يتمتع ميدان المساجد أو الحي الصوفي بمحافظة الإسكندرية، والذي يضم مسجد "المرسي أبوالعباس"، بمكانه خاصة في قلوب الجميع، ويظهر هذا عندما يحل شهر رمضان، يشعر الجميع بروحانيات مختلفة في تلك المناطق. يمتلك مسجد "المرسي أبوالعباس"، أهمية وقيمة تاريخية وأثرية، جعلته مقصدًا لكثير من السائحين والمصريين؛ لأداء صلاة التروايح، رغم أن المسجد يخضع لأعمال التطوير منذ عام، أطلقها محافظ الإسكندرية مشروع تطوير ميدان المساجد بمنطقة أبوالعباس في نطاق حي الجمرك، بتكلفة مقترحة نحو 271 مليون جنيه، ومدة تنفيذ 24 شهرًا، تفعيلًا لاستراتيجية التنمية الشاملة للمحافظة بهدف رفع كفاءة وتطوير المواقع والميادين المتميزة في المحافظة. يتم التطوير بالساحة العلوية، وساحة المقامات، وحديقة ميدان "المرسي أبوالعباس"، ومسجد الأباصيري، بالإضافة إلى ترميم الجراج الأرضي نظرًا لتصدع السقف والحوائط الذي نتج عن تسرب المياه الجوفية، وكذلك تهالك شبكة الصرف الصحي، مما أدى لانهيار أرضية المحلات. عادتها كل عام، تتحول منطقة «بحرى» فى الإسكندرية من مجرد منطقة سكنية ومزار سياحي، إلى حاضنة أهلية لكل فئات المواطنين أثناء شهر رمضان، فى ظل ما تتمتع به من ليالٍ رمضانية «دافئة» تبدأ مبكرًا ولا تنتهى إلا بعد طلوع الشمس، مسجد «أبوالعباس» هو أشهر مساجد الإسكندرية، الذى اكتسبت المنطقة المحيطة به اسمه، يصبح خلال أيام وليالى شهر رمضان، قبلة لأبناء الإسكندرية للصلاة وتلاوة القرآن والتعبد، و«فسحة» للأطفال فى الوقت ذاته، بسبب امتلاء الشوارع المحيطة به عن آخرها بكل أشكال وأنواع الألعاب والأرجوحات وتنظيم المسابقات وغيره. مسجد "المرسي أبوالعباس"، له مكانة خاصة في قلوب أهل الإسكندرية وتاريخ وقيمة كبري، وسيدي أبوالعباس هو أحد الأقطاب الذين اعترفت لهم الأمة الإسلامية بعلو الهمة، وصدق المحبة لله ورسوله، ولد في مُرسية إحدي مدن الأندلس عام 616ه، ونسب إليه مسمي المرسي وحفظ القرآن صغيرًا، وعمل بالتجارة وقاد تجارة والده وفي 640ه اعتزم والده الحج واصطحب والديه وأمهما وركبا طريق البحر، فهبت عليهم ريح، فغرقت المركب إلا أن العناية الإلهية أدركت أبا العباس وشقيقه، فقصدا تونس، فعمل شقيقه بالتجارة وأخذ أبوالعباس يعلم الأولاد القرآن، وكان الشيخ أبوالحسن الشاذلي يقيم في زاوية قريبة، فذهب له أبوالعباس وتعلق به وأصبح يلازمه، ووفد معه إلي مصر عام 642ه ونزلا بالإسكندرية. واختار أبوالحسن مسجد العطارين لإلقاء دروسه ثم ما لبث أن توفي وهو في الطريق للحج واستكمل أبوالعباس إلقاء الدروس وهداية الناس إلى الله، وتتلمذ علي يديه الكثير من الأولياء ومات ودفن في الإسكندرية في المسجد الذي سمّي على اسمه، وهذا المكان كان يسمي مقبرة باب البحر، وكان يدفن بها العلماء ولم يكن المسجد موجودًا حين وفاته، بل بني عليه مسجد صغير وتوالت عليه الأحداث حتى تم بناء هذا الصرح العظيم. جاءت فكرة بناء مسجد أبوالعباس بشكله الحالي في عام 1927، بعد أن اتخذ الملك فؤاد قرارًا بإنشاء ميدان المساجد، بعد تحديث مدينة الإسكندرية وتوسعة الشوارع ونقل مقابر باب البحر التي كانت تتواجد حينها في موقع ميدان المساجد إلي مقابر المنارة، والمسجد يتخذ شكل المساجد المعلقة، إذْ يرتفع عن الأرض ويتم الصعود إليه ببضع الدرجات؛ بسبب تواجد مقابر ومقامات الأولياء أسفله أو ما يسمي المنامات، إذْ يدفن أسفل المسجد 11 من الأولياء مع المرسي أبوالعباس أهمهم أبناؤه: ولدين وابنته والشيخ الفكهاني وأبوشامة وغيرهم، أول من بدأ بناء مسجد أبوالعباس مصمم إيطالي يدعي "فازاي" لكنه يترك العمل به. ليستكمله المهندس الإيطالي ماريو روسي الذي يقال إنه اعتنق الإسلام بعد افتتاحه، وشيد بعدها الكثير من المساجد في الإسكندرية، إذْ كانت بداية استخدام الخرسانة المسلحة في بناء مسجد وجلب "روسي" 16عمودًا جرانيت من إيطاليا بمواصفات خاصة لكي تتحمل ضغط سقف المسجد، إذْ كان يخشي من قبة المسجد، فقام بإلغائها ليكون مكانها ما يسمي ب"الشخشيخة"، وتم وضع 8 أعمدة الجرانيت في المنتصف. و8 لجوانب المسجد وتم تصميم 4 قباب من الجوانب، وبني المسجد علي الطراز المثمن. هو أول مسجد يبنى علي هذا الطراز في مصر، تأثرًا بمسجد قبة الصخرة، وقد بني على مساحة 3000 متر مربع، واستغرق بناؤه 18عامًا حتى جاء قرار افتتاحه عام 1945. تجولت "الوفد" بمسجد أبوالعباس لرصد احتفالات المواطنين بشهر رمضان الكريم، في البداية قالت "سيرينا روشان" إحدى السائحات: "نحن نحضر إلى القاهرة والاسكندرية خصوصًا فى شهر رمضان للتمتع بمعالمها الجميلة ونحب مشاركة المصريين فى احتفالاتهم الجميلة خصوصًا فى شهر رمضان؛ لأنه يكون له معالم خاصة، إذْ يتمتع بالزينة والأنوار والبهجة والفرحة بالفعل رمضان مع الحسين حاجة ثانية. يقول ياسر عبيد أحد رواد المسجد: "أبوالعباس له قدسية خاصة فى شهر رمضان المبارك، فهو يجمع أغلب فئات الشعب السكندرى، ومن خارج المدينة أيضًا، إذْ يتحول من جامع إلى مأوى لكل من يلجأ له، وفى أول رمضان نتوجه جميعًا للجلوس فى المسجد لقراءة القرآن فى جو روحاني، إذْ يتجمع الأشخاص فى مجموعات، لقراءة وتفسير القرآن، حتى وقت الإفطار، الذى يتوقف الجميع عن التعبد فيه، ويجرى توزيع الطعام على رواد الجامع، ليفطر الجميع على مائدة واحدة، وسط بهجة وفرحة". قالت " ماجدة السيد " بالمعاش: "إننى من قاطنى منطقة بحرى ومنذ صغرى وأنا أتردد على مسجد "المرسى أبوالعباس" ومسجد سيدى ياقوت العرش المقابل لأبي العباس وأحد مثلث منطقة مجمع المساجد بمنطقة بحرى: أبوالعباس وسيدى ياقوت العرش من الجوامع التى تربى عليها الأجيال، فمنذ الصغر كان أبوالعباس أفضل الجوامع، إذْ روحانية الجو، وتجمع الأشخاص على مائدة طعام واحدة، وتفسير آيات القرآن"، وتضيف: "جامع أبوالعباس يتزين بداية من أول يوم رمضان بالزينة والأنوار، وتمتلئ ساحاته بألعاب المولد، عشان تجمع العيلة، من الأطفال حتى كبار السن". وقال محمد فتحى من سكان منطقة بحرى: "فى مجمع أبوالعباس، ليالى رمضان تختلف عن جميع الجوامع، إذْ الروحانية والهدوء، صلاة التراويح على أصوات أفضل الشيوخ، وتفسير القرآن، وذكر الله والرسول»، وأضاف أن المسجد يعد من أعرق مساجد العالم الإسلامى، يؤوى كل ما يحتاج إليه الناس فى شهر رمضان، إذْ يعد قطعة من الجنة". وقالت الطفلة ريتاج صلاح أحد رواد المرسى أبوالعباس: "دائمًا بحضر مع والدتى لأداء صلاة التراويح بالمسجد بحب المرسى أبوالعباس جدًّا عشان باجى ألعب كل رمضان، وأركب المراجيح، وأضرب بومب وصواريخ، وأفطر مع كل الناس، وأصلى التراويح مع والدتى فهو أفضل الأماكن التنزه لنا". يقول أشرف محمد، أحد رواد جامع المرسى أبوالعباس بالإسكندرية: "إنه فور حلول شهر رمضان الكريم، يجمع العائلة لزيارة المرسى أبوالعباس، للاحتفال بشهر رمضان، فى كنف المرسى أبوالعباس وجامع سيدى ياقوت، إذْ الأجواء دائمًا ما تدخلنا فى حالة رمضان التى فقدها الشارع على مدار السنوات الماضية، إذْ قراءة القرآن وتفسيره وذكر الله والرسول، والبعد عن مسلسلات رمضان، وترفيه الأطفال فى الساحة وسط ألعاب المولد، وسماع ترانيم الشيوخ". وعلى بعد قرابة 100 متر من مجمع المساجد وما به من جو روحانى وإيمانى مهيب، وما يحيط به من مراجيح وجو ممتع للأطفال، يبقى «قهوة فاروق» كامل العدد من الفطار حتى السحور. «قهوة فاروق» بمنطقة بحرى، يشهد أكبر تجمع بشرى يومى بين مقاهى المدينة. قال محمد متولى، مدير منطقة آثار الإسلامية والقبطية بالإسكندرية والساحل الشمالى: "إن منطقة آثار الإسكندرية قد تقدَّمت بطلب إلى اللجنة الدائمة للآثار، لتسجيل المسجد كأحد الآثار الإسلامية بمحافظة الإسكندرية، خصوصًا أنه يقع بجوار قلعة قايتباى، أحد أهم الآثار الإسلامية بمحافظة الإسكندرية"، وأشار "متولى" إلى أن المسجد يعد من أهم الآثار الإسلامية إذْ يتميز بطراز معمارى مميز، يعبر عن تراث الفن الإسلامى، كما أن مقبرة "باب البحر" تعد من التراث الإسلامى بالمحافظة.