جلست الأم تنظر إلى السماء، وتناجى ربها بأن يقتص لها ممن ضيع أحلامها وقتل فلذة كبدها، احتضنت صورته والدموع تنساب على خديها ومر أمام عينيها مشهد الحادث البشع الذى راح ضحيته ابنها على يد اثنين لا يعرفان معنى الرحمة أو الإنسانية، تذكرت عندما عثرت الشرطة على جثة نجلها فى الرشاح منذ شهور وتمنت أن ترى قاتلى فلذة كبدها معلقين فى حبل المشنقة. فمنذ شهور وقعت جريمة مروعة، لقى رجل فى أواخر العقد الرابع من عمره يعمل سائقاً على ميكروباص حتفه على يد شخصين خططا ودبرا لقتله من أجل سرقة المركبة التى يقودها، ثم تفكيكها وبيعها خردة. بدأت تفاصيل الواقعة ببلاغ لمركز شرطة قليوب من والد المجنى عليه، ويدعى محمد مجدى صبرى، بتغيبه عن المنزل، ثم تمكنت الشرطة بعدها بأيام من العثور على جثته ملقاة على جانب مجرى مائى «رشاح» بمنطقة زاوية النجار بمركز قليوب عقب العثور على السيارة فقط فى أول الأمر. بعدها ألقت الأجهزة الأمنية القبض على المتهمين، وهما «يحيى. أ» عمره 51 سنة، والآخر «رضوان. ر» عمره 40 سنة. وباشرت النيابة العامة تحقيقاتها فى الجريمة، وخلال التحقيقات اعترف المتهمان بأنهما ارتكبا الواقعة، وخططا لها قبل أيام من وقوعها، بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة، والبحث عن طريقة للحصول على المال بأسرع وقت. أقر المتهمان بأنهما كانا يريدان سرقة أحد الميكروباصات لتفكيكه وبيعه ثم تقسيم الأموال بينهما، حيث استقل المتهمان الميكروباص الخاص بالمجنى عليه، وجلس أحدهما بجوار السائق، والآخر فى المقعد الخلفى للسائق مباشرة، كما هو مخطط. أضاف المتهمان فى التحقيقات أنهما أعدا لجريمة القتل مادة حارقة «شطة» لإلقائها على وجه المجنى عليها، و«كوفية» لخنقه. وقف المتهمان فى أحد شوارع شبرا الخيمة، ينتظران أحد الميكروباصات لاستقلالها، وبالفعل تظاهرا بأنهما ركاب عاديون، واستقلا الميكروباص، وبعد أن انتهى السائق من إنزال الركاب، لم يتبق سواهما معه، وما أن ظفرا به، حتى قام أحدهما بإلقاء المادة الحارقة على وجهه، وتولى الآخر قيادة المركبة. كما وضع أحد المتهمين ركبة ساقه اليمنى على رقبة المجنى عليه حتى لا يستطيع الحركة، بعدما وجدوا منه مقاومة شديدة، قائلين، «كان عمال يعافر زى المجنون». وتابعت التحقيقات: «وحال مقاومة المجنى عليه قام أحدهما بلف القطعة القماشية حول عنقه، عقب إحكام غلقها، قاصدين إزهاق روحه» حتى فارق الحياة. ووفقاً لتقرير الطب الشرعى الخاص بالواقعة، تبين من توقيع الكشف الظاهرى والصفة التشريحية لجثمان المتوفى، وجود علامات بمنطق العنق وأماكن أخرى فى الجثمان تشير إلى وجود ضغط على العنق باستخدام أداة مثل الكوفية أو ما شابه، ما يؤكد اعترافات المتهمين الواردة فى تحقيقات النيابة. وطبقاً للتحقيقات، اعترف المتهمان بأنهما تخلصا من الجثمان عن طريق شده من قدميه خارج الميكروباص، ثم إلقائه فى الرشاح بمنطقة زاوية النجار بشبرا الخيمة. وبناء على ذلك، قررت النيابة العامة إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات بمحكمة استئناف طنطا، بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، لأنهما بيتا النية وعقدا العزم على قتله، وأعدا لذلك الغرض الأدوات المستخدمة فى الجريمة. عاد وعى الأم المكلومة، إلى الواقع وهى تحتضن صور نجلها فرفعت يدها إلى السماء، مرة أخرى وقالت يا رب لا ننتظر سوى القصاص العادل حتى ترتاح وتهدأ روح ابنها.