في الفيلم الكوميدي «الكيت كات».. جلس الشيخ حسني الضرير «محمود عبدالعزيز» وسط رجال الحارة.. داخل سرادق العزاء بعد انتهاء القارئ من تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم علي روح الفقيد.. ولم ينتبهوا جميعاً إلي أن الميكروفون مازال مفتوحاً.. ودار حديث بينهم، كشف فيه «الشيخ حسني» عورات كل أهل الحارة وعلاقاتهم السرية المتشابكة.. بينما كان أبطال هذه الحكايات الفاضحة يطاردهم صوت الشيخ الضرير عبر الميكروفون.. ويهرولون وسط الحارة وهم يصرخون: «الله يخرب بيتك يا شيخ حسني».. لأنه فضح المستور!! لابد أن هذا المشهد «المسخرة» تداعي إلي ذاكرتنا جميعاً بالأمس.. ونحن نتابع حوار «المطار السري» الاستراتيجي القومي بين الرئيس محمد مرسي، ومجموعة من السياسيين الذين قادهم حظهم السيئ وحسن نيتهم، لتلبية دعوة الرئيس لهم لمناقشة واحدة من أكبر وأخطر قضايا الأمن القومي المصري.. والتي تخص استراتيجية الدولة لمواجهة خطر العطش والجوع وشح المياه الذي يتهدد الشعب بسبب إقدام إثيوبيا علي بناء «سد النهضة».. في تحدٍّ سافر لإرادة مصر واعتداء علي حقوقها القانونية والتاريخية في مياه النيل.. بينما لم يكن هؤلاء التعساء يعلمون أن «الشيخ مرسي» نصب لهم فخاً.. وفتح عليهم «ميكروفون وكاميرا».. ليس علي حارة «الكيت كات» وحدها.. ولكن علي كل دول العالم.. بما فيها اثيوبيا نفسها.. عبر الفضائيات المصرية!! دار الحوار المذهل بين الرئيس و«أهل الحارة».. في سرادق عزاء الأمن القومي المصري.. وتباروا في إظهار براعتهم في «التكتكة» و«التنظير» ووضع الاستراتيجيات «الجهنمية» لإثارة الرعب في نفوس أعدائنا الحبشيين، لإرغامهم علي وقف بناء السد.. انبري أحدهم بفكرة شيطانية تقوم علي إثارة الشائعات حول امتلاك مصر أسلحة رادعة ستجبر الإثيوبيين علي الإقامة الدائمة في حمامات بيوتهم من شدة الخوف.. واقترح آخر أن «نجمع من كل رجل قبيلة» علي رأي الممثل الكوميدي محمد سعد، فيضربوا كفار الحبشة بأسيافهم فإذا قتلوهم تتفرق دماؤهم بين قبائل افريقيا.. وباقي الاقتراحات علي هذه الشاكلة!! بالله عليكم.. ما هذا الهزل.. والتهريج؟ وهل هكذا تناقش قضايا الأمن القومي للبلاد؟ يقيني.. أن هذه المهزلة لم تحدث عن حسن نية.. أو انعدام خبرة.. لكن أكاد أجزم انها تم التخطيط لها مع سبق الاصرار والترصد، بهدف إيقاع رؤساء الأحزاب وممثلي القوي السياسية في شرك الأزمة التي أظهرت تماماً عجز مؤسسة الرئاسة ونظام الإخوان، في التعامل مع مثل هذه القضايا الخطيرة التي تكشف ضآلة حجمهم وافتقادهم للكفاءات والخبرات والكوادر الحقيقية للحكم.. لكن معظم رؤساء الأحزاب تنبهوا إلي هذا «الفخ» فلم يذهبوا، ورفضوا المشاركة في المهزلة.. حتي ولو لم تكن مذاعة في ميكروفون «الشيخ حسني». الأخطر من ذلك كله.. أن «المراهقين» من عشيرة الرئيس وأهل ثقته وفريقه الرئاسي الذين خططوا لهذا الفخ.. لم ينتبهوا.. ولم يسعفهم ذكاؤهم المتواضع علي إدراك أنهم بذلك قد وضعوا «مرسي» ومصر كلها كدولة في موقف بالغ الحرج والخطورة.. لأن ما حدث علي الهواء هو جريمة دولية كاملة.. تعطي الحق لإثيوبيا في ملاحقة مصر قضائياً وإعلامياً وفي المحافل الدولية، بتهمة التآمر ضد دولة خارجية والتخطيط لشن حرب ضدها.. علناً وعلي الهواء مباشرة.. فهل تفعلها إثيوبيا؟