اختتمت امس فعاليات أعمال منتدى جوانجوا العالمي الثاني للسرطان الذي تم في مدينة جوانجوا بجنوب الصين بحضور أطباء ومتخصصين في أبحاث السرطان وممثلين لجامعات ومراكز أبحاث عديدة حول العالم، وقد استضافهم مستشفى "فودا" للسرطان برعاية وتنظيم كلية الطب بجامعة جينان الصينية في ربوع مقاطعة جوانجوا. وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر أمس رحب البروفيسيور شو كاتشنج رئيس ومدير مستشفى "فودا" بالأطباء المشاركين وأعرب عن تقديره وامتنانه لقدومهم، وأكد أن المستشفى سيقوم سنويا باستضافة هذا المؤتمر من أجل أن يناقش علماء العالم اطروحاتهم التي سوف تعود بالنفع على العالم أجمع. وأضاف أنه يسعى لأن يتعايش مريض السرطان مع المرض ويحيا بدون ألم عارضا لتجربته الشخصية مع معاناته بسبب وفاة والدته بالمرض واثنين من أصدقائه مع عجزه عن مساعدتهم اضافة إلى اصابته هو أيضا بالمرض ما دفعه للمثابرة والبحث عن علاج ناجح للسرطان وقام بتجريبه على نفسه. من جانبه قال بروفيسور وانج رئيس جامعة جي نان إنه حضر بالنيابة عن الجامعة ورحب بالحضور والمشاركين والوافدين من كل الدول وتحدث عن تاريخ الجامعة وعدد طلابها، وقال إن المؤتمر سيرتكز هذا العام على آخر أبحاث الخلايا الجذعية والعلاج المناعي وتمنى للجميع أن يستمتعوا في ربوع مدينة جوانجوا. وفي السياق ذاته تحدث بروفيسور وانج جيني عن دور الخلايا الجذعية في معالجة سرطان الدم مقارنة بالأدوية الكيميائية الأخرى وأكد أن الخلايا الجذعية هي على رأس أجندة المؤتمر لهذا العام. وبدوره قال البروفيسور سيد التلب المستشار الطبي لمستشفى "فودا" وممثلها في الشرق الأوسط وإفريقيا كنا نطمح أن يكون هناك تمثيل جيد من المؤسسات البحثية العربية وخاصة تلك التي قدمت لهم دعوات لحضور المؤتمر من دول الخليج العربي بعلمائها وجامعاتها، ولكن للأسف لم يحضر من يمثل تلك الدول العربية سوى مدير مركز مكافحة السرطان من السودان، وطبيب من وزارة الصحة السعودية، ولم يحضر من قطر أو الإمارات أي أطباء بالرغم من الدعوات المرسلة لهم، وبالنسبة لمصر لم يحضر أي طبيب ولكن كان هناك تفاعل واهتمام اعلامي، وتنويه جيد عن الحدث ونأمل أن يكون لمصر دور أفضل في المرات القادمة ونتمنى حضور أطباء مصريين مشاركين في المنتدى المقبل ان شاء الله. وأضاف أن السبب فيما سبق ببساطة هو إهمال من قبل الحكومات العربية التي لا تنفق ببذخ على مراكز الأبحاث في العالم الإسلامي، بينما تنفق في وجهات أخرى بعكس دول العالم المتقدم كالصين واسرائيل التي توجه نسبة كبيرة من ميزانية الدولة نحو الدراسة والعلم وتطوير البحث العلمي. والصين تحديدا تقود البحث العالمي اليوم يساعدها في ذلك وضعها الاقتصادي الجيد ما يجعلها تنفق بسخاء تجاه البحث العلمي والتكنولوجي، وجدير بالذكر أن كثيرا من الأطباء الذين شاركوا في المؤتمر والذين مثلوا دول العالم هم في الأساس من الصينيين الذين يعملون في مراكز الأبحاث والمستشفيات والجامعات العالمية ولذا نناشد الأطباء في العالم العربي متابعة ما يجري في الصين. في غضون ذلك قال الدكتور زاهر ياسين استشاري الأورام بالمركز القومي بالخرطوم ومستشفى رويال كير بالسودان إن المؤتمر ناقش باستفاضة علاجات السرطان الحديثة باستخدام طرق التجميد والعلاج المتوقع والعلاج الشخصي، مؤكدا أن الاكتشاف المبكر هو أفضل أسلوب للقضاء على المرض، وأضاف "ولكن للأسف الشديد لا تضع الدولة "السودان" أولويات في مسألة العلاج الحديث وتركز فقط على العلاج النمطي"، وذكر "أن 70% من المرضى يحضرون إلى المركز وهم يعانون في مراحل متأخرة مما يزيد من تكلفة العلاج ويقلل من فرص الشفاء". وأكد زاهر أن تعداد السكان في السودان اليوم يبلغ حوالي 30 مليون نسمة بعد الانفصال وحسب توصيات وزارة الصحة العالمية يتوقع وجود 100 حالة في كل 100 ألف مواطن أي بمعنى 30 ألف حالة سنوية ولكن مع الأسف الشديد الأعداد التي تصل مراكز العلاج بالسودان لا تتعدى7.5 حالة أي حوالي 25% من العدد المتوقع وذلك لأسباب الجهل من المرض والخوف من اكتشافه. وأضاف أنه توجد بالسودان 3 مراكز لعلاج الأورام، وقد حضر إلى المؤتمر للتعرف على أحدث ما توصل إليه العلم آملا أن تصل تلك التكنولوجيا الى السودان ويتم تطبيق الحديث منها على وجه السرعة. من بين المشاركين في المؤتمر كانت الدكتورة رجاء نسيم حربة وهي متخصصة في الصحة العامة بمنظمة الصحة العالمية بجنيف والتي أعربت عن سعادتها لحضور المؤتمر وقالت إن من بين أهم العلاجات التي ناقشها المؤتمر هو العلاج بالتجميد وهو علاج بدون ألم ويعتبر منحى جديد في الطب وعلاج الأورام وبارقة أمل تستحق أن تنشر للاستفادة منها. وأضافت حربة يعتبر سرطان الرئة بشكل عام، وسرطان الثدي والرحم بالنسبة للسيدات، من أعلى نسب السرطانات حدوثا، وفي جنيف يتم علاج تلك الحالات ومكافحتها عن طريق الطب الوقائي مثل منع التدخين كمسبب رئيسي لسرطان الرئة اضافة الى تحفيز الناس للتوقف عن التدخين. ويتم اكتشاف سرطان الثدي والرحم عن طريق الكشف المجاني المبكر الذي يتم الإعلان والتنويه عنه باستمرار. وقالت حربة إنها مهتمة جدا بمتابعة كل ما هو جديد في عالم الطب، ولذلك حضرت إلى جوانجوا لتشاهد آخر ما توصل إليه العلم في مسألة علاج مرض يعد من أخطر أمراض العصر الحديث. في ردهة المستشفى كانت السيدة نادية الصبان من مدينة جدة تتجول وهي تتحدث لأحد أفراد الطاقم الطبي وعند سؤالها قالت أن ابنتها السيدة رانيا مسعود 40 سنة تعاني من سرطان الثدي منذ حوالي 5 سنوات وتم استئصال الثدي الأيمن ثم الأيسر وعولجت بالعلاج الكيميائي التقليدي في السعودية دون أية نتائج، حتى تعرف زوجها من خلال البحث عن مستشفى "فودا" وتواصل معه وعند سؤالها عن نتائج العلاج أكدت الصبان أن صحة ابنتها تتحسن بالفعل منذ خضوعها للعلاج بالتجميد من حوالي 9 أشهر وأنها لم تعد تعاني من الآلام التي كانت تعانيها مع كل جلسة من جلسات العلاج الكيميائي المعتادة وأعربت عن رضائها بنتائج العلاج الإيجابية. على مدار يومين تصدرت أمراض السرطان أجندة المؤتمر إضافة إلى الأبحاث التي تعلقت بتخليق الخلايا الجذعية وحقنها في الجسم لتهاجم الخلايا السرطانية المحتملة قبل حدوثها. وشارك في المؤتمر أطباء من الولاياتالمتحدةالأمريكية، واندونيسيا واليابان والفلبين وفرنسا ولوتوانيا وبنجلاديش والهند وماليزيا إلى جانب الصين. ومن الشرق الأوسط حضر ممثلون عن السودان والمملكة العربية السعودية بينما غابت المشاركة العربية والمصرية. ويعتبر مستشفى "فودا" من أهم المستشفيات حول العالم التي تعالج الأورام عن طريق التجميد وبدون جراحة بنسبة نجاح عالية تتخطى ال95%. ويذكر أن جامعة جينان الصينية التي نظمت المؤتمر بالتعاون مع "فودا" هي من أعرق الجامعات حول العالم وتم انشاؤها قبل 107 سنة وتضم 67 كلية وأكثر من 60 تخصصا.