وتتواصل حكايتنا الأسبوعية عن قصص وحكايات من محاكم الأسرة والغريبة والطريقة التى لم نسمع مثلها من قبل فنحن اليوم أمام قصة بطلتها من أقصى الجنوب وهى بلاد النوبة: «أمنية» إحدى بنات النوبة التى هاجرت مع أسرتها منذ الصغر ولكن لم تنس فى يوم من الأيام أنها من أبناء النوبة الطيبين الذين يتمتعون بصفات جميلة كثيرة، وقد استقرت فى قاهرة المعز، وهى لا تعرف عادات وتقاليد هذا المجتمع الجديد، التى سوف تعيش فيه مع أسرتها. وتعد أسرة «أمنية» أسرة بسيطة، الأم ربة منزل، والأب يعمل فى مهنة التدريس، والابنة تستكمل دراستها وتمر الأيام والسنون وتكبر الابنة وتنتهى من دراستها وتحصل على دبلوم تجارة، واكتفت بهذا القدر من التعليم من أجل مساعدة الأم فى الأعمال المنزلية، وتلك هى عادات أهل الجنوب فى تعليم الفتاة إذ يكفى أن تفك الخط كما يقال كى تستطيع مساعدة أولادها وزوجها فى المستقبل. وكانت قليلة الخروج، ونادراً من تنزل إلى الشارع وأيضاً لا يوجد لها أصدقاء أو أقارب فى المسكن الجديد، أسرة مغلقة على نفسها، فرغم إقامتهم فى القاهرة فما زالوا متمسكين بعادات وتقاليد بلاد النوبة. شاهدها ابن الجيران، وأعجب بها وطلب من اسرته أن يتقدم إليها لخطوبتها، وأنه يريد أن يرتبط بها، وفعلاً حدث وتقدم الشاب جار أمنية وأعجبت بها أسرته وتبادل أفراد الاسرتين التعارف وكان النصيب والقدر غالباً وقد وافق والدها على الخطوبة وقد تم حفل الخطوبة فى حفل عائلى بين الأسرتين، فهم ليس لهم معارف أو أصدقاء. وتلتقط منى أمنية خيط الحديث بعد لقائى معها فى إحدى طرقات محكمة الأسرة. كان خطيبى يكبرنى ب6 سنوات ويعمل فى مجال العقارات وكان لديه مكتب تسويق يهتم بشؤون عمله كثيراً واستطاع فى وقت قصير أن يخطف قلبى منذ أن تقدم إلى خطوبتى وأيضاً كان يمثل كل شىء فى حياتى ونسيت عادات النوبة، وأصبح أول حب فى حياتى، ولم أتصور يوماً من الأيام أن أتزوج خارج أهل النوبة. وارتضيت بالقسمة والنصيب، واستطاع خطيبى تجهيز عش الزوجية فى خلال فترة قصيرة، ونظراً لأنه يعمل فى مجال المقاولات، فكانت هناك تيسيرات فى أعمال المنزل الجديد، وقد تم الزفاف بعد 8 شهور من الخطوبة كانت من أسعد أيام حياتى. وكان زوجى ينتمى الى إحدى قرى محافظات الصعيد، وكان دائم السفر إلى بلده قبل الزواج كثيراً، وقد تم الزواج واستمر عشر سنوات، رزقنى الله بتوأم من الأولاد وكانا أجمل فرحة فى حياتى وأيضاً فى أسرتى وكان زوجى كثير الاهتمام بالأولاد، وكل طلباتهم مجابة، وازداد سفرزوجى الى بلدته وكان يغيب عن المنزل بالشهر تقريباً وكان قليل الاتصال. وكان يقلقنى لأنه لا أعلم عنه أى شىء، وبدأت الخوف الشديد على زوجى من تكرار السفر وغيابه عن المنزل كثيراً، ولا أعلم أى شىء عن زوجى وبمجرد الوصول من سفره الى المنزل، وبمجرد السؤال عن سبب غيابه الطويل وتكرار السفر وأن معظم وقته يقضيه فى قريته بعيداً عنى وأولادى، كان جوابه شغل جديد. وكانت الطامة الكبرى التى دمرت حياتى وهدمت بيتى قضت على حبى الكبير لزوجى هى زواجه من أخرى فى البلد وكان سببه الواهى لهذا الزواج أنه يرغب فى زيادة عدد الأولاد. وقد اكتشفت زواج زوجى بامرأة أخرى، وبصدفة بحتة عندما شاهدت قسيمة الزواج فى حقيبة الأوراق الخاصة به، قد نسيها زوجى فى المنزل. وعندما واجهته بالزواج التانى، اعترف دون تردد أو خجل وقال لى من أجل زيادة النسل، وهذا الكلام لا يعقل وأعترف أيضاً بأن الزوجة الثانية لديها طفل عمره عامان. ولجأت إلى أسرتى بقلبى المكسور وحالى الذى يرثى له وطلبت منه تطليقى من هذا الرجل المخادع فلم أعد أستطيع الحياة معه ولن أقبل بالحياة مع أخرى مهما كانت الأسباب. وعرض والدى الأمر على زوجى وطلب منه الطلاق فى هدوء من أجل مصلحة الطفلين، وكانت المفاجأة الأخرى انه وافق على الطلاق بشرط ان أتخلى عن الأولاد. وانتظرت وقت ليس بقصير على طلب الطلاق، ولم يتم الطلاق وفى ذات يوم كنت أشترى متطلبات المنزل، وكان الأولاد فى المنزل، واستغل زوجى عدم وجودى، وخطف أولادى والذهاب بهم الى زوجته الثانية وقد اتصل بى وابلغنى بأن الاولاد معه وطالبنى بالموافقة على التنازل عن الأولاد من أجل الطلاق، هل هذا من العدل ما حدث لى من خيانة وغدر؟؟ وهو يرغب أيضاً فى حرمانى من أطفالى!! أى رجل من الرجال هذا وهل يظن نفسه فوق القانون. هرولت إلى قسم الشرطة وحررت محضراً ضد زوجى أتهمه فيه بخطف أطفالى وأطالب بإعادتهم فوراً بصفتى حاضنة. كما توجهت إلى محكمة الأسرة وأقمت دعوى خلع ودعوى ضم أولادى ونفقة لضمان حق أطفالى وكلى ثقة فى القضاء والعدل بإنصافى وإعادة أطفالى وتطليقى من هذا الرجل الذى ظن نفسه أنه فوق القانون والأعراف. نعم، أنتظر عودة أولادى على أحر من الجمر ولكن أنا ابنة النوبة التى تعودت على خوض المعارك وعدم التنازل عن حقوقها.