بدأت سلطنة عُمان فى عام 2020 تطبيق الخطة المالية متوسطة المدى بهدف خفض معدل الدين العام للناتج المحلى الإجمالى من 80٪ فى 2020 إلى 60٪ بحلول 2024، وبفضل زيادة أسعار النفط وخطط الضبط المالى أمكن تجاوز هذا الهدف بعد مرور ثلاث سنوات على تبنى الخطة المالية متوسطة المدى ونحو عامين من تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة والرؤية المستقبلية، وتم تبنى العديد من الإجراءات المالية والمبادرات من شأنها تقليل العجز المالى السنوى وخفض الدين العام وتنويع مصادر الدخل وخفض الإنفاق العام ورفع كفاءته، والعمل على استمرار تحسن النظرة المستقبلية للتصنيف الائتمانى وزيادة ثقة المستثمرين. ونجحت سلطنة عمان فى تحقيق نتائج تفوق التوقعات، حيث تخطى اقتصاد سلطنة عمان تبعات أزمتى النفط والجائحة وواصل مسار التعافى، وحقق نموا جيدا خلال عام 2021 بعد تراجع فى عام الجائحة، وتبع ذلك مزيد من ارتفاع معدل النمو خلال العام الماضى بدعم من صعود أسعار النفط والغاز ونمو الأنشطة غير النفطية، وأنهى اقتصاد سلطنة عمان عام 2022 عند معدل قياسى غير مسبوق مع بلوغ حجم الناتج المحلى الإجمالى ما يزيد على 44 مليار ريال عمانى، وبمعدل نمو 4.3٪ مع نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 1.6٪. سداد الديون وتعزيز النمو والتنويع الاقتصادى ومع مسار مزدوج الاتجاه لجهود تسريع سداد الديون وتعزيز النمو والتنويع الاقتصادى، فمن المتوقع أن تصل سلطنة عمان خلال الأشهر المقبلة إلى خفض معدل الدين العام إلى ما يقارب ثلث الناتج المحلى الإجمالى للدولة، ليكون ذلك من أهم الإنجازات التى يحققها الإصلاح المالى، وفى الوقت الحالى ومع حجم الناتج المحلى الإجمالى يتخطى 44 مليار ريال عمانى، تراجع معدل الدين العام للناتج المحلى الإجمالى إلى نحو 40٪ بنهاية العام الماضى، ومع توقع استمرار نمو الاقتصاد خلال الربع الأول والأرباع التالية من العام الجارى، سيواصل معدل الدين التراجع خاصة بعد إعلان وزارة المالية عن سداد جانب جديد من القروض وانخفاض حجم الدين العام بنهاية الربع الأول من هذا العام. كما بدأت سلطنة عمان عامها المالى الحالى 2023 فى ظل وضع هو الأفضل منذ سنوات بدعم من تسجيل فائض فى العام المالى السابق 2022، وكان أول فائض فى الميزانية منذ 2014 نظرا لارتفاع متوسط أسعار النفط بما يتجاوز سعر النفط المقدر مبدئيا فى الميزانية، وتخفيف أعباء الميزانية عبر نقل مصروفات النفط والغاز إلى خارج الميزانية، وكان إحدى الثمار الرئيسية لارتفاع النفط هو عائدات إضافية تم توجيهها لتحسين مستويات معيشة المواطنين وإضافة مشروعات استراتيجية للخطة الخمسية، وجانب كبير منها لدعم النمو وتوليد فرص العمل فى مختلف المحافظات. اهتمام عُمانى بملف الدين العام ومع الاهتمام الكبير بملف الدين العام كان جانب كبير من هذه العائدات الإضافية مخصصا لخفض الدين والسداد الاستباقى لبعض القروض ذات الكلفة المرتفعة، كما وسعت سلطنة عمان خلال العام الماضى من حيز الاستفادة من التمويل المحلى والاحتياطى العام ووجهت نحو 1.3 مليار ريال عمانى من الاحتياطى لتمويل الميزانية العامة، وأسفر ذلك كله عن تراجع ملموس فى حجم الدين العام وتقلص أعبائه، وخفض الاحتياج للتمويل الخارجى الذى أصبح حاليا مصحوبا بأعباء وكلفة كبيرة، فى توقيت يشهد العالم ارتفاعا كبيرا فى أسعار الفائدة المصرفية وكلفة التمويل، خاصة أن التوقعات تشير إلى أن أسعار الفائدة قد تظل مرتفعة لوقت أطول مما كان العالم يعتقد. توجيه الفوائض المالية لتخفيض الدين العام وفى إضافة جديدة ومهمة للتطورات الإيجابية فى الوضع المالى، أعلنت سلطنة عُمان مؤخراً أنها وجهت الفوائض المالية المتحققة لتخفيض الدين العام بنحو 1.1 مليار ريال عُمانى بنهاية الربع الأول من هذا العام، وسددت جزءا من القروض الحكومية قبل موعد استحقاقها، كما خفضت فى الوقت ذاته معدل الفائدة لبعض القروض من خلال التفاوض مع المقرضين، ونتج عن ذلك الحصول على كلفة تمويل أقل من أسعار التمويل السائدة حاليا، وأشارت وزارة المالية إلى أن الحكومة تمكنت بنهاية الربع الأول من العام الجارى من سداد عدد من الالتزامات تتخطى مليار ريال عُمانى، دون اللجوء إلى إعادة الاقتراض من أجل تمويلها، لينخفض حجم الدين العام إلى نحو 16.6 مليار ريال عُمانى بنهاية مارس 2023م. وبعد أن بلغت مستوياته معدلات تهدد الاستقرار المالى وتؤثر على التصنيف الائتمانى بشكل سلبى ومتوالٍ، كان وضع الدين العام على طريق التراجع وخفض أعبائه المستقبلية من أهم المستهدفات الاستراتيجية لسلطنة عمان، ومثل العام الماضى نقلة مهمة فى ملف الدين العام الذى انخفض إلى 17.7 مليار ريال عُمانى بنهاية عام 2022 أى ما يمثل نحو 40٪ من الناتج المحلى الإجمالى. «ستاندرد آند بورز» تعدل النظرة المستقبلية للسلطنة إلى إيجابية عند «BB» يعد التصنيف الإئتمانى الصادر من وكالة «ستاندرد آند بورز» بتعديل النظرة المستقبلية لسلطنة عُمان إلى إيجابية عند «BB»، ذا أهمية كبيرة فى إيجاد بيئة استثمارية جاذبة، مع توقع نمو الناتج المحلى الجارى وارتفاع مساهمة القطاعات غير النفطية نحو 3.5% خلال عامى 2025 و2026م. وأكد عدد من الجهات الحكومية والخبراء الاقتصاديين، أن التصنيف سوف يساهم فى تحفيز بيئة الاستثمار والأعمال، ما يساعد على نشاط القطاعات الاقتصادية المختلفة، كما أن جهود ضبط الأوضاع المالية والالتزام فى سداد الدين العام يعزز مكانة سلطنة عمان عند البنوك العالمية، ويؤكد قدرة السلطنة على الالتزام بسداد الدين، ما يعطى الثقة للبنوك العالمية والمحلية لتقديم القروض لتمويل المشاريع فى عُمان. مبادرات وإجراءات تطويرية فى الجوانب المالية والاقتصادية أوضحت الوكالة فى تقرير تصنيفها الائتمانى لسلطنة عُمان الذى أصدرته حديثاً، أن تعديل نظرتها المستقبلية جاء على أثر ما تقوم به حكومة سلطنة عُمان من مبادرات وإجراءات تطويرية فى الجوانب المالية والاقتصادية، التى تسهم فى تعزيز المركز المالى لسلطنة عُمان بشكل أفضل مما تتوقعه الوكالة؛ الأمر الذى من شأنه أن يعزز مكانة الاقتصاد المحلى بحيث يكون قادرًا على التكيف مع تقلبات أسواق النفط. وذكرت الوكالة أن ما تبذله الحكومة من جهود فى تحسين الأداء المالى والسياسات الداعمة للنمو الاقتصادي، انعكس فى خفض حجم الدين العام، وما يشهده الناتج المحلى الإجمالى الجارى من نمو قوى، وتراجع إجمالى الدين العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى من أكثر من 60% فى 2021م إلى نحو 40% فى 2022م، مضيفة أن سلطنة عُمان عازمة على مواصلة تحسين مركزها المالى والاقتصادي؛ ما سيزيد من مرونتها فى مواجهة تقلبات أسعار النفط. وتتوقع الوكالة أن ينخفض الدين العام إلى نحو 16.5 مليار ريال عُمانى، أى بنسبة 37% من الناتج المحلى الإجمالى حتى نهاية العام الجارى 2023م، مشيرة إلى أن تراجع معدل الدين العام وتحقيق فوائض مالية خلال عامى 2023 و2024م؛ سيؤدى إلى زيادة الحيز المالى لسلطنة عُمان. ترشيد الإنفاق ونمو الناتج المحلى الإجمالى وقالت الوكالة فى تقريرها: إن الحكومة تمكنت من ترشيد الإنفاق العام خلال عام 2022م رغم ارتفاع العوائد النفطية؛ وذلك نتيجة استمرار الحكومة فى جهود ضبط الإنفاق العام. كما تتوقع الوكالة نمو الناتج المحلى الإجمالى «بالأسعار الثابتة» بمعدل متوسط يبلغ نحو 2.5% خلال الفترة 2023 - 2026م، كما تتوقع أن يبلغ متوسط نمو القطاع غير النفطى نحو 3.5% خلال عامى 2025 و2026م. التصنيف الائتمانى يشهد مزيدًا من التحسن الفترة القادمة وأشارت فى التقرير إلى أنه يُتَوقّع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 90 دولارًا أمريكيًا للبرميل فى 2023م، و80 دولارًا أمريكيًا للبرميل فى 2024م، و55 دولارًا أمريكيًا للبرميل فى 2025م، كما ذكر التقرير أن التصنيف الائتمانى لسلطنة عُمان قد يشهد مزيدًا من التحسن خلال الفترة القادمة فى حال أسهمت الإجراءات المتخذة حاليًا فى تقوية المركز المالى لسلطنة عُمان، فى ظل استمرار خفض معدل الدين العام وكلفة خدمة المحفظة الاقراضية. ونبّهت الوكالة فى ختام تقريرها إلى أن التصنيف الائتمانى قد يتأثر؛ فى حال تراخى تنفيذ الإجراءات المالية أو حدوث عوامل غير متوقعة تؤدى إلى ارتفاع مستويات العجز المالى، وتأثر ميزان المدفوعات بصورة تتجاوز توقعات الوكالة. تحفيز بيئة الاستثمار والأعمال وقد أوضحت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة أهمية النظرة المستقبلية للتصنيف الائتمانى الإيجابى لسلطنة عمان فى تحفيز بيئة الاستثمار والأعمال فى المناطق التابعة لها، حيث يضع التصنيف «BB» من وكالة ستاندرد اَند بورز، سلطنة عمان فى مصاف الدول العالمية الجاذبة الاستثمارات الأجنبية والمحلية، الذى بدوره سوف يساهم فى رفع الناتج المحلى الإجمالى. وتقدم الهيئة العديد من التسهيلات والحوافز لاحتضان العديد من المشاريع الاستثمارية فى مختلف المناطق والمدن الصناعية. وأشارت الهيئة إلى أن سلطنة عمان بيئة جاذبة ومهمة للمستثمرين نظرا لاستقرار المركز المالى فيها، وتواصل الهيئة عبر محطاتها المختلفة الجهود لتقديم مختلف المزايا لبيئة الأعمال والعمل على تحديث منظومة التشريعات والقوانين بما يخدم البيئة الاستثمارية، لجذب العديد من المستثمرين فى مختلف القطاعات الاقتصادية، كما تقدم دعما عبر توحيد التراخيص والموافقات والشهادات التى تتعلق بممارسة الأنشطة الاقتصادية. ومساندةً لأعمال الجهات الحكومية والخاصة ودورها الكبير فى نمو الناتج المحلى الإجمالى واستمرار تحسن الأداء المالى، فإن الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة تواصل العمل بدورها فى تنظيم البيئة الاستثمارية وتشجيع المستثمرين عبر الترويج للفرص الاستثمارية المتوفرة فيها والإعلان عن الحوافز والمزايا والتسهيلات التى تمنح لكل من الجهة المشغلة والشركة العاملة.