تبدأ غدًا السبت إعادة محاكمة "القرن" المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك، داخل أروقة المحاكم من جديد. وينظر المستشار مصطفي حسن عبدالله رئيس محكمة جنايات القاهرة أولى جلسات إعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، لاتهامهم بالتحريض على قتل المتظاهرين خلال ثورة25 يناير وتصدير الغاز لإسرائيل بأسعار تفضيلية. فرضت وزارة الداخلية حراسة أمنية مشددة على مداخل ومخارج قاعة المحاكمة ومبنى الأكاديمية، وسيتم تغيير بوابة الدخول كنوع من الاحتياطات الأمنية، كما سيسمح الأمن بدخول حاملى التصاريح الصادرة من وزارة العدل لهيئة الدفاع عن المتهمين وأقاربهم من الدرجة الأولى، وهيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدنى، وأسر الشهداء من الدرجة الأولى والصحفيين بواقع صحفى من كل جريدة ولن يسمح سوى للتليفزيون المصرى لتسجيل وقائع الجلسة بالصوت والصورة . كانت محكمة النقض برئاسة المستشار أحمد علي عبدالرحمن النائب الأول لرئيس محكمة النقض, قد أصدرت حكمها بقبول الطعن المقدم من النيابة العامة على أحكام البراءة وانقضاء الدعوى الجنائية الصادرة لصالح مبارك ونجليه علاء وجمال, ورجل الأعمال حسين سالم والمساعدين ال6 لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي, في الجوانب المتعلقة بتصدير الغاز إلي إسرائيل, واستغلال النفوذ الرئاسي, والاشتراك في قتل المتظاهرين. وكذلك الطعون المقدمة من الرئيس السابق حسني مبارك, ووزير داخليته حبيب العادلي علي الحكم الصادر ضدهما من محكمة جنايات القاهرة بمعاقبتهما بالسجن المؤبد لمدة25 عامًا, إثر إدانتهما في قضية قتل المتظاهرين السلميين في ثورة25 يناير وإلغاء الأحكام السابقة وإعادة محاكمة جميع المنسوب إليهم الاتهام في هذه القضايا من جديد. بدأ التحقيق مع مبارك في مايو 2011بمستشفى شرم الشيخ الدولي، وتضمن ملف التحقيقات والذي يبلغ نحو 10آلاف ورقة، العديد من القضايا والاتهامات الموجهة له منذ بدء التحقيقات حتى صدور قرار الحبس، والتي باشرها المستشار مصطفي سليمان رئيس الاستئناف ومحامي عام أول استئناف القاهرة. ترجع تفاصيل أولى جلسات محاكمة القرن إلى 3 أغسطس 2011، حيث حضر مبارك كمتهم وتم وضعه داخل قفص الاتهام، في جلسة محاكمته الأولى أمام محكمة مدنية، وتعد السابقة الأولى من نوعها في العالم العربي أن يمثل رئيس سابق أمام محكمة غير استثنائية، وقد مثل معه في القفص أيضا نجلاه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من مساعدي الوزير، وقد امتدت المحاكمة لنحو 6 أشهر متتالية بواقع 45 جلسة محاكمة . وفي الجلسة الثانية قرر المستشار أحمد رفعت ضم قضية مبارك إلى قضية حبيب العادلي وقرر أيضا وقف البث التليفزيوني لوقائع المحاكمة حرصاً على الصالح العام، واستمعت المحكمة إلى شهادة المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان واللواء عمر سليمان، واللواء منصور العيسوي، واللواء محمود وجدي في جلسات سرية. ثم قررت المحكمة تعليق جلساتها لأكثر من 60 يوما، لحين الفصل في طلب رد القاضي أحمد رفعت، حيث أقام عدد من المدعين بالحق المدني بدعوي طلب رد وذكروا في أسبابها إن رئيس المحكمة أخل بحق محامي الشهداء في مناقشة المشير حسين طنطاوي أثناء الإدلاء بشهادته، كما تعدى الحرس الشخصي للمشير علي أحد محامي الدفاع، وان القاضي عمل مستشاراً للرئيس السابق حسني مبارك، وأنه أبدي رأياً مسبقاً في القضية. الا ان محكمة الاستئناف قضت في النهاية برفض طلب الرد لانتفاء أسباب الرد . تم استئناف جلسات المُحاكمة في 28 ديسمبر 2011 وكلفت النيابة العامة بمُخاطبة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، لإرسال فنيين لمعرفة إمكانية مسح تسجيلات شرائط الفيديو (الأحراز) من عدمه، وتقديم الكشوف النهائية للمصابين والضحايا في ثورة 25 يناير. وفي "الجلسة 15" استمرت النيابة في مرافعتها ولكن بأسلوب اذهل دفاع المدعين بالحق المدني، حيث عرضت لقطات مصورة لعنف الشرطة تجاه المتظاهرين السلميين ومشاهد قتل بعض المتظاهرين، وفي 5 يناير 2012 أنهت النيابة مرافعتها في القضية، وطالبت المحكمة بتوقيع أقصى العقوبة علي المتهمين بقتل المتظاهرين. في "الجلسة 17" بدأت المحكمة في الاستماع إلي مرافعة المدعين بالحق المدني في القضية، ثم أجل القاضي المحكمة إلى جلسة اليوم التالي لاستكمال باقي المُرافعات، وفي اليوم التالي أنهت المحكمة الاستماع لمرافعات المُدعين بالحق المدني، وحددت شهرًا كاملاً للاستماع إلى مُرافعات دفاع المتهمين بداية من 17 يناير، وذلك اثار غضب المدعين بالحق المدني لتخصيص لهم 3 أيام فقط لم يتمكنوا فيه من الانتهاء من مرافعتهم، في حين تم تخصيص 30 يوما لدفاع المتهمين . استغرقت مرافعة المحامي فريد الديب 5 جلسات متتالية، ودفع فيها بعدم اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة مبارك طبقاً لدستور 1971 نظراً لأنه لايزال رئيسًا للجمهورية، وذلك اثار حفيظة المدعين بالحق المدني .وحاول الديب نفى كل ما وجه لمبارك من تهم بقتل المتظاهرين السلميين وتصدير الغاز لإسرائيل بأسعار متدنية عن السعر العالمى، محملاً مسئولية قتل المتظاهرين على قوات الجيش، وحول تصدير الغاز لإسرائيل فقد وجه التهمة إلى المخابرات العامة. واستند الديب فى مرافعاته التى نفت التهم الموجهة إلى مبارك بشأن قتل المتظاهرين إلى القانون الصادر فى 14سبتمبر فى عام1952 الذى ينص على أنه فى حالة تدخل القوات المسلحة لحفظ الأمن تنتقل على الفور مسئولية حفظ الأمن إلى هذه القوات فوراً ويعتبر القائد العسكرى مسئولاً عن إصدار التعليمات لهذا الغرض وتخضع الشرطة مباشرة لقوات الجيش. كما حاول الديب لصق تهمة تصدير الغاز لأسرائيل بسعر أقل من السعر العالمى لجهاز المخابرات العامة, حيث قال خلال مرافعاته" اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات السابق، قال إنه شهد بعدم تدخل مبارك فى تصدير الغاز"،مضيفاً أن الرئيس السابق قام بتكليف عمر سليمان بالتفاوض مع الجانب الإسرائيلي، حول أسعار تصدير الغاز إليهما. وانهى الديب مرافعته بتوجيه كلمتين احداهما للمحكمة واخري لمبارك يناشدة بالا يحزن بمن غدر به وانهي خطابة معه قائلا : ''لا تحزن وكن جلدا كعادتك فانت لست بأفضل من رسول الله عندما وجد عنتا من أهل مكة ومكث في الطائف واكتشف ان اهلها ليسوا بأفضل من أهل مكة''. وقال الديب لمبارك ''إن حكموا لك بالبراءة فهذا حكم الله، وان حكموا عليه بالعقوبة فلا تبتئس فتلك ارادة الله". وعقب انتهاء الديب من مرافعته ثار عدد من المحامين المدعين بالحق المدني ضد ما ورد في مرافعته وهتفوا بسقوط مبارك فيما صفق له المحامون عن المتهمين وأجل رئيس المحكمة المستشار احمد رفعت انعقاد الجلسات الى جلسة غدا بحيث يبدأ الدفاع عن وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي مرافعته. أما "الجلستان 24 و25" فقد بدأت فيهما المحكمة بالاستماع لمرافعة الدفاع عن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ، حيث دفع بتزوير فيديوهات تصور اعتداءات قوات الأمن المركزي علي المتظاهرين، واتهم أمن الجامعة الأمريكية بإطلاق النار علي المتظاهرين، وفى الجلستين التاليتين اتهم دفاع حبيب العادلي لجنة تقصي الحقائق المتعلقة بأحداث ثورة 25 يناير بالتحامل ضد الشرطة وعدم الحيادية ونشر معلومات مغلوطة. وفي الجلسة الختامية للمحاكمة دافع العادلي فيها عن نفسه لاكثر من ساعة كاملة مستندا الي ثلاثة محاور أولها إنه لم يعط أي تعليمات بإطلاق النار علي المتظاهرين المحور الثاني : أن هناك تهويلا في إمكانيات وزارة الداخلية. وقدرتها علي مواجهة المظاهرات المليونية التي إنفجرت في الثورة . فالوزارة لا تملك أكثر من 120 ألف رجل . وإن قتل المتظاهرين تم علي يد قوي أجنبية تسللت الي البلاد، والمحور الاخير إن وزارة الداخلية تحت قيادته حققت إنجازات هائلة، أهمها حالة الأمن والأمان التي تمتعت بها مصر. وقدرته الفائقة علي مكافحة الإرهاب واعترف العادلي أن ثورة 25 يناير نبيلة. وإنه سبق أن حذر منها بسبب ارتفاع المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تحاصر المواطنين. وفي 2 يونيو 2012 أسدل الستار على محاكمة القرن، وأصدر المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة الحكم في قضية القرن، وعاقب الرئيس السابق محمد حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى بالسجن المؤبد فى قضايا قتل المتظاهرين. كما قضت المحكمة ببراءة مساعدي حبيب العادلي الستة وهم كل من اللواءات أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي السابق واللواء عدلي فايد مدير مصلحة الأمن العام السابق واللواء حسب عبدالرحمن رئيس مباحث أمن الدولة السابق واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة السابق واللواء عمر فرماوي مدير أمن السادس من أكتوبر السابق. كما قضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية ضد كل من مبارك ونجليه جمال وعلاء ورجل الأعمال حسين سالم في قضية التربح المتمثلة في حصول مبارك ونجليه على فيلات بأسعار زهيدة من حسين سالم مقابل تسهيل حصوله على مساحات من الأراضي بشرم الشيخ. وكان ملايين المصريين يترقبون حكم المحكمة ضد رئيسهم السابق، وشهدت محكمة جنايات القاهرة بالتجمع الخامس تشديداً أمنياً مكثفاً من قبل القوات المسلحة والشرطة، حيث تواجدت المدرعات أمام الأكاديمية وحولها، للسيطرة على أى اشتباكات قد تحدث بين أهالى الشهداء وأنصار الرئيس السابق، أيضا شهدت الطرق المؤدية إلى مقر أكاديمية الشرطة والطريق الدائرى تواجداً أمنياً مكثفاً وعدداً من الأكمنة. وكان في هذا اليوم متواجد أمام المحكمة منذ الصباح عدد من أهالى شهداء ثورة 25 يناير ومؤيدي مبارك، وانتشرت حوالى 50 مدرعة و35 سيارة مصفحة و10 سيارات إسعاف بمحيط أكاديمية الشرطة لتأمين المحاكمة، وفصلت قوات الأمن بين أهالى الشهداء ومؤيدي مبارك خوفاً من وقوع أي اشتباكات. وبمجرد إصدار الحكم هتف الحضور "الشعب يريد تطهير القضاء"، "باطل باطل", "على وعلى الصوت حق الشهيد مش هيموت". تلتها احتجاجات واشتباكات بين أهالي الشهداء والمدعين بالحق المدني داخل قاعة المحكمة كما وقعت اشتباكات خارج المحكمة بين أنصار مبارك وأهالي الشهداء ، مما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين، وتدخلت قوات الشرطة لفض الاشتباكات ، حيث لم يرض الحكم أهالي الشهداء والمصابين، وطالبوا وبالعودة إلى ميدان التحرير، احتجاجًا على الحكم. كما غضب مؤيد مبارك من الحكم ، الذي وصفه بالظلم لتأكدهم من براءة الرئيس السابق، وهددوا باعتصام في ميدان مصطفي محمود .