لاتزال مؤسسة الرئاسة تمشي مشية السلحفاة في زمن يتحرك بسرعة الصاروخ، فقراراتها لا تساير الحدث، وإن كتب لها أن تري النور لا تخرج إلا نكداً، وفي ساعات متأخرة من الليل، وكأن الرئاسة في مصر علي موعد مع تجاهل الشعب، وعدم تحريك المياه الراكدة، بل ضياع المياه جملة وتفصيلا، والعجيب أن الرئاسة الحالية لم تتعلم الدرس من النظام السابق الذي كان يجمع الأرض كلها، ويملك كل خيوط اللعبة في يده، ولما يدر ما الله صانع، فكانت الغطرسة لديه سيدة الموقف، ودفعته بغرور إلي احتقار الناس وإهدار كرامتهم وعدم الاعتراف بكينونتهم، وضياع حقوقهم، فكان ذلك وبالاً عليه وكارثة حطت فوق رءوس زبانيته، وذهبت بفلوله إلي غياهب السجون، فلو خرج محمد حسني السيد مبارك، الذي اعتلى عرش مصر ثلاثين سنة يوم 25 يناير 2011، إلي الشعب واستجاب لبعض مطالبه، كحل مجلس الشعب المتغطرس وإدخال بعض التعديلات الدستورية، وقتل فكرة التوريث لكان حتي الآن رئيساً متوجاً فوق العرش، وكل الشعب يهتف باسمه «فيفا مبارك» لكنه لم ير سوى نفسه وأسرته، فولد ذلك تصعيداً لمطالب الشعب، ونزع الخوف من قلبه، «رب ضارة نافعة» وأيقظ نخوته، فكان مردود ذلك ريحاً عاتية لاتبقي ولا تذر أتت علي نظام ظالم فأسقطته ووُلِدت ثورة سلمية عظيمة شهد لها العالم أجمع وسيدونها التاريخ من أعظم الثورات. فمازلت أقول إن الفرصة لاتزال سانحة للرئيس محمد مرسي في حفظ كيان هذا البلد الطيب، وليعلم أن الحياة تتسع للجميع وأنه لا يمكن لأي فصيل أن يستأثر بالبلد بمفرده، مهما كانت إمكانياته وأدواته وجنوده. فعلي الرئيس مرسى وقد حان وقت اتخاذ القرار، «ومن لا قرار له فهو ضحية أي قرار» أن يخرج في وضح النهار وعز الظهر لمخاطبة كل الشعب فيما يخص كل الشعب، وأن يثبت قولاً وفعلاً أنه رئيس لكل المصريين، حتي يلحق بركب الاستقرار الذي ينشده الجميع، وإلا فستضيع كل الفرص أمام الطوفان الشعبي الجارف الذي يعود بنا إلي نقطة ما بعد ثورة 25 يناير 2011، لكن هذه المرة ستكون مصر قد فشلت في تجربتين مهمتين بسبب جماعة الرئيس هما التجربة المدنية والتجربة الإسلامية وهذا ما لم نكن نريده يوماً. فهل من سبيل إلي تحرك الرئيس بسرعة الصاروخ لإنقاذ شعب أحاطت به الأزمات من كل صوب وحدب، وذلك «كلاكيت آخر مرة» بإقالة النائب العام، وإقالة الحكومة (حكومة الواق واق) وحوار وطني جاد، وخلع عباءة جماعته وارتداء عباءة مصر العظيمة، أم أن التاريخ سيعيد نفسه وستصب أحداثه في نتيجة واحدة، الكل يعرفها، إنها ال....!!