تعافٍ وانتعاش اقتصادى عُمانى ونتائج إيجابية مالية وشراكات استراتيجية عالمية زيارات الوفود الرسمية للسلطنة عززت العلاقات الاقتصادية والاستثمارات المشتركة والعلاقات المصرية العُمانية تزداد قوة ورسوخاً وتعاوناً فى مختلف المجالات كان عام 2022 عاماً استثنائياً فى سلطنة عمان، حيث استطاعت عُمان تجاوز محنة وباء فيروس كورونا وعادت الحياة إلى طبيعتها بعد عامين من الشلل والتوقف فى كل مناحى الحياة، وشهد الوضع المالى فى سلطنة عمان خلال العام 2022 تحولات كبيرة، إذ كانت تقديرات المتخصصين فى الجوانب المالية تشير إلى أن هذا العام سيكون «عام عنق الزجاجة»، لكنّ ما حدث أن الدولة استطاعت أن تخرج بعيداً عن هذا العنق وتصبح فى منطقة آمنة إلى حد كبير، وقادرة على بناء استدامة مالية مستقبلية. ويمكن أن نطلق على عام 2022 فى سلطنة عمان عام «التوازن»، فقد استطاعت خلاله أن تستعيد توازنها المالى بعد أعوام عاصفة بالتحديات المالية أوصلت الدَّين العام إلى حوالى 22 مليار ريال عمانى لأول مرة فى تاريخ البلاد. ومع تبنّى عُمان خطة توازن مالى، استطاعت أن تحقق فائضاً فى الميزانية يزيد على 1.2 مليار ريال عمانى، وزاد حجم الإنفاق عما كان مخططاً له فى الميزانية. والسؤال هو: كيف حدث كل ذلك؟ يعتقد البعض أن الفضل وحده لطفرة أسعار النفط، ولا شك أن لها دوراً كبيراً، لكن الحقيقة أن هناك أمراً آخر لا يمكن أن نتجاوزه إن كنا نريد قراءة ما حدث بصورة حقيقية، المشهد العُمانى يتمثل فى فكرة «القيادة السياسية الحكيمة»، لقد استطاع السلطان هيثم بن طارق، أن يقود عُمان خلال الأعوام الثلاثة الماضية فى مرحلة صعبة. زيارات عززت الشراكات الاقتصادية والاستثمارات المشتركة لقد كان للزيارات التى قام بها سلطان عُمان هيثم بن طارق إلى الخارج أو التى استقبل فيها رؤساء وقادة فى عُمان ذات أثر بالغ فى تعزيز العلاقات بين سلطنة عمان ومختلف الدول، إذ شهد عام 2022 توقيع المزيد من اتفاقيات التعاون فى الجوانب الاقتصادية والاستثمارية وفتح آفاق جديدة للتعاون والاقتصادى والتبادل التجارى مع دول العالم. وأثمرت الزيارتان الساميتان للسلطان هيثم بن طارق إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية ومملكة البحرين التوقيع على 47 مذكرة تفاهم، و14 برنامجاً تنفيذياً، و12 اتفاقية تعاون فى مختلف المجالات، كما شهدت سلطنة عمان خلال عام 2022 زيارات لوفود رسمية من 7 دول، وهى: بلجيكا، وإيران، وتنزانيا، ومصر، والإمارات، والأردن، وزنجبار. * فى فبراير 2022 استقبل السلطان هيثم بن طارق، الملك فيليب ليوبولد لويس مارى ملك بلجيكا وقرينته فى إطار زيارتهما إلى سلطنة عمان. تم خلال الزيارة بحث عدد من المجالات والجوانب ذات الاهتمام المشترك؛ خدمة لمصالح البلدين الصديقين، وبما يحقق تطلعاتهما لمستقبل أكثر نماءً وازدهاراً. وحضر ملك بلجيكا وزوجته مراسم افتتاح ميناء الدقم، حيث تتم إدارة وتشغيل الميناء عبر شركة ميناء الدقم، وهى شركة مشتركة مناصفة بين الحكومة العُمانية ممثلة فى مجموعة «آسياد» بنسبة 50%، والتحالف البلجيكى بين ميناء «أنتويرب» الدولى ومجموعة «ديمى» تحت مسمى كونسورتيوم ميناء أنتويرب بنسبة 50%. وتم تطوير الميناء المطل على المحيط الهندى وبحر العرب ليكون بوابة تجارية لسلطنة عمان نحو العالم، ومركزاً لوجستياً متكاملاً ومتعدد الوسائط، وليحقق الميناء مستوى منافسة عالمى فقد تم عقد شراكة بين حكومة سلطنة عمان واتحاد ميناء أنتويرب البلجيكى. التعاون مع إيرانوتنزانيا *وفى مايو 2022 استقبل السلطان هيثم بن طارق، الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، واستعرض الجانبان خلال اللقاء آفاق التعاون المشترك والعلاقات الثنائية وتطويرها، وخاصة المتعلقة بالتعاون التجارى والاستثمارى المشترك فى مختلف المجالات، والتنسيق فى الشئون التى تخدم مصلحة البلدين، وتعود بالمنافع على شعبيهما، وقرر الجانبان مواصلة تعزيز وفتح مجالات جديدة من الشراكة الاقتصادية. وأكد الجانبان الدور الإيجابى والمثمر الذى يقوم به القطاع الخاص فى البلدين، وعبرا عن الأمل فى أن تؤدى هذه الأنشطة إلى زيادة حجم الاستثمارات وحجم التبادل التجارى بين البلدين، ورحبا بالتوقيع على عدد من اتفاقيات ومذكرات التفاهم لتأطير التعاون فى المجال الاستثمارى والرياضى والثروة الزراعية والسمكية والحيوانية والنقل البحرى والموانئ والقطاع اللوجستى والنفط والغاز. *وفى 12 يونيو 2022 استقبل السلطان هيثم بن طارق، رئيسة تنزانيا، وخرج اللقاء بتوقيع 10 مذكرات تفاهم بين سلطنة عُمان وتنزانيا فى عدد من المجالات التى تهم البلدين، منها 8 مذكرات تفاهم تختص بالمجال الاقتصادى، كمذكرة تفاهم فى مجال الطاقة، وأخرى فى الخدمات النفطية، وإدارة المطارات، والسياحة والموارد الطبيعية، والصناعة والتجارة، والترويج والاستثمار، والاستثمار الغذائى، والحيوانات الحية واللحوم، ومذكرة تفاهم فى مجال التعليم العالى والتدريب، وأخرى فى المتاحف الوطنية. ومن أبرز استثمارات سلطنة عمان فى تنزانيا، استثمار جهاز الاستثمار العمانى بنسبة 100% فى ميناء مإنجابولنى متعدد الأغراض فى زنجبار، و100% فى ميناء الصيد التجارى العميق فى المياه التنزانية/الزنجبارية، و100% فى ميناء ماليندى، و39.2% فى مزرعة الأسماك بزنجبار. علاقات مصرية عُمانية تزداد رسوخاً وتعاوناً *وفى يونيو 2022 جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى السلطنة ولقائه مع السلطان هيثم بن طارق بقصر العلم العامر. وأكد الجانبان توثيق للعلاقات والصلات الأخوية العريقة بين البلدين، وتعزيز علاقات التعاون الثنائى والارتقاء به نحو آفاق أرحب وأوسع ومزيد من الإنجازات فى مختلف المجالات التى تعود بالمنافع والمصالح على البلدين والشعبين الشقيقين. وعبر الزعيمان عن عزمهما رفع وتيرة التعاون الاقتصادى بين البلدين وإرادتهما الراسخة فى تطوير مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وأكدا فى هذا الإطار على أهمية الدور الذى تقوم به اللجنة المشتركة ومجلس الأعمال العُمانى المصرى نحو مسارات التعاون المشترك وتطويره. ووجّه الزعيمان كافة الجهات المختصة لبحث فرص الاستثمار بين البلدين فى مختلف المجالات، وخاصة مشاريع الطاقة والطاقة المتجددة والصناعة والمجال الصحى والصناعات الدوائية، والتطوير العقارى والسياحة والبتروكيماويات والصناعات التحويلية وتقنية المعلومات، بما يعود بالمنافع المتبادلة. كما وجّه الزعيمان بدراسة إنشاء صندوق استثمارى مشترك بين البلدين يُعنى بالاستثمار فى المشاريع ذات الجدوى فى قطاعات حيوية متنوعة. وتم خلال اللقاء التوقيع على 6 مذكرات تفاهم فى مجال تعزيز المنافسة ومكافحة الممارسات الاحتكارية، وإنشاء وإدارة المناطق الصناعية، وترويج الاستثمار، وتنمية الصادرات، والاعتراف المتبادل بالشهادات الأهلية البحرية للملاحين، وحماية البيئة. كما تم التوقيع على 3 برامج تنفيذية فى مجال الشباب والرياضة، والعمل والتدريب، والتعليم العالى والبحث العلمى والابتكار. وأيضاً التوقيع على اتفاقيتى تعاون فى مجال النقل البحرى والموانئ، واتفاقية بين جامعة السلطان قابوس والمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية. التعاون مع الإمارات *وفى سبتمبر الماضى، استقبل السلطان هيثم بن طارق، الرئيس الإماراتى محمد بن زايد آل نهيان. وتم خلال اللقاء التوقيع على 12 مذكرة تفاهم، شملت تبادل المعلومات المتعلقة بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومذكرة بين بورصة مسقط وسوق أبوظبى للأوراق المالية، والنقل والمواصلات واللوجستيات، ومذكرة بين شركة مسقط للمقاصة والإيداع وشركة سوق أبوظبى للأوراق المالية، والأخبار وتبادل المعلومات، والاتصالات وتقنية المعلومات، والتعليم العالى والبحث العلمى والابتكار والتدريب المهنى، والثروة الزراعية والحيوانية والسمكية وسلامة الغذاء، والنقل البحرى، والصناعة، والطاقة، والثقافة والشباب. كما تم التوقيع على 4 اتفاقيات تعاون، بين قطارات عمان وشركة الاتحاد للقطارات، وفى مجال عمليات الإدراج المزدوج للأوراق المالية بين شركة بورصة مسقط وشركة أبوظبى للأوراق المالية، وبين شركة مسقط للمقاصة وسوق أبوظبى للأوراق المالية، واتفاقية تعاون لتداول شركات الوساطة عن بعد «التداول الإلكترونى». وأكد الجانبان العزم نحو تحفيز القطاعين الحكومى والخاص للعمل على تكثيف الجهود المشتركة من أجل تطوير وتنويع التبادل التجارى والاستثمارى، وإقامة الشركات فى مختلف القطاعات وبين أصحاب الأعمال، تحقيقاً للتكامل بين البلدين الشقيقين. التعاون مع الأردن وزنجبار * وفى أكتوبر الماضى استقبل السلطان هيثم بن طارق، ملك الأردن عبدالله الثانى، وتم خلال اللقاء التوقيع على 7 مذكرات تفاهم شملت: التعاون الصناعى، والعمل، وحماية المنافسة ومنع الاحتكار، والتعدين، وتبادل المعلومات والإشراف على قطاع التأمين، وحماية المستهلك، والتوثيق التاريخى وإدارة الوثائق والمحفوظات. كما تم التوقيع على برنامجين تنفيذيين شملت: التعاون السياحى للأعوام «2023 - 2026»، والتعليم العالى والبحث العلمى والابتكار للأعوام «2023 - 2026». وأكد الجانبان أهمية تعزيز فرص الاستثمار المشترك وعلى تنمية العلاقات الاقتصادية عبر تنظيم وتنويع الفعاليات ذات الصلة، وتكثيف تبادل الوفود التجارية، وتوثيق التواصل والشراكة على مستوى القطاع الخاص والنهوض بالتبادل التجارى وتنويعه. *وفى 12 أكتوبر 2022 استقبل السلطان هيثم بن طارق، رئيس زنجبار، الدكتور حسين على موينى، وتم خلال اللقاء التوقيع على 3 مذكرات تفاهم فى البيانات السحابية، والتمكين الرقمى، والتعليم العالى والبحث العلمى والابتكار والتدريب المهنى، بالإضافة إلى التوقيع على برنامج تنفيذى فى التوثيق التاريخى وإدارة الوثائق والمحفوظات. توثيق العلاقات مع ألمانياوالبحرين كان السلطان هيثم بن طارق، قد توجه فى يوليو الماضى إلى ألمانيا فى زيارة رسمية استغرقت ثلاثة أيام. وأوضحت إحصائيات المركز الوطنى للإحصاء والمعلومات أن حجم التبادل التجارى بين سلطنة عمانوألمانيا خلال عام 2021 بلغ أكثر من 201 مليون ريال عمانى، حيث بلغت قيمة الصادرات العمانية إلى ألمانيا 28.8 مليون ريال عمانى: أبرزها المعدات الكهربائية بقيمة 16.8 مليون ريال عمانى، ومعدات النقل بقيمة 3.9 مليون ريال عمانى، ومعادن ومصنوعاتها بقيمة 2.6 مليون ريال عمانى، و3.5 مليون ريال عمانى قيمة السلع الأخرى. بينما بلغت قيمة الواردات الألمانية إلى سلطنة عمان 173 مليون ريال عمانى، أبرزها: المعدات الكهربائية بقيمة 40.6 مليون ريال عمانى، وعربات وطائرات وبواخر ومعدات نقل مماثلة بقيمة 63.7 مليون ريال عمانى، ومنتجات الصناعات الكيماوية بقيمة بقيمة 13 مليون ريال عمانى، وأجهزة البصريات والتصوير الفوتوغرافى والطب والجراحة بقيمة 10.9 مليون ريال عمانى، و44.7 مليون ريال عمانى قيمة السلع الأخرى. *وفى أكتوبر 2022، زار السلطان هيثم بن طارق، مملكة البحرين بدعوة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وأكد الجانبان على أهمية مواصلة تنمية التعاون المشترك فى المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية على وجه الخصوص، وفتح آفاق أرحب لتعزيز التعاون وتطويره فى القطاع الخاص بين البلدين الشقيقين، وتبادل الوفود التجارية وزيادة التبادل التجارى بما يعود بالخير والنفع على البلدين والشعبين الشقيقين. ولتعظيم حجم الاستثمارات وتعزيز التبادل التجارى بين البلدين الشقيقين، فقد وقعت غرفة تجارة وصناعة عمان وغرفة تجارة وصناعة البحرين على تأسيس الشركة البحرينية - العُمانية للاستثمار. ووقعت حكومة سلطنة عُمان وحكومة مملكة البحرين خلال الزيارة على 6 اتفاقيات تعاون، شملت: النقل البحرى والموانئ، والمجال الأمنى، وتأسيس شركة عمانية بحرينية للاستثمار القابضة، والحوسبة السحابية، وخدمات الشحن البحرية والجوية، والدراسات والبحوث. كما تم التوقيع على 8 برامج تنفيذية فى العلاقات الثنائية والاهتمام المشترك، والزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، والسياحة، والكوادر الوطنية الشابة، والتعليم والتربية، وحماية البيئة، والتراث والثقافة، وتداول شركات الوساطة عن بعد من خلال نظام التداول الإلكترونى. وتم خلال الزيارة التوقيع أيضاً على 9 مذكرات تفاهم شملت: تقنية المعلومات، وعلوم وتقنيات الفضاء، والعمل الثقافى، والتعليم العالى والبحث العلمى والابتكار، والملاحة الجوية، وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، وحماية المنافسة ومنع الاحتكار، والتنمية الاجتماعية، وإدارة الوثائق والمحفوظات. سلطنة عمان تحقق نتائج مالية إيجابية كان لهذه الزيارات نتائج اقتصادية كبيرة، حيث أشارت وزارة المالية إلى أن النتائج الأولية تشير إلى تحسن الأداء المالى للميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2022م، مسجلًا ارتفاعًا فى الإيرادات العامة بنسبة 34.5% إلى 14.234 مليار ريال عمانى مقارنة بما هو معتمد فى بداية عام 2022م، مع توقعات بتحقيق فائض مالى بنحو 1.146 مليار ريال عمانى مقارنة بعجز مقدر فى بداية العام بنحو 1.550 مليار ريال عمانى. وتعزى النتائج الإيجابية للأداء المالى إلى زيادة إيرادات الغاز، ونمو مساهمة الأنشطة غير النفطية وتنفيذ سلطنة عمان استراتيجيتها لإدارة محفظة الدين العام متضمنة خطة لإعادة شراء بعض القروض ذات الكلفة المرتفعة، واستبدالها بقروض أقل كلفة. وتمضى قطاعات التنويع الاقتصادى بوتيرة متسارعة نحو تحقيق نسب المساهمة المستهدفة لها بحلول نهاية الخطة الخمسية العاشرة 2025.