بالأرقام والحقائق.. استطاعت وزارة المالية الرد على كافة الاتهامات الموجهة للدولة بتحمل مسئولية التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، وجاءت مؤشرات الأداء المالي الفعلي خلال العام المالي الماضي المنتهي بنهاية يونيه 2022، لتمثل «صك البراءة» لقدرات الاقتصاد المصرى على التعامل الإيجابي مع الصدمات المتشابكة، واحتواء تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. يعد الحفاظ على المسار الاقتصادى الآمن للدولة، أكبر التحديات التي واجهت السياسة المالية خلال الأعوام العشر الماضية، منذ بداية هبوط المسار فى العام المالي 2010-2011، والذي تراجع فيه معدل النمو الحقيقي إلى 1.8% فقط، وظل هذا المعدل الضعيف على مدار 3 سنوات حتى بدأت فترة الإصلاح الاقتصادي تؤتي ثمارها بداية من العام المالي 2014-2015، والذي تضاعف فيه النمو إلى 4.4% مقابل 2.2% في العام السابق له 2013-2014، واستقر هذا المعدل لمدة 3 سنوات، حتى قفز إلى 5.3% عام 2017-2018، ثم 5.6% عام 2018-2019. وجاءت صدمة كورونا لتتسبب في تعطيل حركة النمو الاقتصادي المصري خلال عامي 2019-2020 و2020-2021، حيث تراجع معدل النمو إلى 3.6% و3.3% على التوالي، وجاء أبلغ وصف لتلك المرحلة كما قاله الدكتور محمد معيط وزير المالية بأن أزمة كورونا «كعبلتنا»، ولولاها لشهد الأداء المالي استمرار معدل النمو والطفرة فى النتائج المالية لتحقيق معدلات غير مسبوقة فى أداء الموازنة العامة للدولة، حيث تؤكد الأرقام أن أزمة فيروس كورونا منعت استمرار عجز الموازنة ليبلغ 4% فقط خلال العام المالي 2021 /2022، بدلا من النسبة الحالية للعجز 6.1%، ورغم ذلك يسجل معدل عجز الموازنة، لأول مرة منذ سنوات، أقل من متوسط الدول الناشئة. وتضع وزارة المالية خطة لتطور الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، حيث تستهدف الموازنة العامة تحقيق ناتج محلي بقيمة 9.092 مليار جنيه خلال العام المالي 2022-2023، مقابل 7.940 مليار للعام 2021-2022، أما عجز الموازنة فمن المستهدف التدرج بمستوياته نحو الانخفاض خلال الأعوام المالية الأربعة المقبلة ليتراجع إلى 5.6% ثم 5% و4.5% حتى يصل إلى 4% فقط من الناتج المحلى فى العام المالي 2026-2027. وتوقع فريق صندوق النقد الدولي تحقيق ميزان أولي قدره 2.2%، من الناتج المحلي الإجمالي بداية من العام المالي 2024/2025، مقارنة بتحقيق 1.3% خلال العام المالي الماضي 2021-2022 ، والمستهدف فى 2022-2023 تحقيق فائض أولى بنسبة 1.5%. وبمقارنة الميزان الأولي مع الدول النظيرة نجد أن الاقتصادات الناشئة حققت تراجعا بنسبة 4.7%، كمان تراجعت الاقتصادات المتقدمة بنسبة 3.6%. أما على مستوى تطور دين أجهزة الموازنة العامة للدولة كنسبة من الناتج المحلي، فإن الموازنة تستهدف عودة المسار النزولى لنسبة دين أجهزة الموازنة للناتج المحلى، وتتضمن فعليات الدين لعام 2021/2022 تأثيرا سلبيا لتغير سعر الصرف قدره 4 % من الناتج المحلى، وبدونه كان من المفترض أن يكون الدين في حدود 83.2% من الناتج في يونيو 2022، حيث بلغت نسبة الدين للناتج المحلى فى يونيو الماضي 87.2%، ومستهدف فى يونيو 2023 المقبل 85.6%، وتخطط وزارة المالية لخفضه تدريجيًا على مدار السنوات الأربع المقبلة ليصل إلى 71.9% فقط في يونيو 2027، كما تتضمن فعليات دين الحكومة العامة للدولة كنسبة من الناتج المحلي لعام 2021/2022 تأثير سلبى لتغير سعر الصرف أيضًا وبدونه كان من المفترض أن يكون الدين في حدود 81.2% من الناتج في يونيو الماضي، ومن المستهدف خفضه تدريجيًا أيضًا ليبلغ 70.4% فقط في يونيو 2027. ورغم ما يدور في مختلف البلدان المتقدمة والنامية، والتي تجسد حجم الآثار المترتبة على التحديات العالمية الاستثنائية التي تواجهها الاقتصادات العالمية، وتعد أصعب الفترات التى تشهد حالة من عدم التيقن فى سريان الأحداث واتجاهاتها، وارتفاعًا كبيرًا فى تكلفة الحصول على التمويل، وتكلفة المعيشة، فقد تمكن الاقتصاد المصرى من تسجيل أعلى معدل نمو منذ عام 2008 بنسبة 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2021-2022، مقارنة بمتوسط عالمي 3.2% للاقتصادات الناشئة، وتراجع معدل البطالة إلى 7.2% في يونية 2022 بتوفير 826 ألف فرصة عمل، وانخفض عجز الموازنة من 13% في العام المالي 2012-2013 إلى 6.1% من الناتج المحلي في العام المالي الماضي، بالإضافة إلى تحقيق فائض أولى للعام الخامس على التوالي بقيمة 100 مليار جنيه وبنسبة 1.3% من الناتج المحلي، بل ونجحت مصر في سداد جميع التزاماتها في مواعيدها المحددة، لتكون مصر واحدة من الدول القليلة من الاقتصادات الناشئة التي حققت فائضًا أوليًا في العام المالي الماضي. وتضاعف حجم الاقتصاد المصري 3 مرات خلال الست سنوات الماضية، بمعدلات تفوق مديونية الحكومة، على نحو يعكس نجاح الحكومة في توجيه التمويلات التنموية إلى استثمارات حقيقية، ومشروعات ومبادرات ذات جدوى أسهمت في تحسين البنية التحتية بشكل غير مسبوق بات أكثر جذبًا وتحفيزًا لاستثمارات القطاع الخاص بما يساعد في دفع النشاط الاقتصادي، ويؤدي إلى توفير فرص العمل للمواطنين والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة إليهم. ووسط الضغوط الكبيرة على الموازنة من أعباء التضخم المستورد من الخارج، تمكنت الموازنة من توفير التمويل الكافي لتنفيذ الاستثمارات الحكومية، ومنها مبادرة حياة كريمة بنحو 80 مليار جنيه زيادة أجور ومرتبات العاملين بأجهزة الموازنة وتوفير مخصصات كافية لكافة بنود الدعم وبرامج الحماية الاجتماعية ومنها مخصصات، وسداد مستحقات الخزانة لصالح صندوق المعاشات، وزيادة الإنفاق على قطاعي الصحة والتعليم، حيث شهد العام المالي الماضي زيادة فى الإنفاق على التنمية البشرية وشبكات الحماية الاجتماعية، حيث ارتفع الإنفاق على الصحة بنسبة 21% والتعليم 23%، وهو ما يفوق معدل النمو السنوي لمصروفات الموازنة الذي يقدر ب 14.8% بما يعكس الأولوية التي توليها الحكومة لهذين القطاعين الحيويين. وحققت الموازنة العامة عجزا كليا بنحو 485 مليار جنيه وبنسبة 1.6 % من الناتج وفقا للختامي المبدئي للعام المالي 2021/2022 مقارنة بعجز قدره 472 مليار جنيه وبنسبة 8.6 %من الناتج في العام السابق، كما حققت الموازنة فائضا أوليا قدره نحو 100.1 مليار جنيه، وبالمقارنة بتحقيق فائض أولى قدره 93.2 مليار جنيه في العام السابق، وتم تحقيق تلك النتائج إيجابية على الرغم من توفير كافة المخصصات المطلوبة لأجهزة الموازنة والقطاعات المختلفة خاصة قطاعي الصحة والتعليم، وتوفير كافة مخصصات مبادرة حياة كريمة فضلًا عن سداد المستحقات الشهرية لصندوق التأمينات والمعاشات.