«لسه ه نغني» برنامج غنائي جديد يعرض علي قناة «النهار»، هدفه اكتشاف المواهب الجديدة التي تستطيع الغناء ذات الطابع الشعبي وفي كل حلقة تتم استضافة ثلاثة من نجوم الغناء الشعبي ففي الحلقة الأولي كان النجوم هم: سعد الصغير وهدي ودياب، في الحلقة الثانية عبدالباسط حمودة ومحمود الليثي وبوسي والضيف الدائم هو الموزع الموسيقي يحيي الموجي. وجميل جدا أن يكون لهذا اللون الشعبي برنامج خاص به لأن هناك شريحة كبيرة من المطربين يقدمون هذا اللون فهو موجود في الأفراح الشعبية وفي الملاهي الليلية وفي الميكروباصات لكن لكل مقام مقال.. فعبدالباسط حمودة وسعد وهدي يعنون بشكل جميل في لونهم الذي تميزوا فيه لكن أن نجدهم ضمن فقرات البرنامج يؤدون أغاني عمالقة الغناء مثل أم كلثوم ومحمد قنديل ومحمد فوزي والقادم فيه الكثير فهذا البرنامج ووسط هذه الكوكبة من النجوم لا يجب أن تتواجد أم كلثوم أو حليم أو عبدالوهاب أو أي قامة من قامات الغناء العربي، ولا يوجد شيء في الغناء اسمه «النسخة شعبي» كما تقول فقرة البرنامج، الغناء مدارس كما تعودنا وتعلمنا وسمعنا.. عبدالحليم عندما حاول أن يغني شعبي مثل محمد رشدي لم ينجح نجاحاته التي عاشها في أعماله الأخري،وهذا يعني أن الله سبحانه وتعالي خلق لكل موهبة حدود ولون لأدائها، لذلك ما حدث في برنامج «لسه ه نغني» هو اعتداء علي تراثنا الغنائي بكل ما تحمله الكلمة. الحلقة الأولي غني سعد وهدي ودياب «الحب كله» لأم كلثوم و«حبيبي وعينيه» لمحمد فوزي وفي الحلقة الثانية أدي عبدالباسط حمودة والليثي وبوسي «بعيد عنك» ولقنديل «يا حلو صبح» بطريقة الغناء الشعبي وهذه الطريقة لا يجب أن نعرضها علي الشاشات الفضائية لأنها تهدم جزءا من تاريخ مصر الغنائي وتتلاعب به وتشوهه وكل هذه الأمور تدخل في إطار اسمه اعتداء علي حقوق الملكية الفكرية خاصة أن الأداء الغنائي اعتمد علي التحوير في اللحن لأن الأداء الشعبي يتطلب أمورا معينة في الأداء ليست موجودة في اللحن وبالتالي فهذا يعد انتهاكا لحق الملحن والمطرب الأصلي للأغنية وهو هنا السيدة أم كلثوم سيدة الغناء العربي والملحن الكبير بليغ حمدي في أغنية «بعيد عنك». كفانا اعتداء علي هذه القامات الكبيرة وعلي إبداعهم الخاص وليس معني أن الدولة المصرية تمر بحالة من الضعف أن نترك برنامجا ينتهك حقوق الملكية الفكرية كما يحلو له ولمنتجيه وبالمناسبة حتي لو حصلت هذه البرامج علي تصريح من جمعية المؤلفين والملحنين وأشك في هذا، فهذا التصريح يعد باطلا لأن الأغنية أعيد نشرها بشكل يسيء إليها ولمطربتها الكبيرة وهي السيدة أم كلثوم وكذلك قنديل وفوزي. الاعتداء علي حقوق الملكية الفكرية بهذا الشكل هو نتيجة ثمار الاستهتار وتراجع الدولة منذ سنوات في أداء رسالتها لحماية هذه الحقوق التي تعاقب في حالة انتهاكاتها كل القوانين الدولية منذ سنوات في أداء رسالتها لحماية هذه الحقوق التي تعاقب في حالة انتهاكها كل القوانين الدولية والغريب الآن ليس في صمت الدولة الذي تعودنا عليه لكن في الجهات المعنة بالحماية وهي وكما قلنا في السابق النقابة وجمعية المؤلفين والملحنين. هذه الكيانات إذا قام كل منهم بدوره لما أصبح تراثنا عرضة لهذه الانتهاكات وهذا التلبد من الذين يرعون هذه الاحتراقات. بالأمس القريب وجدنا المطربة اللبنانية كارول سماحة وشركة خليجية هي روتانا تعتدي علي حق عبدالوهاب وأم كلثوم والدولة تركت الألبوم يتداول في مصر والمطربة تأتي الي مصر لتقيم غدا مؤتمرا صحفيا تتحدث فيها عن ألبومها «إحساس» فأين هو الإحساس من الأساس عندما ننتهك عملا إبداعيا ونشوهه بهذه الطريقة فهل تستطيع روتانا أن تصنع هذا الأمر مع لحن لمحمد عبده أو أحلام؟ أتصور أنه لن يجرؤ أحد علي هذا. وعلي مستوي العالم ككل لن نجد أغنية لأي مغني عالمي تؤدي بغير قواعدها الأصلية، لن تجد أغنية لشارل أزنافور أو خوليو أونريكو ماسياس أو حتي عمل من كلاسيكات الغناء الذي يؤديه بوتشيللي بحرف أو أن نغير اللحن من أجل لون أو شكل آخر في الغناء كما لن نجد برنامجا يقوم علي العبث بالتراث، لأن القوانين هناك تخرب بيت من يعتدي علي أي حق من الحقوق، فالقانون يحمي الجميع، الأموات قبل الأحياء وهذا هو الفارق بين العالم المتحضر والعالم الذي يقوم علي الفهلوة في كل شيء نعم نحن وصلنا في عالمنا العربي وليس في مصر فقط الي استخدام الفهلوة ولغة البيزنس والمصالح طغت علي كل شيء. أم كلثوم سيدة الغناء العربي وعبدالوهاب موسيقار الأجيال أصبحوا أداة رخيصة في يد بعض البرامج، وبعض الشركات وبعض المطربين لكن المواجهة معهم ستظل قائمة رغم أن هناك صحفا أصبحت تروج للعبث بالتراث وتصفه بأنه نوع من العبقرية. كل هذا من أجل الانفراد بحوار لكارول سماحة أو تصريح خاص لكن ما الذي يمكن أن يتحقق لهم لو دافعوا عن أم كلثوم. برنامج «لسه ه نغني» ضربة جديدة لتراثنا والشيء الذي يدعو للدهشة هو مشاركة فنان بحجم يحيي الموجي الذي ينحدر من عائلة أثرت الغناء العربي لأن والده هو الموسيقار الكبير محمد الموجي، ومن عائلة حلمي أمين وإبراهيم رأفت والموجي الصغير وآخرين لذلك وجوده سقطة لأن الدور ربما يكون علي أغنية «اسأل روحك» التي لحنها والده لأم كلثوم.