انتظر الناس طويلاً لتغيير الحكومة.. ويالها ما جاءت.. إذ تمخض الجبل.. فولد وأكملوا الجملة.. فكلنا نعرف هذا المثل الشعبي!. كانوا يحلمون بتغيير كلي.. فجاء ترقيعاً لحكومة لا أساسات لها ولا قواعد.. إلا قاعدة واحدة هي «السمع والطاعة». والمشكلة أن رئيس الحكومة لا يعرف كم وزيراً كان عليه تغييرهم. قال مرة إنهم 9 ثم ختمها بأحد عشر وزيراً وفي البداية تصورها 8 وزارات.. ولكنه لم يعرف أن الشعب كان يريد تغييره.. هو. وهذا هو التغيير الثالث.. ولكنه جاء أيضاً كسابقيه لنحصل علي حكومة لا تهش ولا تنش حتي إن مواطناً واحداً لا يعرف اسم وزيرين لا من القدامي ولا من المحدثين. ولأول مرة في مصر لم يعد أحد يحلم بالمنصب الوزاري.. بعد أن انتهت أسطورة صاحب المعالي الباشا الوزير وفقد المنصب الأبهة التي كانت تحيط به.. بل لم يعد أحد يشتهر بأنه «عبده مشتاق». وأعرف شخصيات عديدة أغلقوا تليفوناتهم المحمولة «وشالوا» فيشة التليفون الأرضي حتي لا يحرجوا أنفسهم.. وأيضاً يحرجوا الطالبين.. كلهم اعتذروا وهذا من أهم أسباب تعثر التعديل الوزاري. ولم يجدوا أمامهم إلا من هم تحت لوائهم، لواء السمع والطاعة.. ولذلك جاءوا كلهم أوجلهم من رجالهم.. وياليتهم ما جاءوا. فقد خرجوا من تحت الأرض وكشفوا عن أنفسهم وعن انتمائهم، حتي الذين كانوا يتوارون!. وهكذا جاءت حكومة قنديل الثالثة بلا لون أو طعم.. وان كانت لها ولهم رائحة عرفها الناس كلهم.. والبعض يري ان هذه الحكومة هي حكومة إنقاذ وطني لهم.. أو هي لتجميل صورتهم أمام الجماهير سيما وأن عمرها لن يزيد علي أربعة أشهر.. أي إلي أن تجري الانتخابات البرلمانية الجديدة.. هنا نقول إنها ليست محاولة لتجميل الحكم الحالي، ولكنها حكومة لتزوير الانتخابات القادمة.. ويكفي أن أحد أفرادها كوفئ علي دوره في انتخابات الرئاسة السابقة عندما تم اعلان نتيجتها رغم الطعون التي قدمها الفريق أحمد شفيق رئيس الجمهورية الشرعي الذي ذبحوه في ليلة سوداء ليقفزوا هم علي الرئاسة.. أليست هذه هي الحقيقة.. وسوف تكشف الأيام ما خفي من هذه اللعبة القذرة لتزوير إرادة الأمة.. والطريف أنهم يتباهون الآن ويتمحكون بحكاية صندوق الانتخابات.. ألا أيتها الانتخابات كم من المآسي ترتكب باسمك. هي إذن- في نظري ونظر كل المراقبين- حكومة مشتركة هدفها المعلن هو إنقاذ الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، خصوصاً والبلاد تنتظر الآن مشروع الموازنة الجديدة وكارثة العجز المالي والغلاء الذي يقفز كل ساعة، وليس كل يوم. ومن خلال هذا الوضع الاقتصادي، يحاولون إضافة بعض المساحيق علي الوجه الكالح الذي ظهر به النظام الجديد.. ونسوا المثل الشعبي الشهير القائل «إيش تعمل الماشطة في الوجه القبيح»!. ومن هنا حتي إذا فشلت عمليات تجميل النظام- بعد تدهور صورتهم أمام الناس- فإن الوقت مازال ممكناً.. لتزوير الانتخابات. ولعن الله كلاً من أحمد باشا زيور رئيس وزراء مصر عام 1925.. وكذلك وزير داخليته إسماعيل صدقي اللذين أدخلا التزوير إلي الانتخابات المصرية. ونعترف أن الحكومة الجديدة- بعد التعديل وبعد تركيب عمرة وش الموتور.. أمامها فرصة لتحسين الصورة.. وإلا فالتزوير يعد له من الآن وسوف تدخل فيه لعبة الكروت الذكية في البنزين والبوتاجاز.. وربما الخبز أيضاً لتضاف كلها إلي لعبة شنط الأرز والزيت والمكرونة التي كسبوا بها الانتخابات السابقة.. والمؤكد أن هذه الكروت أو الكوبونات الذكية أسهل في لعبة التزوير.. وتذكرنا بحكاية الورقة «أم جنيه» التي كانت تقطع إلي نصفين.. الأول يأخذه الناخب قبل التصويت.. والنصف الثاني بعد التصويت.. وسوف تستمر لعبة التزوير هذه طالما بقي في مصر من لا يجد ثمن زجاجة الزيت أو كيس المكرونة.. وبالمناسبة هما من إنتاج مصانع رجال الإخوان.. أيضاً، شوفتوا ازاي. يعني حج وتجارة.. يعني تسويق.. وتزوير.. ياسلام!. وأكيد أن الذين اعتذروا عن عدم قبول المنصب الوزاري كانوا أذكياء.. ليس فقط لأن عمر الحكومة لن يطول أكثر من شهور قليلة.. ولكن لأنهم يعلمون رأي الناس في هذه الحكومة.. بل وأي حكومة أخري تأتي من تحت عباءة الإخوان. وحركة التعديل الوزاري سوف تلد هي الأخري- أو «تتمخض» عن حركة مشابهة للمحافظين.. وهي شيء لزوم الشيء.. لكي يتمكن النظام من أن يضع يده تماماً علي الانتخابات القادمة!. ولعن الله الأمية.. ولعن الله الفقر.. فهما معاً أم الكوارث التي تحقق أحلام الطغاة.. وللأسف سوف يطول حكم الإخوان.. ما ظل الفقر وظلت الأمية كامنة علي صدور الأمة المصرية.