رئيس مجلس الشيوخ ينعى شقيق المستشار عدلي منصور    إيران: لن نتردد في الرد بقوة على أي اعتداء    فانتازي يلا كورة.. محمد صلاح ضمن فريق الكشافة.. والقائد مفاجأة    رسميا.. اتحاد الكرة يعلن تعديل موعد كأس السوبر للسيدات    هدف الأهلي السابق.. آيك أثينا يتعاقد مع كوتيسا    حادث تصادم سيارتين على الطريق الإقليمي بالمنوفية    "المنشاوي" يترأس اجتماع المجلس الأكاديمي لجامعة أسيوط الأهلية    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية.. صور    إطلاق نار بالقرب من مقر وكالة المخابرات الأمريكية CIA في ولاية فرجينيا    فرنسا تهدد إسرائيل: سنفرض عقوبات ما لم توقف عمليات غزة    القوات الروسية تسيطر على بلدة نوفايا بولتافكا في دونيتسك    اختيار مدينة العلمين الجديدة عاصمة المصايف العربية لعام 2025    السكرتير العام المساعد لمحافظة الجيزة: 19 سوقا لتوفير السلع بأسعار مناسبة    محافظ البحيرة تلتقي ب50 مواطنا في اللقاء الدوري لخدمة المواطنين لتلبية مطالبهم    مواعيد مباريات اليوم الخميس في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    أحمد سالم: رفض تظلم زيزو لا يعني تعسفًا.. وجماهير الزمالك نموذج في دعم الكيان    حصاد البورصة.. صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 0.11% خلال ثالث أسبوع فى مايو    استمرار حبس المتهمين بإطلاق أعيرة نارية تجاه مقهي في السلام    المنطقة الأزهرية تعلن ختام امتحانات نهاية العام الدراسي للقراءات بشمال سيناء    "الصوت والضوء" تطلق عروض الواقع الافتراضي بمنطقة الأهرامات    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    أسماء جلال تحتفل بعيد ميلادها ال30 فى أجواء مبهجة.. صور    إشادات نقدية للفيلم المصري عائشة لا تستطيع الطيران في نظرة ما بمهرجان كان    وزير الصحة: مصر حريصة على تقديم كل سبل الدعم الصحي للأشقاء السودانيين    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    القومي للمرأة ينظم لقاء رفيع المستوي بعنوان «النساء يستطعن التغيير»    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    أسرار متحف محمد عبد الوهاب محمود عرفات: مقتنيات نادرة تكشف شخصية موسيقار الأجيال    أدعية دخول الامتحان.. أفضل الأدعية لتسهيل الحفظ والفهم    إسرائيل تسحب وفدها من مفاوضات الدوحة    مجلس وزراء الصحة العرب يؤكد دعمه للقطاع الصحي الفلسطيني    وفاة شقيق المستشار عدلى منصور وتشييع الجنازة من مسجد الشرطة بأكتوبر اليوم    خبير تربوي: تعديلات قانون التعليم مهمة وتحتاج مزيدًا من المرونة والوضوح    الجوازات السعودية تكشف حقيقة إعفاء مواليد المملكة من رسوم المرافقين لعام 2025    "سائق بوشكاش ووفاة والده".. حكاية أنجي بوستيكوجلو مدرب توتنهام    ضبط 9 آلاف قطعة شيكولاته ولوليتا مجهولة المصدر بالأقصر    ماتت تحت الأنقاض.. مصرع طفلة في انهيار منزل بسوهاج    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    خالد الجندي: يوضح حكم الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة؟    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    اليوم العالمي للتنوع البيولوجي.. "البيئة" تكشف سبيل إنقاذ الأرض    تأثير الكبد الدهني على القلب- نصائح فعالة للوقاية    الدكتور محمد خليل رئيسًا لفرع التأمين الصحي في كفر الشيخ    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    «الداخلية»: ضبط 46399 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    إعلام عبري: إسرائيل تستعد للسيطرة على 75% من أراضي غزة    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    جامعة بنها الأهلية تنظم اليوم العلمي الأول لكلية الاقتصاد وإدارة الأعمال    «سلوكك مرآتك على الطريق».. حملة توعوية جديدة لمجمع البحوث الإسلامية    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    "صحانا عشان الامتحانات".. زلزال يشعر به سكان البحيرة ويُصيبهم بالذعر    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جولات الرئيس: "غيبوبة" نظام.. "ومتاهة" شعب

في الوقت الذي يعاد فيه تشكيل القوي الإقليمية في الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي تواصل فيه المقاتلات الصهيونية قصف سوريا بمباركة أمريكية، ووسط استنفار إسرائيلي عسكري علي الحدود، ومناورات للاسطول الأمريكي في الخليج، وتحفز إيراني - لبناني،
وسط كل ذلك أصر الرئيس محمد مرسي علي القيام بزيارة رسمية لدولة البرازيل ليس بهدف إطفاء البؤر الملتهبة في الشرق الأوسط، حيث لا تمتلك البرازيل أوراق ضغط مباشرة ومؤثرة في المنطقة، لا سياسياً ولا عسكرياً، وإنما هي زيارة لا تخرج عن الإطار الاقتصادي البحت الذي لم يلمس الشعب المصري مردودا له في مختلف الجولات الخارجية حتي الآن.
وإذا علمنا أن جولات الرئيس «مرسي» الخارجية علي مدار ما يقرب من عام، منذ توليه السلطة في 30 يونيه الماضي، لم تشمل زيارة واحدة للدول التي تحتضن أموال مصر المهربة، فضلاً عن أنها لم تؤطر لتشكيل أية محاور استراتيجية نجد أنفسنا أمام «متاهة» علي صعيد التحرك السياسي، وإزاء «ضجيج بلا طحين» لتحركنا الاقتصادي الخارجي.. وإلي تفاصيل هذه المتاهة:
أموالنا المهربة تسقط من أجندة «الجماعة»
قام الدكتور محمد مرسي منذ توليه منصب رئيس الجمهورية في 24 يونيو 2012 بعدد من الجولات والزيارات لدول حول العالم، وصلت إلى 6 زيارات خارجية فى وقت قياسى، وقد أثارت زيارته للدول الخارجية منذ أول محطة لها بالمملكة العربية السعودية وصولا إلى زيارته للبرازيل كثيرا من الجدل فى الشارع السياسى المصرى، ليس لأنها لم تحقق النتائج التى يتمناها الشعب فقط، بل لأنها افتقدت لاستراتيجية سياسة خارجية وافتقدت لخبرة احترافية واضحة المعالم، استراتيجية يتم معها تحديد الأولويات للدول التى يجب ان يزورها ويوثق علاقته معها، أو تلك التى ستدعم مصالحنا فى المرحلة الراهنة الجديدة من تاريخ وأوضاع مصر ما بعد الثورة.
لعل أبرز ما يلفت النظر فى خارطة زياراته للخارج، أنه لم يدرج على هذه الخارطة الدول التى توجد بها أموال مصرية مهربة، تلك الأموال التى قام بتهريبها عناصر وأذناب النظام السابق وأعوانه، فلم يعط الرئيس اهتماماً لأن يزور كل من سويسرا وإسبانيا وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة التى بها اموال مصر، هذا اضافة الى ان نصيب دول الربيع العربى مثل ليبيا وتونس واليمن صفر، فلم تحظ باهتمام أو زيارات الرئيس ، وهى الدول التى تتشابه أوضاعها إلى حد كبير مع المناخ السياسى والاقتصادى الذى تمر به مصر، الأمر الذى يؤكد ان خارطة زياراته عشوائية، ولا تتم على أسس سياسية أو اقتصادية حقيقية.
كان من باب أولى، ان يسعى الرئيس إلى زيارة الدول سالفة الذكر التى تحتفظ بأموال مصر المهربة فى بنوكها، وكان توثيق العلاقات وتجديد جسور التواصل والتعاون مع هذه الدول، سيسهم بصورة طبيعية كبيرة فى تقصير أو اختصار المسافات القانونية والمعوقات التى تضعها هذه الدول امام مصر حتى لا تعيد إلينا أموالنا المنهوبة، ويكفى القول ان مصر لم تسترد حتى الآن إلا مبلغ 210 ملايين دولار من أموال مصر المهربة إلى سويسرا، وهى أموال تم استردادها لصالح 3 بنوك مصرية «الأهلي ومصر والقاهرة»، وهي أموال تمثل تقريبا ثلث المبالغ المصرية المُهربة فى بنوك سويسرا، والتى يُقدر حجمها بحوالى 705 ملايين دولار، وتماطل سويسرا بكل الطرق لعدم إعادة الأموال، حيث تعلن منذ اشهر انها بصدد طرح قانون داخلى للاستفتاء الشعبى قد يتيح استرداد الأموال المصرية المُهربة إليها والمودعة لدى بنوكها.
وتجاهل الرئيس مرسى لتوثيق العلاقات مع سويسرا، أو حتى المبادرة بزيارتها، وإتمام حوارات مباشرة حول أموال مصر، يؤدى بدوره إلى إعطاء الفرصة لسويسرا للمماطلة والتهرب، وخلق الحجج، فترك الأمر للمسارات التقليدية، يعطى الفرصة للألاعيب القانونية لدى سويسرا أو غيرها، ولفتح ثغرات التهرب، وتهريب الأموال الى مسارات اخرى يستحيل مع مصر استردادها فيما بعد، بل المثير فى الأمر انه بدلا من السعى لزيارة الدول التى لديها مليارات مصر، سعى الرئيس إلى بذل جهوده فى الاقتراض وطلب المساعدات من دول أخرى.
ولم يختلف الحال بالنسبة لبريطانيا التى قامت بتجميد أرصدة مالية لعدد 19 شخصية مصرية, من بينهم عائلة الرئيس المخلوع حسني مبارك، ولم يفكر الرئيس ولا مستشاروه بوضع بريطانيا على خارطة زياراته المكوكية للخارج لينقل إليها وبصورة مباشرة أهمية انهاء ملف اموال مصر المهربة لديها، بل و تؤكد المعلومات وجود سوء تفاهم بين بريطانيا ومصر بشأن استعادة هذه الأموال حيث وعدت بريطانيا بدورها باستصدار قانون جديد من الاتحاد الأوروبي يتيح للدول الأعضاء رد أي أموال مملوكة لمسئولين فاسدين مصريين إلي مصر بصورة تلقائية دون انتظار صدور أحكام نهائية من القضاء المصري تؤكد فساد مصدر هذه الأموال.
وعلى الرغم ان مؤسسة الرئاسة المصرية لديها تقارير تؤكد أن الأصول المصرية المسروقة تم إخفاؤها داخل شركات وصناديق وهمية فى بريطانيا لإخفاء هوية المالك الحقيقي، لم تتحرك الرئاسة لزيارة بريطانيا لتحريك هذا الملف الهام، بل تم الاكتفاء بقيام سلطات الرقابة والتحقيق المصرية بتزويد السلطات البريطانية بمعلومات عن الأموال المصرية، وتم ترك الأمر للإجراءات القانونية طويلة الحبال، والتى لا يعلم سوى الله مداها ونهايتها.
أيضا لم يقم الرئيس مرسى بزيارة إلى المملكة الإسبانية الهارب إليها حسين سالم بأمواله التى تفوق ال40 مليار جنيه، ومن الطبيعى ان فرصة استرداد هذه الاموال ستكون اكبر حال قيام مرسى بزيارة إسبانيا بنفسه، فتخصيص زيارة رسمية لاسبانيا من أجل استعادة أموال مصر، لأمر جدير بالاهتمام، بل ما حدث أيضا هو انتظار الرئاسة للإجراءات التقليدية التى ستستغرق سنوات وسنوات، بل وبدأ حسين سالم نفسه فى استغلال الوقت، لتهريب معظم أمواله للمرة الثانية إلى دول أخرى غير إسبانيا، بل وتم عرض الفتات على مصر وأعلن محامى الدفاع عنه ان جملة أمواله هى 10 مليارات جنيه، موزعة على أرصدة وأصول وأسهم بقيمة الأسعار الحالية، وعرض المحامى تنازل موكله الهارب عنها فى مُقابل انتهاء الملاحقة القضائية له ورفع اسمه حسين سالم من قوائم المطلوبين.
كما لم يقم الرئيس محمد مرسى بزيارة للإمارات التى تربطها بمصر علاقات قوية، وهى الدولة التى يتردد أيضاً ان بها حوالى 80% من أموال مصر المُهربة فى بنوك ابو ظبى، بل وسمحت مؤسسة الرئاسة بالعلاقات مع الإمارات لأن تتوتر وتسير إلى طريق الفرقة والخلافات، وزاد من الطين بلة ضبط تنظيم الاخوان فى الإمارات المتهم الآن بالتخطيط لقلب نظام الحكم، وسمحت مؤسسة الرئاسة بإفساد العلاقات بسبب تصريحات أطلقها رئيس شرطة دبى ضاحى خلفان حول جماعة الإخوان، وهكذا ضحى الرئيس بعلاقات مصر مع الإمارات، وبأموال مصر فى بنوك الإمارات من أجل عيون جماعة الإخوان، ومقابل ألا ينالها أحد بأى انتقادات، فكانت الإمارات التى أحبت مصر فى شخص رئيسها الراحل الشيخ زايد تستحق زيارة ودية وأكثر مع قادتها، لتحسين العلاقات ورد أموال مصر المنهوبة الموجودة «كما تؤكد المعلومات» فى بنوك أبوظبى.
كما يتساءل الشارع المصرى لماذا لم يقم الرئيس مرسى بزيارة جارة مصر «ليبيا» تلك الشقيقة التى ترتبط مع مصر بعلاقات حدودية ومصاهرة وعلاقات تاريخية، وهى الدولة الشقيقة التى تمر بمرحلة إعادة إعمار، ومن الممكن ان تستوعب سواعد المصريين، كما لم يزر أى من تونس واليمن، دول ثورات الربيع العربى الأخرى، للاستفادة وتبادل الخبرات وتوثيق العلاقات، والتباحث حول المتطلبات الديمقراطية الجديدة التى تسعى اليها شعوب هذه الدول بجانب شعب مصر، وهي متطلبات من أجلها قامت ثورات الربيع العربى، ولم يتحقق منها شيء يذكر.
فضيحة روسيا: «إرهاب» الجماعة يتقدم على كرامة مصر
جاءت زيارة الرئيس محمد مرسي إلى روسيا منذ أسابيع بمثابة الفضيحة بالمعنى الحرفي للكلمة، فهذه الزيارة التي تم التهليل لها من قبل أبواق إعلام جماعة الإخوان المسلمين وإعلام الدولة الرسمي على أنها فتح كبير للرئيس، الذي فشل حتى في إقناع الجانب الروسي بأن تكون زيارة رسمية.
نعم هذه الزيارة كانت غير رسمية طبقا لما أكدته المصادر الروسية من أن مرسى وصل روسيا كزائر وليس كرئيس دولة مع الاحتفاظ بحق الدخول باستخدام جواز السفر الدبلوماسى مع حراسة روسية صغيرة، ولم يسمح لمحمد مرسى باستخدام حرس الرئاسة الخاص به لانه لم يكن فى زيارة رسمية.
وازداد حجم الفضيحة بعد رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبال مرسى فى المطار، كما أن الأمن الروسى أغلق الطائرة على حرس مرسى وسمح له بالنزول منفردا. كما لم يحظ مرسي بشرف الهبوط للطائرة الرئاسية فى مطار موسكو الدولى وتم الهبوط فى مطار بداخل مدينة سوتشى، كما أن بوتين نفسه الذي كان مقيما فى هذه المدينة لافتتاحه إحدى المناسبات الرياضية، أصدر قرارا بمعاملة مرسى كدبلوماسى رفيع المستوى وليس كرئيس وهو نفس ما ينطبق على أى سفير أو شخصية عامة تزور روسيا.
وبعد محاولات عدة من جانب السفارة المصرية، وافق بوتين أن يقوم عمدة سوتشى باستقبال محمد مرسى فى مطار تابع لمدينة سوتشى، ولكن المفاجأة أن السلطات الروسية طلبت من طاقم الطائرة التنبيه على الركاب بأن سلطات الأمن الروسية ستقوم بتفتيش الطائرة بحثا عن الأسلحة الشخصية التى يمكن أن يحملها حرس محمد مرسى أو بقاء من عليها داخل الطائرة فيما عدا محمد مرسى وفى النهاية قام محمد مرسى بالنزول من الطائرة بصحبة عدد صغير من موظفى الخارجية. ولم يهتم بوتين بمقابلة محمد مرسى فور وصوله وعندما تمت المقابلة تم التنبيه على السفارة المصرية بإبلاغ محمد مرسى بأن وقت بوتين لن يسمح سوى بأقل من ساعة ويجب أن يتم توضيح هذا لمرسى.
ما الذي جعل الرئيس محمد مرسي يقبل كل هذه المهزلة الدبلوماسية له كشخص وكرئيس لأكبر دولة عربية ولبلده التي حطت هذه الزيارة من قدرها. لعلك تندهش عندما تعرف أن مرسي لم يحقق أي مكسب اقتصادي أو تجاري لمصر من هذه الزيارة ولاحتى أي مكسب سياسي لبلاده، إن لم يكن خسارة لقيمها ومواقفها.
لقد تلقى مرسي من بوتين في الوقت القصير الذي التقيا فيه درسا في أن علاقة روسيا هى بمصر وليس بشخص الرئيس، وأن التعاون الذى حدث بين الاتحاد السوفيتى السابق وجمال عبد الناصر لم يكن تعاونا شخصيا بقدر ما استند على تفاهمات ومصالح مشتركة بين البلدين، ليترك مرسي بعد ذلك وبعض موظفى الخارجية فى ضيافة عمدة مدينة سوتشى.
وفي هذه الزيارة القصيرة التي لم يجن مرسي منها شيئا اضطر لأن يعلن أن موقف القاهرة متطابق مع موقف موسكو بشأن الأزمة السورية، وهو ما يعني تراجعا واضحا عن دعم الثورة السورية واختيار موقف اقل ما يقال عنه موقف مائع تجاه ثورة ضحى فيها السوريون بعشرات الآلاف من أبنائهم.
وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، لم يتمكن مرسي من تحقيق بغيته، فلا استطاع أن يوقع عقودا لزيادة صادرات القمح من موسكو إلى روسيا، ولا استطاع أن يحصل على قرض بملياري دولار للمساعدة في التغلب على أزمة بلاده المالية التي أصبح هو نفسه أحد أسبابها بسبب غياب خبرته وبسبب تغليبه لأهل الثقة من جماعته وإقصاء أهل الخبرة. بل وحتى التعاون الاقتصادي لم يكن محل ترحيب. لقد عرض محمد مرسى على روسيا أن يتم إنشاء مصانع فى مصر، ولكن عمدة سوتشى أخبر مرسى بأن هناك صعوبة فى إقامة أى تعاون مع مصر حاليا.
إذن ما الذي حققه مرسي من هذه الزيارة، لا شيء. لأنه أصلا لم يذهب ومصر على رأس أولوياته.
لقد أكدت مصادر أن الوفد المصرى الذى سبق زيارة مرسي، والذي ضم مساعد رئيس الجمهورية، القيادى الإخوانى الدكتور عصام الحداد عضو مكتب الإرشاد، حمل طلبا من جماعة الإخوان إلى القيادة الروسية برفع اسم الجماعة وقاداتها ورموزها من قوائم المنظمات الإرهابية لدى موسكو.
وبحسب المصادر، فإن روسيا لم تبد الموافقة أو الرفض على طلب الجماعة برفع الحظر، وأن هناك آراء متباينة بين رفض الطلب الإخوانى وتأجيل النظر فيه حتى تستقر الأوضاع فى مصر بعد أن اعتلى الإخوان – المنظمة الإرهابية المدرجة على القوائم الرئيسية - السلطة فى مصر وعدائها الواضح للزعيم الراحل جمال عبدالناصر الصديق التاريخى للاتحاد السوفيتى السابق التى ورثته روسيا سياسياً والتى أظهرت ميلاً كاملاً تجاه واشنطن منذ البداية، إضافة إلى التخوف من تمدد تيار الإسلام السياسى، وتأثير ذلك على الداخل الروسى مثلما حدث مع الشيشان.
وكانت روسيا قد أدرجت الجماعة ضمن قوائم الارهاب واتهمتها فى الماضى بدعم الشيشان التى اعتبرتهم روسيا متمردين يريدون إقامة دولة إسلامية فى منطقة شمال القوقاز الروسية ذات الأغلبية المسلمة، وأصدرت المحكمة العليا الروسية فى عام 2003 حكماً بحظر عمل جماعة الإخوان المسلمين فى روسيا ووصفتها بأنها منظمة إرهابية.
زيارة التنازل عن السيادة
لم تثمر جولات الرئيس المكوكية عن أية نتائج ملموسة للمواطن المصرى، بل على العكس جر بعضها عدة مشاكل ومنها زيارة إيران التى أثارت ردود فعل واسعة النطاق بين التيارات السياسية المصرية المختلفة ما بين مؤيد ومعارض لأهداف وتوقيت هذه الزيارة التي تأتي بعد قطيعة بين البلدين امتدت لعقود
بالإضافة إلى تهديد إيران للرئيس مرسى بتسريب شريط يثبت مساعدة حماس للإخوان خلال الثورة حال عدم تغيير موقفه من بشار الأسد وأكدت مصادر مصرية لصحيفة كويتية أن ضغوطاً إيرانية مورست علي نظام الرئيس المصري محمد مرسى من أجل استئناف العلاقات بين القاهرة ودمشق. وجاءت الضغوط في صورة تهديد صريح بأنه إذا لم تتراجع مصر عن موقفها المعارض لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، فستسرب طهران شريطاً موثقاً بالصوت يكشف مساعدة كتائب «القسام» الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» و«حزب الله» اللبناني للإخوان المسلمين أثناء أحداث الثورة المصرية في يناير 2011. وكشفت المصادر عن ضغط طهران علي القاهرة بضرورة عودة الاتصال الرسمي بين مصر والنظام السوري.
أما زيارته للسودان فقد كشفت عن فضيحة أخرى وهى استعداد الإخوان المسلمين للتنازل عن حلايب وشلاتين وهو ما أكده موسى محمد أحمد مساعد الرئيس السودانى عمر البشير بأن الرئيس محمد مرسى وافق على التنازل عن السيادة المصرية على مثلث حلايب وشلاتين للسودان خلال زيارته.
مرسى وإسرائيل.. خطاب بألف زيارة
اعتاد الإخوان المسلمون على مدار العقود الثلاثة الاخيرة انتقاد النظام السابق واتهامه دائما بتطبيع العلاقات مع اسرائيل، ومع وصولهم الى سدة الحكم توقع الجميع أن تطرأ تغييرات جذرية فى العلاقات المصرية الإسرائيلية، ولكن على عكس التوقعات قام نظام الإخوان بالتطبيع الكامل مع إسرائيل والهدف من هذا واضح وهو البعث برسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مفادها ان نظام الإخوان المسلمين فى مصر لم يخل ابدا بعلاقته بإسرائيل.
وكان الخطاب الذى أرسله «مرسى» إلى الرئيس الإسرائيلى «شيمون بيريز» بمثابة الشرارة الأولى التى كشفت حقيقة العلاقات الإخوانية مع الجانب الإسرائيلى والتى لم تتغير مطلقا عما كان عليه سابقا، حيث أثاره خطاب اعتماد السفير المصري الجديد في إسرائيل، عاطف سالم، الذي سلمه للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، موقع من نظيره المصري، بسبب بداية الخطاب ب«عزيزي وصديقي العظيم»، جدلا حادا في الأوساط الصحفية والسياسية في مصر.
فقد كشفت صحيفة «ذا تايم أوف إسرائيل» النقاب عن هذا الخطاب الذى أظهر حقيقة العلاقات بين مرسى وإسرائيل والذى جاء فيه (محمد مرسي رئيس الجمهورية، صاحب الفخامة السيد شيمون بيريز رئيس دولة إسرائيل، عزيزي وصديقي العظيم لما لي من شديد الرغبة في أن أطور علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا، قد اخترت السيد السفير عاطف محمد سالم سيد الأهل، ليكون سفيراً فوق العادة، ومفوضاً من قبلي لدي فخامتكم، وإن ما خبرته من إخلاصه وهمته، وما رأيته من مقدرته في المناصب العليا التي تقلدها، مما يجعل لي وطيد الرجاء في أن يكون النجاح نصيبه في تأدية المهمة التي عهدت إليه فيها. ولاعتمادي على غيرته، وعلى ما سيبذل من صادق الجهد، ليكون أهل العطف فخامتكم وحسن تقديرها، أرجو من فخامتكم أن تتفضلوا فتحوطوه بتأييدكم، وتولونه رعايتكم، وتتلقون منه بالقبول وتمام الثقة، ما يبلغه إليكم من جانبي، لاسيما أن كان لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد. صديقكم الوفي. محمد مرسي).
وظهر في الخطاب توقيع وإمضاء مرسي، وتوقيع وإمضاء وزير الخارجية محمد كامل عمرو. واحتوى النص على رغبة مرسي في تطوير علاقات المحبة التي تربط البلدين، وتعهد أن يبذل السفير الجديد صادق جهده، طالباً من بيريز أن يشمله بعطفه وحسن تقديره، وختم الخطاب ب«صديقكم الوفي محمد مرسي». لكن المصادر الدبلوماسية في القاهرة قلّلت من قيمة ذلك النص، مؤكدة أنه روتيني معمول به في جميع دول العالم.
وأشار بيريز في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، إلى أن إنكار مرسي إرساله الخطاب لا يعني كثيرا لأن «الرئيس مرسي عليه الإجابة على أسئلة كثيرة داخل حزبه، لم أفاجأ بإنكاره الخطاب ولكن فوجئت بإرساله وكان مرسي قد علق على تسريب خطابه لبيريز قائلا «لا التفت كثيرا إلى صغائر هنا أو هناك، ورقة مكتوبة أو مغشوشة أو كانت ما تكون».
وأوضح الرئيس الإسرائيلي أنه من السهل جدا أن تلعب دور «المسلم التقي» عندما تكون خارج السلطة ولكن تصبح الأمور معقدة عندما تكون داخلها.
وفى سابقة لم تحدث فى نظام مبارك السابق كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ايضا أن «مرسي» وافق على تركيب أجهزة تنصت ومتابعة إلكترونية على طول الحدود المصرية - الإسرائيلية، وهو الطلب الذي رفضه دوما الرئيس السابق محمد حسني مبارك معتبرا أن تركيب هذه الأجهزة -التي وصفت بأنها «جساسات» - يمثل انتقاصا من الدولة المصرية على مناطقها الحدودية.
وأضافت هآرتس أن مرسي وافق على تركيب هذه الجساسات في إطار شرط وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل أثناء عملية «عمود السحاب» الأخيرة، وهو أمر لم يكن يتوقع الإسرائيليون أنفسهم قبول الرئيس محمد مرسي به، إلا أن رغبته في الوصول لاتفاق تهدئة بين حماس وإسرائيل أجبره على القبول بهذا الأمر.
وجدير بالذكر أن التقارير الصحفية الإسرائيلية أشارت في السابق إلى أن الكثير من رؤساء وزراء إسرائيل اقترحوا على القاهرة في السابق تركيب هذه الجساسات، إلا أن الرئيس مبارك رفض مرارا هذا الطلب، مفضلا التحاور مع الفلسطينيين بدلا من تركيبها، بخاصة أن هذه الجساسات لها القدرة على رصد ما يجري في سيناء أيضا وليس متابعة الحركة الحدودية بين مصر وغزة فقط.
أما بشأن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التى لا طالما ندد الإخوان بها، لم يفوت «نظام مرسى» فرصة إلا ويؤكد على احترامها وهو ما تم الكشف عنه أيضا من قبل السفارة الأمريكية فى اعقاب زيارة وزير الدفاع الأمريكى لمصر الشهر الماضى حيث أكدت السفارة الامريكية فى القاهرة ان كلا من الرئيس المصري محمد مرسي ووزير دفاعه الفريق أول عبد الفتاح السيسي أكد لوزير الدفاع الأمريكي «تشاك هيجل» احترام مصر جميع معاهداتها الدولية، بما فيها معاهدة السلام مع إسرائيل.
ولم تقف العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى هذا الحد فى عهد الإخوان بل تعدت الى التعاون الاستخباراتى والعسكرى بين البلدين بالاضافة الى تبادل الزيارات السرية بين البلدين.
فذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية ان شهر مارس الماضى قد شهد تبادلا للزيارات السرية بين البلدين فقام وفد ضم مسئولين كباراً في المخابرات المصرية بزيارة سرية إلى إسرائيل وأكدت ان الوفد الأمني المصري التقى بمسئولين في الاستخبارات الاسرائيلية وناقشوا عدة مواضيع مهمة حيث استغرق اللقاء السري عدة ساعات وبعدها قام الوفد بمغادرة إسرائيل والعودة إلى القاهرة. فيما ذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن وفدًا يضم عددًا من المسئولين الإسرائيليين رفيعي المستوى وصل إلى القاهرة وعقد لقاء مع رئيس المخابرات المصرية رأفت شحاتة. وهو ما تأكده وسائل الإعلام الإسرائيلية أكثر من مرة فقد كشف شمعون أران المحلل العسكرى الإسرائيلى ان التعاون الأمنى والاستخباراتى بين مصر وإسرئيل يسير بثبات منذ تولى الرئيس مرسى للحكم، وهو ما أكده الرئيس «مرسى» بنفسه خلال حواره بقناة الجزيرة على ان التعاون مستمر بين مصر وجميع الدول ولم يشر إلى صفات معينة لنوعية التعاون فى حين قال المحرر العسكرى ان هناك تعاونا بين مصر وإسرائيل، وحدد نوعية التعاون فى المجال الاستخباراتى وهو ما يهدد أمن البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.