نحن نتكلم أكثر مما نعمل، ونشرّع أكثر مما نطبق، وننفق أكثر مما ننتج، شطار فى النظرى، وضعاف فى العملى، نحن بلد شعارات لو طبقنا البند السابع من ديباجة وثيقة الدستور، لأوقفنا العنف الطائفى، وسيلان الدم فى المواجهات التى تتم بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين، وأدرنا التعددية على خلفية فكرة المواطنة بدلاً من الطائفية التى تهدد الوحدة، وتفرض التشرذم، ينص البند على: «الوحدة الوطنية فريضة، وركيزة بناء الدولة المصرية الحديثة وانطلاقتها نحو التقدم والتنمية، ترسخها قيم التسامح والاعتدال والوسطية وكفالة الحقوق والحريات لجميع المواطنين دون تفرقة بين أبناء الجماعة الوطنية». المسئول عن تطبيق هذا النص هو المشرع، النصوص الدستورية، تخاطب المشرع، وليس المواطن البسيط ساكن العشوائيات الذى يعيش فوق تلال من التخلف والجهل والفقر، والمرض والبطالة، والذىأصبح صيداً سهلاً لدعاة الفتنة الطائفية، فتحول من التسامح إلى التعصب، ومن المحبة الى العداوة، الفتنة الطائفية تسكن المناطق الأقل تعليماً وثقافة، والأقل دخلاً، جميع الأحداث التى وقعت بين المسلمين والمسيحيين كانت فى المناطق الشعبية بداية من أحداث الزاوية الحمراء فى السبعينيات إلى أحداث الخصوص التى وقعت منذ أيام، وتقع لأسباب عادية ثم تتحول إلى فتنة، مثل حادثة مياه الغسيل الشهيرة فى الزاوية الحمراء، وحرق القميص فى دهشور، والصليب المعقوف فى الخصوص، وأحياناً تقع حوادث لعلاقات عاطفية جميع هذه الأحداث كان يمكن احتواؤها بالقانون، لأنها أحداث عادية يمكن أن يكون أطرافها مسلمين أو مسيحيين، أما وقوعها بين مسلمين ومسيحيين فهناك أشباح تغذى الخلاف وتحوله إلى فتنة، يتم خلالها الاعتداء على الأنفس ودور العبادة، وتظهر الخلافات الكامنة التى قد لا يكون المتشاجرون طرفاً فيها مثل التضييق على إقامة وترميم دور العبادة ونسبة الأقباط فى الوظائف العامة والبرلمان ومشاكل قانونهم للأحوال الشخصية، فيما يتعلق بالزواج والطلاق، حل هذه المشاكل فى يد مؤسسات الدولة والبرلمان، لو سألت أى مواطن عادى فى الخصوص بعد الأحداث الأخيرة التى قتل فيها حوالى «8» أشخاص فى أحداث الكنيسة والكاتدرائية سيؤكد على متانة العلاقة بينه وبين جاره، وينطلق ليشتكى من أوضاعه المادية، وقلة الخدمات الحكومية، فى المنطقة، وسوء المدارس والمستشفيات ونقص الوقود والسماد والخبز وارتفاع الأسعار، مشاكل المسلمين هى مشاكل المسحيين، وإذا حدثتهم عن الفتنة الطائفية يبادرون بالحديث عن المودة والمحبة، وعن الثورة التى جمعت بين الهلال والصليب، ويؤكدون أن ما حدث كان خارجاً عن إرادتهم، إذن فتش عن مدبرى الفتنة، وهذه مسئولية وزارة الأوقاف والأزهر والكنيسة فى تغيير الخطاب الدينى ليكون أكثر تسامحاً، ويدعو إلى الوحدة الوطنية، وإلى الحقوق والواجبات التى يتمتع ويلتزم بها الجميع، والكف عن تغذية روح العداوة والفرقة، واحترام دور العبادة. فعلاً الاعتداء على الكاتدرائية أدمى قلوب معظم المصريين قبل أن يقول البابا تواضروس الثانى ذلك، لا يوجد عاقل يقر هذا التصرف القبيح الذى حدث فى محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لأنها تمثل قيمة دينية، وأيقونة مصر والمسيحيين فى العالم. من حق المسيحيين أن يعبروا عن قلقهم من انحياز الرئاسة للعشيرة والقبيلة، لأخونة الدولة، وتجاهلها تطبيق الدستور الذى نص على أن «الوحدة الوطنية فريضة واجبة» فتحول إلى فريضة غائبة. لكن لن يقف المسيحيون وحدهم يدافعون عن حقهم فى هذا الوطن الذى قال عنه البابا شنودة إن «مصر ليست وطناً نعيش فيه ولكنها وطن يعيش فينا، ستظل مصر بلد الوحدة الوطنية وسيظل الهلال والصليب فى عناق دائم رمزاً وشعاراً لهذه الوحدة، وتحت هذا الشعار يعقد الوفد بيت الأمة مؤتمره اليوم لبحث الخروج من هذا النفق المظلم، باعتبار أن الوفد رمز الوحدة الوطنية للبلاد منذ ثورة «19» حتى الآن، وهو حزب الوحدة الوطنية المصرية الذى يرعى المواطنة، بمفهومها الصحيح، والتى تعتمد على أن الدين لله والوطن للجميع، الوفد يدعو للمساواة الكاملة بين جميع المواطنين دون تفرقة على أساس اللون أو الدين أو الجنس، الوفد هو بيت كل المصريين.