انتفضت القوة الناعمة المصرية ضد أخونة الثقافة ومحاولات طمس هوية مصر الحقيقية، حيث ثار المثقفون والمبدعون ضد الوزير علاء عبدالعزيز الذى تولى وزارة الثقافة مؤخراً رفضا لسياساته فى إقصاء عدد من قيادات القطاعات المختلفة وعلى رأسهم الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب والدكتورة إيناس عبدالدايم رئيس دار الأوبرا المصرية واتهموه بمحاولة السيطرة على مفاصل الوزارة. على مدى ثلاثة وعشرين يوماً لم تهدأ عاصفة المثقفين والتى كانت قد اندلعت منذ تولى الدكتور علاء عبدالعزيز الحقيبة الثقافية فى التغييرات الوزارية الأخيرة، ووصلت إلى ذروتها فى الأيام الخمسة الأخيرة بعد عدة قرارات كان قد اتخذها الوزير من بينها إنهاء انتداب عدد من القيادات الوزارة، وفي مقدمتهم الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب وإقالة الدكتورة إيناس عبدالدايم من رئاسة دار الأوبرا المصرية وهو الأمر الذي رفضه موظفو دار الأوبرا ومنعوا دخول المهندس بدر الزقازيقي رئيس دار الأوبرا الجديد داعين إلي إطلاق حملة توقيعات للمطالبة بإقالة الوزير ومطالبين بفصل دار الأوبرا عن وزارة الثقافة وجعلها جهة مستقلة تتبع مباشرة رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء. استمرت مظاهرات المثقفين أمام المجلس الأعلي للثقافة للمطالبة بإقالة الدكتور علاء عبدالعزيز ورفض جميع قراراته التي أصدرها منذ توليه شارك في التظاهرات رموز ثقافية ومن بينهم الدكتور أحمد بهاء الدين شعبان والكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر. والدكتور أحمد مجاهد والدكتورة إيناس عبدالدايم والناشر محمد هاشم عضو جماعة أدباء وفنانين من أجل التغيير والمايسترو يحيي خليل والكاتب الصحفي أسامة عفيفي والشاعر والناقد شعبان يوسف. والدكتورة عواطف عبدالرحمن. والكاتبة فتحية العسال.. كما انضم للمظاهرة فردوس عبدالحميد وآثار الحكيم وجلال الشرقاوي وداود عبدالحي وخالد يوسف وسامح مهران ويوسف القعيد. بالإضافة إلي عدد من ممثلي القوي السياسية والشخصيات العامة. اتفق المثقفون في الاجتماع الذي عقد في المجلس الأعلي للثقافة علي الاعتصام بدار الأوبرا. وأوضح الفنان التشكيلي محمد كمال خلال الاجتماع أنه ابتكر طريقة جديدة فى الاعتصام. حيث قرر إقامة ورشة عمل للشباب والأطفال. يقدم فيها جميع خبراته أمام مكتب الوزير بالزمالك. من جانبها أعلنت جبهة الإبداع المصرية عن منح مهلة 72 ساعة للدكتور هشام قنديل لإقالة وزير الثقافة. مشددين علي أنهم لن يسمحوا باستمرار الوزير في عمله. وأعلن مجلس أمناء بيت الشعر التابع لصندوق التنمية الثقافية استقالة أعضائه احتجاجاً علي سياسة وزير الثقافة وعلي رأسهم رئيس المجلس الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي. وفاروق شوشة ومحمد إبراهيم أبوسنة وحسن طلب ومحمد سليمان ومحمد عبدالمطلب وسعيد توفيق والسماح عبدالله الأنور وأعربت اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير عن قلقها لما تتعرض له الثقافة من هجمة شرسة مشيدة بالطريقة المتحضرة للمثقفين المصريين والمبدعين. بدأت الأزمة مع وزير الثقافة الإخوانى علاء عبدالعزيز والمعروف فى الوسط الثقافى بالوزير المونتير عندما عقد الدكتور سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون مؤتمراً صحفياً تحت عنوان «ضد العدوان على الثقافة المصرية» بقاعة سيد درويش بأكاديمية الفنون، لبحث أزمة المثقفين مع وزارة الثقافة بعد اختيار الدكتور علاء عبدالعزيز، وزيرًا للثقافة، وهو ما رفضه العديد من المثقفين، وحضر المؤتمر عدد من المثقفين والفنانين على رأسهم الفنان حسين فهمى وعميد المعهد العالى للفنون المسرحية الدكتور عبدالمنعم مبارك وعميد المعهد العالى للفنون الشعبية الدكتور سميح شعلان وعميد المعهد العالى للموسيقى العربية الدكتور عاطف إمام. واعتبر د. سامح مهران أن الإخوان يسعون للهجوم على الثقافة وتغيير الهوية المصرية، وأن ما يحدث الآن هو نموذج على نظرية المؤامرة. وأن آلة القمع تتحرك لغلق الإبداع وللتخلص منه، والنيل من حريته، وهو ما يكشف عن مخطط قد بدأ بالفعل بعد التغيير الوزارى الأخير فى وزارة الثقافة. وطالب مهران رئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل، بتغيير وزير الثقافة الجديد الدكتور علاء عبدالعزيز، مؤكدًا أنه إذا كان الهدف هو تصفية قيادات الوزارة الثقافية، فليعلم الجاهل بطبيعة الأمور أن المثقف المصرى الحقيقى هو مؤسسة بذاته. ودعا عبدالجليل الشرنوبى المتحدث باسم جبهة الابداع فى كلمته مبدعى القاهرة والأقاليم لبدء المظاهرات الرافضة للأخونة وتشكيل لجنة لعمل تقرير رصدى موثق عن انتهاكات حرية الثقافة. وتحدث الفنان حسين فهمى بالنيابة عن فنانى مصر وأوضح أن منصب وزير الثقافة أكبر من الدكتور علاء عبدالعزيز. كما شن المخرج عادل حسان هجومًا عنيفًا على جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، مبينًا أن الإخوان يستهدفون النيل من قصور الثقافة مستشهدًا بما حدث فى قصر ثقافة الفيوم وإغلاقه من قبل الدفاع المدنى بحجة عمل إجراءات فنية. وقال الدكتور أحمد عواض، أستاذ الإخراج بأكاديمية الفنون، إن عدداً من المثقفين اتفقوا على تشكيل لجان لمتابعة العدوان على وزارة الثقافة، وسيشارك فى عمل هذه اللجان جميع المثقفين المتضامنين مع رفض سيطرة فصيل واحد على الوزارة. وبدأ المثقفون والمبدعون بالفعل فى تنفيذ آليات رفض الأخونة ونظمت جبهة الابداع مظاهرة شارك فيها بعض القوى السياسية منها التيار الشعبى المصري، أمام دار الأوبرا المصرية. كما أصدر الأدباء والمثقفون بيانا لرفض أخونة وزارة الثقافة، عبروا فيه عن رفضهم لخطط أخونة الثقافة المصرية. وأشار البيان إلى أن موقع وزير ثقافة مصر، بعد الثورة، لا بد من أن يمثل المثقفين المصريين لما يمثله من قيمة ثقافية رفيعة تسهم فى إعادة الاعتبار لقوة مصر الناعمة الأساسية، وتحمى الثقافة المصرية من غزو قيم التعصب والعنصرية التى تسعى لتدمير الهوية الثقافية الوطنية المصرية الرائدة، ومصادرة كل أنواع الحريات الإبداعية والفكرية والسياسية والشخصية. ووقع على البيان عدد كبير من كبار الأدباء والمثقفين منهم الروائى الكبير بهاء طاهر، والشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى، والدكتور جابر عصفور، الشاعر الكبير سيد حجاب، الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، والروائى يوسف القعيد روائى، الروائى الدكتور علاء الأسوانى، الناقد السينمائى على أبو شادى، الناقد الدكتور صلاح فضل، الخبير الاقتصادى أحمد السيد النجار، الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن، الكاتب بلال فضل، والكاتبة الكبيرة فتحية العسال. يذكر أن الدكتور علاء عبدالعزيز الوزير الجديد كان قد أصدر قرارا بإنهاء انتداب الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة العامة للكتاب فور توليه الوزارة، وفى هذا قال مجاهد معلقاً على القرار: إن حقيقة اختلافى مع وزير الثقافة الجديد، أننى اعترضت على تغيير اسم «مكتبة الأسرة» من قبل الوزير دون استشارة أحد، وأكد أنه علم بهذا القرار عن طريق الصحف، وأضاف «مجاهد» أن مكتبة الأسرة بها لجنة عليا ذات خبرة واسعة، وكان على وزير الثقافة قبل اتخاذ هذا الإجراء أن يراجع هذه اللجنة. وأوضح أنه فضل عدم الذهاب إلى مكتبه اعتراضًا على هذا القرار، مضيفًا «ثم عدلت عن هذا القرار وذهبت إلى مكتبى لمباشرة عملى، ولكنى فوجئت بقرار إقالتى». وكشف مجاهد أن وزير الثقافة الجديد أصدر قرارًا بتولى الدكتور جمال التلاوى رئيسا لهيئة الكتاب، واكتشف الوزير أن هذا القرار غير سليم، لأن التلاوى أستاذ فى الجامعة، ولابد من موافقة جامعته أولا، ثم عدل عن هذا القرار وأصدر قرارًا آخر بتعيين الدكتور عبدالناصر حسن رئيسًا لهيئة الكتاب بدلاً من التلاوى، ثم تابع مجاهد: «اختلافنا مع الوزير مهنى، والذى يضر الثقافة هو قلة الخبرة وسوء الإدارة». وعلق «مجاهد» أن أول تصريح خرج من الوزير بعد حلفه اليمين الدستورية «أنا رسالتي واضحة، أنا جاي عشان أطهر أكاديمية الفنون من الفساد وأطهر قيادات وزارة الثقافة»، قائلاً: «مش الأول يشوف القيادات ويقابلهم» مؤكدا أنهم جميعا مع التطهير، واصفا إياه بالتصريح الاستفزازي. كما انتفضت جبهة الإبداع المصري ضد الوزير الجديد وأصدرت بيانا أعلنت فيه عدم الاعتراف بممارسات حكم الدكتور محمد مرسي لأنه حنث بما أقسم عليه أمام الله والشعب وأخلف ما وعد به بعض النخبة والقوى السياسية وخان أمانة الوطن والمواطن حين انحاز لأجندة تنظيمية على أولويات الوطن والثورة. واعتبرت الجبهة أن اختيار وزير الثقافة الحالي لا يرقى لمستوى التعليق لأنه اختيار يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أننا أمام جماعة حكم لا تدرك حجم الوطن الذي تحاول السيطرة عليه ولا تعي قدر الثقافة المصرية ولا يدل اختيارها إلا على أنها تسعى لوأد الحياة الثقافية المصرية حسبما ذكروا. وأعلنت الجبهة عن تدشين حملة تتخذ من شعار الجبهة (مصر مصرية) عنوان انتفاضة العقل المصري في مواجهة سالبي هويته ومشوهي تراثه والساعين لأسر مستقبله وازدراء دينه وشق وحدة صفه. وشن عدد كبير من المثقفين والكتاب هجوما حادا على تعيين عبدالعزيز وزيرا للثقافة حيث أكد الكاتب الصحفي سعد هجرس أن مصر مليئة بالقامات الثقافية التي كان يجب أن تعين في هذا المنصب، إلا أن حزب «الحرية والعدالة» أصر على هذه الشخصية، رغم أنها لم تمتلك أي تاريخ في الدفاع عن الثقافة، وأضاف أن أخونة وزارة الثقافة لا تقل عن خطورة عن أخونة الجيش، باعتبارها مسألة تتعلق بالهوية المصرية. والمثير أن العامة من المواطنين شعروا أيضا بالأخونة وهاجموا الوزير، حيث تعرض وزير الثقافة الجديد لموقف محرج فى أحد مطاعم وسط البلد.