تبدو الحالة الكارثية الراهنة التي وصل إليها الإعلام المصري سواء كان إعلاماً حكومياً مملوكاً للدولة أو إعلاماً خاصاً مملوكاً للأفراد، تبدو حالة مثيرة للقلق ومثيرة للحيرة في الوقت نفسه، أما إثارة القلق فهي تكمن في كم الإثارة والانفلات وعدم الموضوعية في التناول الإعلامي لقضايا الوطن من جانب القنوات الخاصة، أما الحيرة فمبعثها ما وصل إليه حال الإعلام الرسمي من ترهل إداري وغياب الرؤية وندرة الإنتاج الإعلامي المسموع والمشاهد مما أدي إلي انصراف وتحول المستمع والمشاهد إلي الإعلام المنافس ووقوعه فريسة ما يذاع فيه سواء بالحق أو الباطل. وتعود حالة الحيرة والفشل في منظومة الإعلام الرسمي إلي ثلاثة أسباب رئيسية: أولاً: غياب الرؤية وبالتالي غياب التنظيم الذي يجسد هذه الرؤية في صورة خطط قريبة المدي واستراتيجيات بعيدة المدي. ثانياً: التمدد الإداري والفني المتمثل في الكم غير الضروري من الإذاعات والقنوات مما شكل عبئاً إدارياً وفنياً وبشرياً وبما لا يسمح بعمل مستويات قياس الجودة الإعلامية بالصورة المتعارف عليها عالمياً. ثالثاً: غياب المعايير المهنية في قبول العاملين في الإعلام مما أدي إلي الضعف المهني المزري في الإعلام الرسمي. رابعاً: غياب التدريب مما أدي إلي عدم متابعة الحداثة وتنمية المهارات والمهنية اللازمة لمواكبة المتغيرات الهائلة في الإعلام. إذن ما الحل لهذه المشكلات خاصة أن الإعلام الرسمي وماسبيرو يمثلان قيمة تاريخية وأخلاقية ومجتمعية مهمة للغاية للدولة المصرية، الحل يتمثل في ثلاث خطوات مهمة يحدد لها وقت أو بعد زمني لا يتجاوز ستة أشهر: أولاً: الهيكلة، ثانياً: التقييم، ثالثاً: الفصل، بالنسبة للهيكلة، لابد أن يتم خلال وقت محدد البدء في الهيكلة المالية والإدارية للإعلام الرسمي وتصميم ميزانية اقتصادية تواكبها هيكلة إدارية تراعي الاحتياجات الضرورية للتشغيل الاقتصادي مع مراعاة الأجور وإنتاج البرامج بالتكلفة الحقيقية ثم المحاسبة والتقييم. ثانياً: تشكيل لجنة عليا للتقييم والمقصود بالتقييم عملية فرز واختيار وتطبيق المعايير المهنية لكل من يعمل بدءاً من القيادات الإعلامية حتي المبتدئين وتتكون اللجنة من خبراء إعلاميين مشهود لهم بالحيدة والنزاهة ويتبع ذلك إعادة تدريب إعلامي لكل من يتصدي للعمل تدريباً لغوياً وتعاوناً تكنولوجياً مع تحديث المعدات ممثلة في أجهزة البث والإرسال والتسجيل. ثالثاً: الفصل بين الإنتاج الفني (غنائي درامي والإنتاج الإعلامي). أي الفصل بين قطاعات إنتاج الأغنية والدراما لاختلاف العمل والإنفاق عن الإنتاج الإعلامي الذي يشترط السبق والملاحقة والآنية ومن هنا يجب الفصل بين (الإذاعة والتليفزيون والأخبار) وقطاعات الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي. رابعاً: الفصل المالي والإداري بين الإذاعة والتليفزيون، وقد تم هذا في دول عديدة مثل تونس والكويت والإمارات العربية. خامساً: البدء علي الفور وخلال وقت محدد في إعادة النظر في ساعات البث المهدرة من الإذاعة والتليفزيون وإعادة توظيف هذه الساعات لتكون ساعات منتجة.