في حين يقضي قرار الاتحاد الأوروبي بعدم تسليح مقاتلي المعارضة السورية قبل الأول من أغسطس القادم، تسارعت في الأيام الأخيرة الاتصالات الغربية بشأن الموافقة علي تسليح المعارضة، مع عدم استبعاد فرض حظر جوي علي سوريا، دون حديث عن إرسال جنود علي الأرض. وتوجت هذه الاتصالات بقرار أوباما أمس الجمعة تقديم دعم عسكري للمعارضة السورية، دون ذكر تفاصيل هذا الدعم، بالإضافة إلي ما تقدمه بلاده بالفعل للمعارضة من معونات غذائية وإسعافات طبية، وحسب البيت الأبيض فقد أعاد أوباما حساباته بشأن الأزمة السورية بعد ثبوت استخدام السلاح الكيماوي من جانب النظام السوري، في حين نفت الإدارة الأميركية وجود أدلة على استخدام المعارضة للسلاح الكيماوي. يأتي ذلك في أعقاب ما حققته قوات النظام السوري من تقدم علي الأرض، بمساعدة روسيا وإيران وحزب الله، من شأنه قلب ميزان القوى لصالح الرئيس السوري، وهو ما ترك أثره سريعاً علي المشهد السياسي السوري، حيث رفضت المعارضة حضور مؤتمر «جنيف2» قبل استعادة التوازن العسكري علي الأرض، ووقف زحف قوات النظام السوري نحو حلب، التي تُعد معقل مقاتلي المعارضة. وإذا كانت الحركات الجهادية التي تعمل علي الأرض ضمن صفوف المعارضة السورية قد مثلت عائقاً أيديولوجياً أمام تدفق السلاح الغربي علي قوات المعارضة، فإن الولاياتالمتحدة ستجد ضالتها بالتأكيد في دعم القوى العلمانية بالجيش السوري الحر، الأمر الذي يدفع باتجاه تسليمها مقاليد الحكم في سوريا بعد إزاحة نظام بشار الأسد، وهو ما يضمن توفير مزايا اتصالية للولايات المتحدة مع القيادة المحتملة في سوريا. غير أن إمداد المعارضة السورية بالسلاح، أمر واقع بالفعل تقوم به قطر والسعودية وتركيا، بالأصالة عن نفسها وبالوكالة عن المجتمع الغربي، ومن ثم فإن إدراج الدول الغربية في قائمة موردي السلاح للمعارضة السورية هو أمر له من الدلالة السياسية ما يفوق مضمونه العسكري، وهو أمر يُثير مخاوف كثير من المراقبين لما قد ينتج عنه من إطالة أمد الصراع المسلح، واتساع رقعته، وتزايد أعداد الضحايا، فضلاً عن احتمال تورط الولاياتالمتحدة في حرب جديدة في المنطقة. من جهة أخرى فإن معاناة المعارضة السورية تبدو أعمق بالنظر إلي افتقارها إلي قيادة موحدة، سياسياً وعسكرياً، فعلي المستوى السياسي يبدو ركب المعارضة وقد عرف طريقه، غير أن السرعات المُتباينة لوحدات المعارضة من شأنها إصابة المسيرة بالارتباك، وهو ما يسعي نظام بشار إلي تعميقه بمحاولات فتح محاور اتصال جانبية مع بعض التيارات المعارضة. ومن الناحية العسكرية، فإن غياب القيادة الفعالة يترك أثره في النكسات التي لحقت بقوات المعارضة مؤخراً، خاصة في معركة «القصير»، فكثير من المجموعات المقاتلة يدينون بالولاء لقادتهم المباشرين دون انتماء للجيش السوري الحر. إلي أن الصراع المسلح الدائر في سوريا ما هو إلا حلقة جديدة في سلسلة تُحيط بالمنطقة العربية...وهي حديث الغد بإذن الله. «الوفد»