يقف مسجد ومدرسة السلطان بمصر القديمة رمزاً لعظمة البنيان متحدثاً عن العمارة الإسلامية بعصر المماليك فى أكثر مراحله نضوجاً وقوة، تحفة معمارية عالية الدقة تبهر العالم إلى الآن، وتحتل مكانة مميزة على الخريطة السياحية للدولة. الجامع والحصن عكف السلطان الناصر حسن بن قلاوون على بنائه عام 757 هجرية ولمدة ثلاث سنوات بهمة وكد متصلين، وبمزانية ضخمة فأنتج أضخم المساجد وأعلاها وأرفقها بمدرسة تعنى بتدريس المذاهب الفقهية الإسلامية الأربعة، وقرر السلطان لكل مذهب شيخا ومائة طالب وآخرين للتفسير والحديث النبوي وخصص ثلاثة أطباء لمداواة المحتاجين مع شروق كل يوم، ولم يقف عطاء هذا الصرح عند كونه مسجداً ومدرسة وسبيلا للعلاج، بل أيضاً حصناً بسب موقعه المتميز أمام قلعة الجبل وارتفاعه الشاهق، حيث يصعدون أعلى البناء ويطلقون المجانق عندما تندلع النزاعات بين المماليك. السلطان حسن ولد السلطان سنة 735هجرية، واسمه الحقيقى قامري، وعرف بحسن بعد توليه ملك مصر سنة 748 هجرية فى الثالثة عشرة من عمره، وكانت شئون البلاد بيد أمير يدعى بيبغا روس حتى بلغ سن الرشد وتولى زمام الأمور، تآمر عليه الأمراء وعزلوه وسجنوه ولكنه عاد للحكم عام 752 هجرية، وقيل إنه قتل خنقاً وألقى فى البحر ولا يعرف له قبر، ولكن ترك عمارة مهيبة خلدت ذكره. درة العمارة الإسلامية يخطف نظرك مسجد السلطان بنهاية شارع محمد على فى ميدان صلاح الدين بالقرب من القلعة، ويقابله جامع الرفاعي، ويستقبل زواره بفناء مكشوف ويوجد باب لكل زاوية من زوايا الصحن الأربع توصل إلى المدارس الفقهية الأربع، ويتميز بقباب ذات زخارف وتصميم فريد ومنبر رخامى دقيق التفصيل والزخرفة بالخط الكوفي، وقد مر بعمليات تمرميم وتجديد كثير على مر العصور حتى عصرنا الحالي.