تأتي زيارة الرئيس محمد مرسي إلى البرازيل في ظل ظروف سياسية واقتصادية بالغة الدقة تمر بها مصر حيث مازال الاقتصاد المصري يعاني تداعيات فترات سابقة والفترة التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي تراكمت فيها المشاكل الاقتصادية وباتت تحتاج إلى حلول غير تقليدية والبحث عن أطر غير مطروقة للخروج من هذا النفق المظلم. ويطلق على البرازيل "رئة العالم " فغابات الأمازون وأحواض الأنهار تمثل المستودع الأكبر في العالم للتنوع الحيوي "الأنواع النباتية والحيوانية النادرة". وتهدف زيارة الرئيس مرسي إلى البرازيل إلى تحقيق العديد من الأهداف لعل على رأسها الاطلاع على التجارب البرازيلية الناجحة في الكثير من المجالات والتي نقلت هذه الدولة من إحدى الدول المتخلفة إلى دولة تحتل المرتبة السادسة على مستوى العالم في قوتها الاقتصادية تمتلك نحو 180 مليون هكتار من الأراضي الرعوية وتبلغ مساحة رقعتها الزراعية 50 مليون هكتار ويصل حجم قواها العاملة إلى 95 مليون عامل فقد حققت البرازيل خلال السنوات الأخيرة نهضة في الكثير من المجالات كما يشمل برنامج زيارة الرئيس مرسي إلى البرازيل زيارة إلى هيئة البحوث الزراعية البرازيلية "إمبرابا" والتعرف على تجربة البرازيل فى التنمية الزراعية. كما يستمع الرئيس إلى عرض حول تجربة البرازيل فى البرامج والتنمية الاجتماعية من خلال عرض يقدمه مجموعة من كبار المسئولين البرازيليين عن هذه البرامج. و تحتل البرازيل المرتبة الأولى في إنتاج البن وفول الصويا والقمح والذرة وقصب السكر والكاكاو وعصير البرتقال في العالم كما تحتل المرتبة السابعة في العالم من ناحية إنتاج محاصيل الحبوب ،حيث تنتج سنوياَ 65 مليون طنا وتحتل المرتبة الثالثة في إنتاج محصول الذرة والمرتبة الثامنة في إنتاج الأرز وهي الأولى في العالم في إنتاج الفاصوليا وتحتل المراتب الأربعة الأولى في إنتاج القطن. والبرازيل تعد ثاني أكبر الدول المالكة للماشية بعد الهند في العالم حيث تملك 200 مليون رأس من الماشية وهو مايعادل 13\%من إجمالي ثروة العالم للماشية ،والبرازيل هي من أكبر منتجي اللحوم في العالم تصل طاقتها الإنتاجية سنوياَ إلى 15 مليون طنا وتعتبر كذلك السادسة من ناحية إنتاج الألبان بطاقة إنتاجية سنوية مقدارها 22 مليون طنا ،كما أن البرازيل تعتبر اليوم ثاني منتج للنفط في أمريكا الجنوبية بعد فنزويلا وفي ذات الوقت فهي تعتبر ثامن أكبر مستهلك للنفط في العالم بمعدل مليونيين ونصف المليون برميل يوميا وهي تحتل المرتبة الخامسة عشر بحجم احتياطي النفط والذي يقدر بنحو 13 بليون برميل. وفي مجال الخامات المعدنية كالبوكسيت تحتل المركز الثالث في العالم بعد استراليا والصين والحديد المرتبة الثانية بعد الصين وأصبحت شركة إمبرير البرازيلية واحدة من أكبر شركات صناعة الطائرات في العالم . وفيما يتعلق بالحركة السياسية والعلاقات الدولية تسعى البرازيل إلى الإسهام في تغيير قواعد النظام الدولي السائد وتدعو إلى زيادة عدد الدول التي تتمتع بمقعد دائم في مجلس الأمن و تعيد البرازيل ترتيب وحياكة الكثير من الخيوط المتشابكة بين دول الجنوب لتكوين تكتلات إقليمية دولية جديدة سواء كان على مستوى قارة أمريكا الجنوبية"اللاتينية" أو بينها وبين روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا لقد كانت البرازيل حتى عقد الثمانينات من القرن العشرين عاجزة عن سداد ديونها الخارجية وفاقدة السيطرة على التضخم في الأسعار التي ارتفعت بمعدلات عالية، أما اليوم فقد تغيرت الأوضاع الاقتصادية وتحول اقتصادها المتهاوي إلى سادس أقوى اقتصاد في العالم ومعدلات النمو التي كانت فوق الصفر بقليل تجاوز متوسطها السنوي و تحتل المرتبة الرابعة عالميا في مؤشر الثقة والبيئة الأمنية للاستثمار الأجنبي المباشر. ويلتقي الرئيس مرسي خلال زيارته بالرئيس البرازيلي السابق "لولا دا سيلفا" في لقاء غير رسمي يعقد بالعاصمة "برازيليا" غدا الأربعاء ومن المعروف أن التجربة البرازيلية في عهد دا سيلفا حققت نجاحا ملموسا واستطاعت الخروج من العثرات المتتالية لوجود إرادة حقيقية لدى القيادة والشعب الذي تجرع مرارة الصبر لتحقيق النجاح والنهوض وتحمل أعباء سياسات التقشف حتى تعافى الاقتصاد البرازيلي، وحقق نهضته وساعد الشعب البرازيلي دا سيلفا لتحقيق إنجازاته رغم الفقر الشديد ، ونفذت البرازيل في عهده برنامجا للتقشف وَفقًا لخطة صندوق النقد الدولي ، وطلب دعم الطبقات الفقيرة له والصبر على هذه السياسات، وأدى برنامج التقشف إلى خفض عجز الموازنة وارتفاع التصنيف الائتماني للبلاد، وساهم ذلك في القضاء على انعدام الثقة في الاقتصاد البرازيلي ودفع المستثمرين لإقامة استثمارات حققت نهضة غير مسبوقة في تاريخ البرازيل وبالنسبة للحياة الحزبية البرازيلية فتتميز بالنضج والحيوية ويتصدر المشهد حزب الحركة الديمقراطية وحزب العمال والحزب الجمهوري والحزب الشعبي الديمقراطي والحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الشعب المسيحي وتعتبر الحياة السياسية الداخلية للبرازيل بأنها الديمقراطية الناضجة وتشهد كل أربع سنوات انتخابات لاختيار الرئيس ونائبه في ورقة اقتراع واحدة عبر انتخاب شعبي ويجوز انتخاب الرئيس مرة ثانية وأخيره ويقوم الرئيس مرسي ضمن أجندته بزيارة إلى مقر مجلس النواب البرازيلى ويلتقي مع رئيس المجلس "رينان كاييرو" حيث يطلع على تجربة البرازيل في الحياة البرلمانية حيث تتالف الهيئة التشريعية في البرازيل من مجلسين هما مجلس للشيوخ "ويضم 81 عضواَ" ومجلس النواب "ويضم 513 عضواَ". كما يعقد جلسة مباحثات رئيسية مع نظيرته البرازيلية ديلما روسيف لبحث العديد من الملفات الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتتبنى السياسة الخارجية البرازيلية في امريكا الجنوبية نهجا سلميا يعتمد حل المشكلات وتخفيض حدة النزاعات بين دول القارة وفي ذات الوقت تفعيل العلاقات الاقتصادية والتجارية وإيجاد الكيانات الإقليمية المساعدة ولتنفيذ هذا الخط الاستراتيجي سعت البرازيل الى أنشاء العديد من الاتحادات والمنتديات والتجمعات الرامية الى تفعيل العمل جنوب الأمريكي المشترك ومن أوائل هذه الكيانات هو" اتحاد ميركوسور " وخلال القمة الرئاسية لدول امريكا الجنوبية التي عقدت في مدينة برازيليا عام 2000م تم تشكيل منتدى لتقوية البنى التحتية في مجالات الطاقة ووسائل النقل والاتصالات عرف بأسم"مبادرة تكامل البنى الأساسية الإقليمية في دول امريكا الجنوبية. كما تشارك البرازيل في عضوية تجمع دول الاقتصادات البازغة " بريكس " وهي المجموعة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا ويزيد تعداد سكان البرازيل على 200 مليون نسمة ويصل اجمالي طول حدودها البرية 17000كم مشتركة مع اكثر من عشر دول وتنهج الحكومة البرازيلية سياسة السلم والاتفاقات الثنائية مع جاراتها.