أسعدتني بشدة المبادرات العربية لدعم الاقتصاد المصري المنهار.. انشرح قلبي وأنا أستمع لحاكم الإمارات الشقيقة، الذي قال إن بلاده ستقتسم لقمة العيش مع مصر والمصريين.. لم أستغرب ذلك من «نجل» الشيخ زايد رحمة الله عليه وطيب ثراه الذي كان يعشق مصر والمصريين، وهو الذي قال كلمته الخالدة في حرب أكتوبر 73 إن البترول العربي لن يكون أغلي من الدم العربي، وقاد العرب بأكملهم لقطع إمدادات البترول عن أمريكا وأوروبا وكافة الدول الداعمة للكيان الصهيوني، فكيف نستغرب أن يأتي نجله اليوم ليعيد سيرة أبيه، حكيم العرب وزعيمهم. أما السعودية ذلك البلد الحبيب، الذي يحمل له المصريون مشاعر لا توصف من الجلال والاحترام، لم لا وهي بلد الحبيب المصطفي صلوات الله وسلامه عليه وهي البلد الوحيد في العالم الذي يصبح «قسماً» لدي المصريين بمجرد زيارته فيقول المصري «وحياة حجتي»، وآخر يقول «وحياة من أمسكت شباكه» كناية عن المسجد النبوي الشريف. أما الكويت التي ساهم المصريون في إعادته لشعبه بعد أن سطا صدام حسين عليه واغتصب أرضه وماله فها هو يقدم المبادرات بحزمة مساعدات لمصر، وشعبها واقتصادها. وكذلك ليبيا التي شاركت مصر في الربيع العربي قدمت وستقدم المساعدات والمنح والقروض للشعب المصري. وحتي الأمير القطري الشاب تميم فقد أعلن الرجل أن مساعدات بلاده للاقتصاد المصري لن تتوقف لأنها لم تكن - حسب قوله - مرتبطة بشخص الحاكم، وإنما كانت لشعب مصر.. الله.. الله يا عرب.. الله الله يا أولاد كنعان.. هذه هي الأصالة.. هذه هي الرجولة والنخوة العربية كما ينبغي، فهذه الدول الشقيقة شعرت بأن الشقيقة الكبري مصر تعرضت لمحنة مرضية شديدة استمرت عاماً كاملاً.. تسلل المرض اللعين إلي جسدها فأنهكه وأزال شكلها ومحا جمالها.. هؤلاء شعروا بأن أمهم الكبري مصر في حاجة للدعم والعون بالمال وبالقلب وبالمشاعر، فلم يتأخروا عنها، ولبوا النداء فوراً، وفي أيام قليلة وصلت حزمة المساعدات العربية للاقتصاد المصري لما يقرب من 15 مليار دولار أي ثلاثة أضعاف قرض صندوق النقد الدولي الذي «حفيت» أقدامنا عليه ومع ذلك فشل النظام السابق في الحصول عليه نظراً لحالة الانقسام والتشرذم التي صنعها بالمجتمع المصري. قد يسأل سائل: لماذا كان الأشقاء العرب يمتنعون عن دعم مصر في ظل الاحتلال الإخواني الغاشم الذي ابتليت به مصر؟.. فأجيبكم: جميع الأنظمة العربية تنظر لجماعة الإخوان علي أنها «عصابة» أو تنظيم إرهابي، يتواجد في بلادهم كالخلايا السرطانية التي ينبغي مقاومتها واستئصالها من جذورها لمنع انتشارها في بقية الجسد العربي، فعندما تأتي هذه العصابة وتصل للحكم في بلد عربي شقيق كمصر، وهي دولة كبري ومحورية فلابد أن تشعر جميع الأنظمة العربية بالتوجس والخوف من دعم هذه العصابة، حتي لا تستقوي عليها «أفرع» هذه العصابة المقيمة علي أرضها، وتفكر وتدبر للإطاحة بالأنظمة الحاكمة، من أجل هذا كان الحصار الاقتصادي الرهيب الذي فرضته كافة الدول العربية علي حكم العصابة في مصر، وهو أمر مفهوم ويقبله العقل، لأن الشعب المصري هو الذي أتي بهذه العصابة إلي سدة الحكم، لكن ذلك لا يعني أن يفرض هذه العصابة علي العرب، أما الآن وبعد أن ذهبت هذه العصابة إلي الجحيم بدأت المليارات العربية تنهال علي مصر كمطر شهر طوبة، وبدأنا نشعر بدفء الحضن العربي مرة أخري، فأهلاً بأولاد كنعان.. أهلاً بعشاق مصر والعارفين بقدرها ومكانتها في قلوب الشعب العربي بأكمله.