في حين يرتبط اسم سوزان مبارك زوجة الرئيس السابق بقضايا فساد وتحقيقات وحبس وتنازل عن ممتلكات تصدر السيرة الذاتية لزوجة الرئيس الاسبق جمال عبدالناصر تحت عنوان " ذكريات معه" . وعلى عكس سوزان التي كان لها حضور طاغ في الحياة العامة وفي المشهد السياسي في السنوات الاخيرة عاشت تحية كاظم زوجة عبدالناصر في الظل ولم يكن يعنيها طوال 18 عاما كان فيها زوجها ملء السمع والبصر الا أنه "زوجي الحبيب.. أي لا رئاسة الجمهورية ولا حرم رئيس الجمهورية" كما تقول في المقدمة. وصدر كتاب (ذكريات معه) في القاهرة عن دار الشروق ويقع في 136 صفحة كبيرة القطع اضافة الى 110 صفحات أخرى تشغلها صور لعبدالناصر منذ صباه حتى وفاته يوم 28 سبتمبر 1970 وتشغل فترة رئاسته الجانب الاكبر منها. ومن بين عشرات الصور لعبد الناصر في مصر وخارجها لا توجد صور رسمية لزوجته باستثناء صورة واحدة بصحبة زوجة رئيس زائر وكتب تحتها "(تحية) في أحد الاستقبالات الرسمية بالمطار." وكان عبدالناصر قائدا لتنظيم الضباط الاحرار الذي نجح في يوليو 1952 في انهاء حكم أسرة محمد علي ثم أعلن الحكم الجمهوري في العام التالي وتولى رئاسة الجمهورية منذ 1954 حتى وفاته. وتحية التي تزوجت عبدالناصر يوم 29 يونيو 1944 تروي في سيرتها أنها عاشت سنوات دون أن تكتب مذكراتها وفكرت في الامر لاول مرة حين كان زوجها "في سوريا أيام الوحدة في سنة 1959 " وواظبت على الكتابة نحو ثلاث سنوات وكان يرحب بذلك. وتقول إنها غيرت رأيها "لا أريد أن أكتب شيئا. وتخلصت مما كتبت وأخبرت الرئيس فتأسف" وقال لها "افعلي ما يريحيك." وتقول ان عبدالناصر رغم رحيله في قلوب المصريين الذين يحيطونها بالتكريم ويرسلون الى البيت برقيات ورسائل وقصائد وكتبا من مصر وخارجها. وتعترف بأن نظرات الوفاء والعرفان التي تراها في عيون الذين يسارعون الى تحيتها في أي مكان "تحية لجمال عبد الناصر. وكل ما ألاقيه من تقدير فهو له." وتسجل أن عبدالناصر ليلة ثورة 23 يوليو 1952 داعب أولاده هدى ومنى وخالد وعبد الحميد ثم ارتدى الزي العسكري فسألته الى أين يذهب الآن؟ "وكانت أول مرة أسأله أنت رايح فين منذ زواجنا" فلم يخبرها بشيء بل قال بهدوء ان عليه أن ينتهي الليلة من تصحيح أوراق كلية أركان الحرب وعليها ألا تنتظر رجوعه الا بعد ظهر الغد". وتقول إن الفجر حمل اليها البشرى "وأخذت أبكي وقلت.. الآن أنا فهمت.. انه انقلاب عسكري... قلت مرة أخرى.. أنا الآن عرفت أنه انقلاب عسكري ونجح. بس فين جمال؟ أريد أن أطمئن عليه. وكنت أبكي وبقيت جالسة حتى الصباح لم أدخل حجرة النوم" ثم جاءها ثروت عكاشة في الصباح وهنأها وأبلغها أن عبد الناصر في القيادة العامة للقوات المسلحة.وترصد المذكرات الحد الفاصل بين العام والخاص في حياة عبد الناصر. فتقول تحية ان أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا أحيانا يجتمعون في البيت حتى الصباح أو الظهر ثم يذهبون ويعودون مرة أخرى بالليل "وكانت القوانين التي تصدر وأقرأها في الجرائد وأسمعها في الاذاعة تصدر أغلبها بعد الاجتماعات المستمرة في بيتنا." وتكتب بعفوية عن دهشتها حين ترد على التليفون "وكنت أسمع كلمة وزير ولم أعتد سماعها اذ كيف يتحدث وزير ويطلب بيتنا في التليفون؟" أما المكالمة التي سعدت بها تحية فكانت من أم كلثوم التي قابلت عبد لناصر وطلبت أن تزور زوجته. وتحت عنوان (الوحدة والانفصال) تتناول الوحدة بين مصر وسوريا (1958-1961) من لحظة النهاية حين تلقى عبد الناصر مكالمة تفيد بوقوع انقلاب عسكري في سوريا ثم خرج وخطب في الاذاعة وكانت "متأثرة لحزنه. وفي نفس الوقت للحقيقة لم أكن حزينة للانفصال... لم تكن الوحدة بالنسبة لي شيئا استريح له... زاد عمله لاقصى حد وفي اخر سنة 1958 مرض بالسكر." وتقول إن عبدالناصر وصفها في جلسة استرخاء على الشاطئ مع وزير الحربية انذاك عبدالحكيم عامر "انها انفصالية ولم تكن تعجبها الوحدة.. وضحكا. وكانت هي الحقيقة فضحكت وقلت.. انها كانت عبئا وأزيح.. وضحكنا جميعا." وتقول انه لم يكن يحب البذخ والترف ولا يرى ضرورة لان تصاحبه في سفره باعتبار ذلك "رفاهية لا يرضى بها... كان الرئيس لا يقبل هدية الا من رئيس دولة ويفضل أن تكون رمزية" وانه تلقى من رؤساء وملوك سيارات وطائرة وغيرها وسلمها للدولة ولم يترك بعد رحيله الا العربة الاوستن السوداء التي اشتراها عام 1949. وتضيف أنه عند زواج ابنتهما هدى قدمت زميلة لها وهي ابنة سفير ساعة مرصعة فلم يقبلها عبدالناصر وحث هدى على أن تكتب لزميلتها خطابا رقيقا. ويتزامن صدور الكتاب مع اتهامات موجهة لرئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق زكريا عزمي بتضخم الثروة خلال عمله مع مبارك. وكانت محكمة قضت الاسبوع الماضي باخلاء سبيله بكفالة 200 ألف جنيه (33600 دولار) على ذمة التحقيقات مستندة الى كبر سنه والى أن كثيرا من ثروته كان مكافات وهدايا من رؤساء دول أجنبية قائلة ان هذا لا يدخل في الكسب غير المشروع.