استكمالاً لما تناولناه الأسبوع الماضى تعليقاً علي مواقف المذيعة رولا خرسا، نعرض في هذا المقال لموقف آخر يبدو غريباً منها، ذلك أنها علي إثر مشاهدتها لتغريدة علي شبكة التواصل الاجتماعي مليئة بالسخرية تهنئ فيها الناصريين بذكرى هزيمة 5 يونية 1967، انتفضت الإعلامية الشهيرة بهدوئها واتزانها وتوازنها واندفعت بقوة حاملة سيفها الإعلامى، وامتطت جواد قناتها الفضائية لمنازلة الفلول الرافضة لمُلهم عصره وزمانه.. جمال مثال الوطنية!.. وفي غمرة الهوى والهوس الناصرى جعلت منه ومن مصر وشعبها وجيشها شيئاً واحداً، فانتقاد عبدالناصر انتقاد لمصر ولجيشها ولشعبها!.. والهزيمة المُنكرة لا تزيد على كونها مجرد نكسة ومائة وخمسين ألف شهيد مصري، يقول أ. د. إبراهيم درويش إن عددهم لا يقل عن مائتي ألف شهيد!، لا تري فيها كارثة وخيانة عظمي، بل وتعجب وتسخر من التغريدة ومطلقها وتري أنها شماتة وبنص صريح قالت الهزيمة في الأول والآخر هزيمة لمصر ولجيش مصر!! ثم أطلقت فرية اقتداء بغيرها بنعتها البكباشى جمال عبدالناصر بالزعيم!.. ومنها قفزت سريعاً إلي العدالة الاجتماعية التي لا أراها في محصلة كل ما أقدم عليه إلا سنام الندالة الاجتماعية للمخالفة الصريحة مع كل الشرائع والأديان السماوية والصدام المباشر مع القيم الإنسانية والأخلاقية!.. لسنا كالنعام.. دفن الرؤوس في الرمال لا يغير في الواقع من شيء وإن كنا لا نريد أن نراه!.. وفي نقاط: تجاهلت رولا أن قطاعاً هائلاً من المصريين من أبسط الناس إلي أعلاهم شأناً وعلماً وثقافة لا يرون ما تراه! أحداث 23/7/1952 لم تكن ثورة ولن تكون، ولم تكن انقلاباً عسكرياً أيده الشعب فأصبح ثورة.. لها علمياً تسمية أخرى! بطلا هذه الأحداث -إن جازت!- هما الفريق أ. ح محمد نجيب والملك الأسبق فاروق نفسه لرفضه المطلق لإراقة دم جندي واحد في ذلك الصراع وهذا ثابت.. ثابت.. ثابت!.. الإعلامية رولا تعلم أن خسائر إيطاليا في الحرب العالمية الثانية تتضاءل كماً ونوعاً بجانب خسائرنا البشرية والمادية، ناهيكم عن احتلال سيناء كلها من أحقر وأصغر دولة بالعالم، ومع ذلك حوكم الجنرال بينوتي موسوليني Benito Mussolini وأدين وشُنق وعُلق من رقبته علي صار في أكثر شوارع روما، وتُرك علي هذه الحالة المُزرية لمدة طالت للعظة والعبرة مع أنها كانت حرباً عالمية وهزيمة من دول عظمى! الهزيمة التي أسماها الإعلام الفاشستي نكسة!، واحتلال أرض سيناء كلها، والاستيلاء علي أسلحة ومعدات «بشوكها»!.. بدون قتال.. هذه الكارثة المروعة غير المسبوقة في تاريخ مصر كله لم تكن أبداً.. أبداً.. يا أستاذة رولا هزيمة لمصر ولا لجيش مصر.. فالجيش علمياً لم يقاتل ولم تكن لديه أوامر أو خطط محددة لتنفيذها وإنما كانت هزيمة مباشرة لنظام قائد جيشه توقفت خبرته العسكرية عند صاغ! ورئيس دولة سطا علي شرعيتها برتبة مقدم!.. «ثورة إيه يا ست هانم»؟!.. كان الأجدى ألا تتعرضى لحروب لا تعرفين صفاتها أو أنواعها ولا متطلباتها تكتيكياً أو استراتيجياً أو تعبوياً!!.. أستاذة رولا لا تقفى ما ليس لك به علم من بعيد أو من قريب!. كان الأفضل ألا تقدمي حلقة 5 يونية لانتفاء الحياد وتركها لزميلة تستضيفك لتعبري فيها عن رأيك مع آخر أو آخرين من المخالفين لك.. ولتعلمي علم اليقين أن ليس الإخوان المسلمون وحدهم من لا يرون في عبدالناصر زعامة قيادة أو شرعية رئاسة!.. بل يرون العكس تماماً مع أنه وزمرته وعهده أسباب مباشرة للبلاد والنكبات التي حلت بمصر وحاقت ومازالت بالمصريين أجمعين حتي الآن وكان يتحتم ولايزال محاكمة عبدالناصر كمتسبب أصيل فيما حدث ومعه كل أشاوس اليوم الأسود أربعاء 23/7/1952 الأحياء منهم والأموات علي الأقل تحسباً لعدم تكرار مثل هذه الجريمة الكبرى.. وللمقال بقية.