي يحلم بالأبهة وكشك الحراسة وقوافل السيارات.. حتي الزوجات هناك من تحلم بصفة «حرام معالي الوزير».. ولكن الحكومة الجديدة عليها أعباء شديدة الحساسية والجهد والعرق.. لأنها سوف تتولي تأسيس القواعد السلمية للبلاد في هذه الفترة الانتقالية، قصرت أم طالت. فهي التي ستتابع إعداد التعديل الدستوري المرتقب، الذي كنت أتمناه ليس تعديلاً بل دستور جديد بالكامل.. تكون من أهم مواده عدم السماح بقيام أحزاب علي أساس ديني.. ثم هي التي ستتولي الإشراف علي الانتخابات البرلمانية.. ثم انتخابات الرئاسة وكم أتمني أن تظل الحكومة في الحكم والسلطة إلي أن تتم كل هذه الخطوات الرئيسية، أي تنفيذ خريطة الطريق ولا نري تعدداً في الحكومات.. فتذهب حكومة بسبب الخلافات وتجىء أخري بسبب التمنيات. ولكنني أري أن تكون معظم أعضاء الحكومة المرتقبة هم من التكنوقراط.. أي ممن يفهمون.. وليسوا فقط من أصحاب الثقة.. الذين أضاعوا فرصاً كبري لتطوير البلاد. وما دمنا كلفنا الدكتور الببلاوي برئاسة الحكومة - وهو من جيلي - أي يقترب من الثمانينيات.. وما دام الاتجاه حتي الآن هو اختيار الخبرات، وهذه تحتاج إلي شخصيات كبيرة في السن - علي الأقل في هذه الفترة الانتقالية فإنني أقترح اختيار عدد كبير من شباب ثورة تمرد، شباب ثورة 30 يونيه ليكونوا نوابا للوزراء الجدد. ليس فقط في الوزارات الشبابية.. ولكن أيضاً في وزارات السيادة حيث يعمل بجانب الوزير، وزيران أو أكثر من الشباب.. وأن يكونوا باختصاصات محددة.. وليسوا مجرد تمثيل ثوري وأن تسند إليهم ملفات هامة كل في وزارته.. وهؤلاء يجب ألا يزيد عمرهم عن الخامسة والثلاثين. وإذا كنا أمام حكومة عدد وزاراتها ما بين 25 و30 وزيراً أسياسياً.. فإننا نطالب بأن يكون معهم من نواب - كلهم من الشباب - عدد لا يقل عن 60 نائبا للوزراء.. لكي يتم تدريبهم علي إدارة شئون البلاد وأن تكون لدينا في المستقبل صحبة طيبة ومتعددة من هؤلاء النواب الوزراء يصلح كل منهم ليصبح وزيراً في المستقبل القريب.. وهنا يجب أن يتعامل معهم الوزراء الأساسيون من كبار السن بكل الجدية والإعداد وألا يخشي الوزير الأساسي من أن يرثه سريعاً أحد هؤلاء الشباب من نواب الوزراء.. وللأسف فإن في مصر من الناس من يخشي ذلك طمعاً في أن يطول عمره.. الوزاري.. وإذا كان منصب وكيل الوزارة الدائم يتم اختيار شاغله بحكم الاقدمية، وهو وباء مصري قديم.. فلماذا لا توجد بجوار وكيل الوزارة «العجوز» أربعة من متوسطي السن وأيضاً أقل من الأربعين عاما ليكونوا وكلاء مساعدين، وألا تصبح درجة الوكيل مجرد درجة مالية.. مكافأة لمن يشغلها قبل خروجه إلي المعاش!، وهنا أري عودة درجة الوكيل الدائم للوزارة، الذي يعرف كل شىء.. ليدير الأمور الفنية ويترك السياسات العليا للوزير.. مع نائب الوزير الشاب.. وكم أتمني ألا يدخل الحكومة الجديدة أي ممثل للأحزاب الحالية أو التيارات السياسية لأن هؤلاء سوف ينقلون خلافاتهم الحزبية والسياسية إلي الحكومة التي نريدها أن تنطلق وبسرعة.. ثم ماذا يعني وجود وزير مثلاً يمثل هذا الحزب أو ذاك.. ونحن نعرف كم تتعدد الأحزاب الآن في مصر وكم تختلف. ولذلك نريدها «حكومة إدارة» لأن المشاكل التي صنعها الإخوان رهيبة.. وعلينا أن نجنبها كل المشاكل الحزبية.. لتعبر الحكومة بنا هذا الخندق الرهيب الذي صنعه الإخوان بسبب ضيق أفقهم.. وهم إن كانوا قد خططوا له أكثر من 80 عاما للوصول للحكم.. إلا أنهم لم يخططوا ولم يضعوا ما يقدمونه للشعب، بعد أن يجلسوا إلي كراسي الحكم. ويا دكتور ببلاوي.. أعانك الله علي بلاوي كل المصريين.