الحقيقة مفزعة، والصمت جريمة، والتهاون خيانة. ما جري يوم 29 يناير عام 2011 من تسلل عناصر حمساوية عبر الحدود، وهجوم منظم للسجون المصرية، وإزهاق أرواح 15 مصرياً لا يجب أن يمر مرور الكرام، حتي لو كان المشاركون والمتواطئون هم الحكام اليوم. لا يعفيهم من المحاسبة منصب، ولا تمنعهم من الحساب مكانة، ولا يحميهم من المحاكمة نفوذ.. هم الأولي بالتوقيف والتحقيق والمحاكمة بدلاً من اصطياد نشطاء الثورة بدءاً من دومة وعلاء عبدالفتاح وحتي أحمد ماهر. دخل عشرات المسلحين الفلسطينيين إلي مصر يوم 29 يناير، وأطلقوا الرصاص علي ضباط وجنود مصريين، وسفكوا الدماء، وحرروا المجرمين، ثم ذهبوا إلي التحرير ليطلقوا النار بشكل عشوائي علي المتظاهرين في إطار سكب مزيد من الفوضي لزعزعة نظام مبارك. هرب محمد مرسي ضمن من هربوا يوم الاقتحام الغريب، ورصدت المخابرات المصرية ما جري، كما رصده جهاز أمن الدولة، وسجله رجاله في دفاترهم قبل إحراقها في حادث أكثر غرابة. تغيّرت الأفعال وانقلبت الأحوال وصعد إلي السلطة من تم اتهامهم بالخيانة والتجسس وإدخال القتلة الغرباء إلي الوطن، لكن ما لم يتغير ولم ينقلب أن قلوباً نابضة بحب الوطن أبت الصمت، وعقولاً صاحية بالوعي بمعني مصر رفضت «الصهينة» وفتحت قضية تهريب المساجين والقتلة، ومنهم السجين محمد مرسي من محبسه علي جثث 15 مصرياً سقطوا ضحية الغدر الحمساوي. رغم ثبوت إجرام حماس، وغدرها بمصر وكرامتها ودعمها لفلسطين، فإن الإخوان وقادتهم وزعماءهم وخطباءهم ورجالهم مازالوا يفتحون لها ولقياداتها الأبواب والنوافذ ووسائل الإعلام، مازال الإخوان يقدمون مصلحة تنظيمهم السري علي مصلحة مصر، ويفرّطون في الوطن حفاظاً علي الجماعة، مازال عريانهم، وبديعهم وشاطرهم يشيدون كل يوم برجال المقاومة المزيفين الذين حولوا بنادقهم من استهداف الدولة الصهيونية إلي استهداف أمن مصر وسلامة أبنائها. شهد الرئيس مرسي ما جري في السجن وعليه أن يتكلم، أن يكشف لنا كيف فتح له المجرمون الأجانب بوابات السجن ليهرب، ومن قتل الحراس المصريين، ومن تسلل نحو ميدان التحرير ليصوّب غدره إلي ظهور الثوار! علي الرئيس مرسي ألا يكتم الشهادة، لأن من يكتمها آثم قلبه، عليه أن يحكي ما كان مخافة يوم تخشع فيه القلوب والأبصار، عليه أن يشير إلي القتلة ويحددهم ولا يرد لهم جميل التهريب علي حساب مصر ودماء أبنائها، عليه أن يفعل، وإلا صار متواطئاً علي الوطن الذي رباه وعلمه وأعطاه معني أن يكون مصرياً. وفي هذه الحالة فإن لم يكن الرئيس مرسي متواطئاً بالفعل فهو متواطىء بالصمت، لذا فإنه يستحق المحاكمة بتهمة السكوت عن الحق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.. والله أعلم.