لأول مرة أتابع جلسة من جلسات مجلس الشورى، وكنت مضطراً لذلك لأن الجلسة كانت لمناقشة الموازنة الخاصة باتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى أنتمى إليه كمذيع بالقناة الأولى.. ولقد فجعت بالمستوى الهابط للمناقشة والمعلومات المتدنية لدى الكثير من أعضاء المجلس - المشكوك فى وقاره - ما دام من صوتوا له 6% من المصريين.. أدار الجلسة دكتور أشرف بدر الدين عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى (حرية وعدالة) وجلس عن يمينه الأستاذ إسماعيل الششتاوى مستشار وزير الإعلام للتطوير وعن يساره السيد شكرى أبوعميرة رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ورئيس التليفزيون.. من تحدثوا من الأعضاء عن أوضاع اتحاد الإذاعة والتليفزيون وعن ديون الاتحاد والفساد المنتشر بين أرجائه لم يفرقوا بين مرفق كالتليفزيون ومرفق الصرف الصحى. وبدا ذلك لى طبيعيا وغير مزعج إذا سلمنا بأن الإسلاميين من الإخوان أو من خرج من عباءتهم ودار فى فلكهم من النور والوسط والجماعات الإسلامية يحقرون الفنون ويكرهون الحياة التى نحبها ويحبها خلق الله فى كل مكان، ولكن – وحتى لا أغمط الإخوان وحوارييهم حقهم - فأنا لا أنكر أن باتحاد الإذاعة والتليفزيون من الفساد ما قد فاض من الدور السابع والعشرين وسال إلى النيل وقد يعوضنا عن المياه التى سيشفطها سد النهضة الإثيوبى. والمشكلة أن هذه الجلسة جمعت بين طرفين فى منتهى الغرابة، ممثلين عن الاتحاد أحدهما تقاعد منذ أسابيع قليلة وكافأه الوزير الإخوانى بمنصب مستشار وكأن الواحد وأربعين ألفاً بماسبيرو ليس من بينهم من يصلح لمنصب مستشار وزير الإعلام، وهنا لا فرق بين عبدالمقصود والشريف فكلاهما أدار الإعلام كعزبة ورثها عن أبيه يعين من يشاء ويذل من يشاء، وقد يعتب علىّ الأستاذ إسماعيل الششتاوى المعنى بالأمر وأنا أقدر تاريخه الإعلامى والمهنى وكان بمقدوره أن يحاضر بأى جامعة خاصة ويستفاد من خبراته لتتاح فرص الترقى والعمل لجيل جديد، ولكنه مرض الاستيطان واستعمار المناصب الذى يتمسك به جهابذة وزراء ما بعد الثورة. أما الثانى وهو السيد شكرى أبوعميرة فحكايته ببساطة أنه ترقى خلال أقل من عام ثلاث مرات من نائب رئيس تليفزيون إلى رئيس تليفزيون ثم رئيس لمجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون مكافأة للرجل على قدراته الفذة والسحرية والسرية التى لا يعرفها أو يدرى بها أى بنى آدم فى العالم إلا الأستاذ صلاح عبدالمقصود وأتمنى عليه إذا تكرم أن يقنعنا نحن العاملين بالاتحاد –وهذا حقنا– لماذا اختار شكرى أبوعميرة رئيسا للتليفزيون ثم رئيسا لمجلس الأمناء وما هى مؤهلات الرجل وتاريخه الإعلامى وخبراته العظيمة التى رفعته فجأة إلى أعلى عليين؟ والمؤسف حتى الآن أن أحدا من أعضاء مجلس الأمناء لم يقدم استقالته (غريبة يا مصر). الطرف الثانى فى الجلسة هم أعضاء مجلس الشورى ومدير الجلسة الدكتور أشرف بدر الدين الذى بدا عصبيا إلى حد التهور خاصة عندما دعا وزير الإعلام لفصل الأستاذ محمد عبدالله رئيس القطاع الاقتصادى لأنه تطاول ورد على سمو الأمير أشرف بدر الدين أثناء الجلسة، يعنى إرهاب حقيقى وتعسف غير مسبوق وتصرف بدر الدين مع موظفى الاتحاد بمن فيهم شكرى والششتاوى بغلظة وعنجهية باشا مع فلاحيه الفقراء الأجراء.. أما السادة النواب فقد حاول شكرى أبو عميرة شراء رضاهم عليه وعلينا عندما قال بتزيد إن كل موظفى ماسبيرو نزلوا وانتخبوا مجلس الشورى الحالى وبصراحة لا أعرف كيف تجرأ السيد أبو عميرة أن يغالط الحقيقة بهذا الشكل المذرى وأن يزيف ويضلل إلا إذا كان معتقدا أن من يجلسون أمامه وأمام الشاشة شوية بلهاء وبريالة لا سمح الله.. ويأتى بعد ذلك الدور على الأعضاء ومعظمهم من ذوى اللحى المرسلة وقد انتظرت منهم كلاما علميا يدل على فهمهم للإعلام وطبيعة الإنتاج التليفزيونى ولماذا يخسر ماسبيرو ويبدو غير قادر على المنافسة مع المحطات المستقلة، ولكن للأسف اتضح جليا أن هذا المجلس أبعد ما يكون عن الشورى وأقرب ما يكون ل«الشوربة».