حول الأصولية الدينية وتأثيرها على مستقبل الإبداع فى مصر عقد المجلس الأعلى للثقافة ندوة تحت عنوان«مستقبل الإبداع الفنى فى مصر»، واستضافت الندوة: الأستاذ الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة السابق، والمفكر الكبير مراد وهبة، وأدار الندوة الأستاذ الدكتور أحمد عبدالحليم عطية. " أن الأصولية الدينية التى نشأت مع بداية القرن العشرين فى جميع الأديان المهيمنة على كوكب الأرض، رفضت إعمال العقل فى النص الدينى، وأى تأويل له عن طريق إعمال العقل هو بمثابة الكفر لديهم، وهذا ما حدث مع ابن رشد الذى كفره ابن تيمية"، هكذا بدأ المفكر الكبير مراد وهبة كلمته. وأوضح المفكر مراد وهبة السبب فى انه ذكر الإبداع وهو يتحدث عن الأصولية الدينية والانهيار الثقافى فى أن الحضارة نشأت من الإبداع، فعندما حدثت أزمة الطعام فى صعيد مصر نتيجة تغير المناخ وهجرة الحيوانات فبدلا من أن يتكيف الإنسان مع البيئة استطاع أن يكيف البيئة نفسها، وقد حدث التغيير مع إبداع الإنسان فى التكنيك الزراعى.. فإذا كانت الحضارة نشأت بالإبداع، فأى تدهور للحضارة نبحث عن تدهور الإبداع. وأضاف د.مراد وهبة أن الإبداع مرتبط ارتباطا عضويا بإنسانية الإنسان، وإذا توقف الإنسان عن الإبداع يتوقف عن إنسانيته.. كما أضاف: والسؤال الآن ما هو العامل الذى يمنع الإبداع؟ وأجاب وهبة أن العودة إلى الماضى وهم يصيب فاعلية الإنسان بالشلل، وبالتالى يصاب الإبداع بالشلل، وهذا ما يحدث الآن.. نفس فكر ابن تيمية الذى قال: إن الإبداع بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار. كيف ننقذ الإبداع فى ظل هذا النظام؟ المصل المضاد هو احياء فكر ابن رشد.. هذه الدعوة وجدت معارضة ليس فقط من الداخل بل أيضا من الخارج ، ابن رشد محنته انه ظل مهمشا.. الحل أن نعرف كيف نجعل فكر ابن رشد هو الأساس وفكر ابن تيمية هو المهمش، وهكذا يمكن معالجة ما يحدث الآن. أما الأستاذ الدكتور شاكر عبدالحميد فقال إن هناك كلمات يصعب تقديم تعريف جامع مانع لها مثل الفن والجمال وغيرها.. ويضيف أن فى علم النفس أكثر من 90 تعريفاً للإبداع.. وأبدى د.شاكر إعجابه الشديد بالتعريف الذى قدمه المفكر مراد وهبة؛ وذكر أن أفضل تعريف قدمه «فتجنشتين» هذا النوع من التعريفات الذى يطلق عليه صورة العائلة.. فالصورة العائلية يظهر فيها الأب والأم والأبناء المبتسمون والعابثون، كل هذا يظهر فى صورة واحدة.. وعملية الإبداع تحتاج لشخص مبدع والمجتمع المتلقى والناتج عن هذا الإبداع. وتحدث د.شاكر عن عدد من العوامل التى اذا غابت دلت على أن الثورة لم تنجح، مؤكدا أهميتها منها أنه ينبغى أن تؤكد الثورة على الحرية الفردية والجماعية. وأن تركز على حرية التفكير والإبداع. ينبغى أن يخرج من هذه الثورة نظام سياسى مرن ومنفتح وقابل للنمو والتعامل بكفاءة مع التغيرات الثقافية. ينبغى توفير الفرص للإبداع والتأكيد عليه لأن مستقبل الشعوب يكمن بشكل خاص فى الإبداع. ينبغى أن نصل إلى نوع من التوافق أو الاتفاق نحو مفهوم الهوية - مفهوم يقبله عدد كبير من الناس. وأكد أنه لا توجد أى من هذه الأشياء بعد ثورة 25 يناير. كما أكد ضرورة أن نواجه أنفسنا بوجود هذه الأخطاء بشكل يعتمد على الحوار، حيث يرى أن لدينا حالة من الانقسام على كافة المستويات، فقال: أولا الرئيس المنقسم بين جماعته «جماعة الاخوان» وبين شعبه، وعلى الرئيس أن يحل هذا الانقسام وإلا سنظل فى هذا الانهيار الذى نلحظه كل يوم – مع احترامى لشخص الرئيس لكنى أتحدث بمصطلحات علم النفس. الهويات المنقسمة: إلى هويات فرعية كثيرة (مدنيين – إسلاميين – يمينيين – يساريين). لدينا أيضا هذا الانقسام على مستوى القنوات الفضائية، وحتى على مستوى المثقفين، الانقسام فى كل شىء، وبالطبع الانقسام من الممكن أن يؤدى إلى أعراض شبه انفصامية. ومن علاماتها أن يتسم أصحابها بالاحساس بالقدرة الكلية. ولكن الإبداع حوار بين الذات والآخر، ودون الحوار والخروج من الذات لن يكون هناك إبداع. وأضاف د. شاكر عبد الحميد قائلا: كل إنسان سوى وكل جماعة سوية ينبغى أن تصحح مسارها.. أن تصحح ذاتها.. وإن لم تستطع تصحيح ذاتها يكون مكتوباً عليها الفشل والفناء.. ومن معانى الغرابة حينما يسكن الماضى الحاضر، نحن لسنا ضد الماضى لكن ضد أن يسكن الحاضر بهذا الشكل الذى يولد احساساً مخيفاً لدى الكثيرين.. كل شىء فى حياتنا لم يعد مؤلوفا (البيت – الحب – العمل – علاقات الآباء والأبناء...).. كلها تفتقد الألفة.. أصبحنا غرباء فى وطننا أو ربما أصبح الوطن غريبا عنا!! ولكى نخرج من هذا يجب علينا أن نفكر فى العوامل الخمسة التى ذكرتها.. إن الغرابة حالة عامة موجودة فى العالم ربما ربطها المنظرون الغربيون بمرحلة الحداثة وما قبل الحداثة بشكل مباشر.. ولكن الغرابة كما هى مطروحة فى الأدبيات ربما لا تفسر لنا ما نحن فيه، ربما مقدار الانزعاج مما فى شوارع مصر من الدماء وانعدام المعايير.. أرى حالة من حالات الألفة والتعايش مع هذه الأشياء غير المألوفة.. وهذه غرابة: أن نتعامل مع الغريب وكأنه مألوف. الغرابة من الممكن أن تكون مولدة للإبداع والجميل ومن الممكن أن تولد الرعب والفزع.