أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنه ليس مضطرًا لطلب الصفح من الجزائريين عن استعمار فرنسا لبلادهم. وقال ماكرون إنه يأمل في أن يستقبل عام 2023 بإجراء محادثات مع نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، في محاولة لمواصلة العمل معه في ملف المصالحة بين فرنساوالجزائر. اقرأ أيضًا.. ماكرون يرفض الاعتذار للجزائر عن سنوات الاستعمار وتابع: "أسوأ ما يمكن أن يحدث أن نقول نحن نعتذر وكل منا يذهب إلى سبيله.. فعمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنه عكس ذلك تمامًا". ما السبب وراء رفض فرنسا الاعتذار؟ تتعدد الأسئلة عن أسباب رفض ماكرون في تقديم الاعتذار للجزائر، إذ اعتبر ماكرون نفسه الاستعمار بأنه جريمة ضد الإنسانية في تصريحات في العاصمة الجزائرية في 2017. ورأى الخبراء الكثير من الأسباب التي قد تدفع باريس للرفض المستمر في إبداء الاعتذار، وعلى رأس تلك الأسباب التعويضات التي قد تطالب بها، كما يرتبط الأمر أيضًا بالدول الأفريقية التي كانت تحت الاستعمار الفرنسي. ويعتبر اعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر واعتذارها سيجعلها تعترف بكل جرائمها الاستعمارية، وبالتالي تسقط عن البلدان فرض دفع التعويضات، عما تدعى فرنسا أنه بنية تحتية تركتها في أفريقيا، في حين أنها بنيت بوسائل وسواعد الأفارقة. ويبدو أن فرنسا لا تريد أن يتكرر ما حدث بين إيطاليا وليبيا، حين قدمت إيطاليا تعويضات لليبيين بعدما اعتذرت عن ماضيها الاستعماري. وأغلق ماكرون الطريق أمام مسار كهذا ربما لأن فرنسا ليست مقتنعة وغير مستعدة للإقدام على هذه الخطوة، وربما يكون الأمر نابعًا من قانون تمجيد الاستعمار، الذي سنه البرلمان الفرنسي العام 2005، والذي يرى أن استعمار فرنسا للجزائر وغيرها من المستعمرات جلب الحضارة إلى هذه الدول. الاستعمار الفرنسي للجزائر: احتلت فرنساالجزائر لمدة 132 عامًا، ونال الجزائريون استقلالهم عام 1962 بعد حرب استمرت سبع سنوات واتسمت بفظائع وجرائم وتعذيب. ويعتبر استعمار فرنسا للجزائر واحدًا من أكثر الاستعمارات دموية، فقد كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن عدد ضحايا الحقبة الاستعمارية للجزائر بين 1830 و1962 بلغ 10 ملايين شهيد. وتشير التقارير إلى قيام فرنسا باستخدام مواد كيمائية على غرار البلوتونيوم في تنفيذ تجاربها النووية على الجزائريين، مما أدى إلى مقتل 42 ألف جزائري وظهور أمراض سرطانية وجلدية وتنفسية عدة لسكان المناطق التي شهدت هذه التجارب، التي صنفت في خانة الجرائم ضد الإنسانية، كما قامت فرنسا الاستعمارية بسرقة رفات للمقاومين بعدما جرى التنكيل بهم وقطع رؤوسهم، وتم عرض جماجمهم بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس منذ 1849، وقد استعادت الجزائر العام الماضي رفات وجماجم 24 مقاتلًا قتلوا خلال الحرب. ونفذت القوات الفرنسية عمليات إعدام أعضاء من الكشافة ومدنيين لمجرد الاشتباه فيهم، وقرى بأكملها (تضم 5 إلى 10 آلاف نسمة)، تم قصفها بالطائرات وإحراقها للاشتباه في إيوائها دعاة الاستقلال، وقتل النساء والأطفال والشيوخ. ولا تزال مسألة التوبة والاعتراف بعنف الاستعمار قضية خلافية للغاية في فرنسا، وليس فقط بين أنصار اليمين المتطرف الذين دافعوا تقليديًا عن الماضي الاستعماري لفرنسا، وفي عام 2005 سن البرلمان الفرنسي قانون تمجيد الاستعمار، الذي يرى أن استعمار فرنسا للجزائر وغيرها من المستعمرات "جلب الحضارة إلى هذه الدول". لا يعتبر الاعتذار عن الاستعمار بالأمر الجديد، فقد اعتذر الرئيس الأمريكي، رونالد ريجان، للأمريكيين اليابانيين المحتجزين في سياق الحرب العالمية الثانية، تلقى كل ضحية على قيد الحياة مبلغ 20،000 دولار كتعويض، كما قامت ألمانيا بتقديم الاعتذار عن الهولوكست، وقدمت تعويضات لإسرائيل، كما قام رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني بتقديم الاعتذار لليبيا عن 30 عامًا من الحكم الاستعماري، ووافق على دفع 2.5 مليار جنيه إسترليني كتعويضات. جاء ذلك خلال تقرير تلفزيوني مذاع عبر قناة العربية. شاهد الفيديو: