محمد أحمد كان شيئا مستفزا وغريبا للجميع المواكب التى اعتاد الرئيس السابق مبارك وجميع رجال نظامه على السير بها لتفقد مكان أو افتتاح مشروع لما تسببت فيه من تعطيل للمصالح العامة والخاصة،إلا أن الأغرب هو استمرار تلك المواكب والإجراءات الأمنية المشددة لمبارك بعد خلعه من الحكم فى الحادى عشر من فبراير العام الماضى. ظهر تعاون القوات المسلحة لأول مرة مع وزارة الداخلية فى تأمين المحاكمات التى انعقدت جلساتها الأولى بمجمع محاكم القاهرةالجديدة، إلا أن هذا التعاون استمر منذ الجلسة الأولى لمحاكمة مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلى و6 من كبار معاونيه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم،والتى استمرت محاكمتهم على مدار 6 أشهر متتالية خلال 45 جلسة. اختيرت للمحاكمة قاعة المحاضرات الكبرى بأكاديمية الشرطة بالتجمع الأول،وعقدت يوم الأربعاء الثالث من أغسطس الماضى،والذى وافق ثالث أيام شهر رمضان الكريم،وتجاوزت درجة حرارة العاصمة يومها ال 38 درجة. اتخذت وزارة الداخلية بالتعاون مع القوات المسلحة خطة تأمينية كاملة شديدة الإحكام بعد توقع أجهزتهما حضور مئات الآلاف للمحاكمة لا سيما بساحتها الخارجية سواء من أهالى شهداء ومصابى الثورة،وكذلك أنصار الرئيس السابق،ونشرت قوات الشرطة عربات الأمن المركزى بجميع الطرق المؤدية للأكاديمية وكذلك سيارات الشرطة العسكرية "الجيب"، كما نشرت القوات المسلحة أربعة مدرعات و4 سيارات شرطة عسكرية أمام بوابة "8" التى خصصتها وزارة الداخلية لدخول حاملى تصاريح حضور المحاكمة. ونشرت الداخلية رجالها على طول سور أكاديمية الشرطة الذى يمتد لبضع كيلومترات، ومنعت الدخول من بوابات الأكاديمية الأخرى، كما نشرت أكثر من ألف شرطى وجندى لتأمين المداخل والمخارج،وتم السماح لنحو 600 شخص محامين وصحفيين وعائلات الضحايا- بحضور المحاكمة. واعتمدت الداخلية فى نقلها للمتهمين علاء وجمال والعادلى ومعاونيه الستة من مقر محبسهم بسجن طرة على مصفحاتها وسياراتها الصغيرة بالإضافة لمدرعات الجيش، فيما نقلت طائرة الرئيس المخلوع حسنى مبارك من المركز الطبى العالمى بشرم الشيخ الذى كان مقيما به آنذاك إلى مقر الأكاديمية بالقاهرة،وتخصيص وحدة من القوات الخاصة التابعة للشرطة لمرافقة مبارك منذ خروجه من المستشفى وحتى عودته منه، كما أقامت الداخلية حواجز حديدية ارتفاعها 3 أمتار لعدم تمكن حضور المحاكمة من رؤية مبارك أثناء دخوله للقاعة. حضر الرئيس السابق حسني مبارك جلسة المحاكمة الأولى على نقالة طبية عبارة عن سرير متحرك واضعا جهازأوكسجين ويرتدى زيا أبيض وهو الزى المخصص للمحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا،كما حضر نجلاه الجلسة بزى مماثل فيما ارتدى وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى الزى الأزرق عقب صدور حكم قضائى ضده بالسجن 12 سنة فى قضية غسيل الأموال. وخلال انعقاد الجلسة حدثت اشتباكات بين مؤيدى ومعارضى مبارك خارج أسوار بوابة "8" تبادل فيها الطرفان إلقاء الحجارة والزجاجات،نتج عنها كسر الشاشة الرئيسية التى خصصتها الداخلية لبث المحاكمة،مما دفع قوات الأمن للتدخل للفصل بين الطرفين كما قامت بإلقاء القبض على عدد من مثيرى الشغب. وشهدت الجلسة الثانية فى الخامس عشر من أغسطس الماضى إجراءات صارمة لمنع الاشتباكات خارج الأكاديمية ولجأت قوات الشرطة والجيش إلى تخصيص مكانين منفصلين لمؤيدى مبارك ومعارضيه ونشر كردون أمنى فاصل بينهما لمنع الاشتباكات،إلا أن تلك الإجراءات باءت بالفشل بعد دخول الطرفين فى اشتباكات جديدة بعد مشادات كلامية اتهم فيها أنصار مبارك معارضيه بعدم الوفاء،ورد عليهم المعارضون بأنهم مرتزقة جاءوا مقابل المال لإظهار دعم لرئيس أفسد البلاد طوال 30 عاما. وبدأ الحضور الجماهيرى يتراجع مع الجلسة الثالثة فى الخامس من سبتمبر من العام الماضى،وهى الجلسة الأطول ضمن جلسات المحاكمة، واستمرت قرابة 10 ساعات استمعت فيها المحكمة لأربعة من شهود الإثبات فى القضية،ثم ثلاثة شهود بجلسة 7 سبتمبر،والتى انتهت بأمر المحكمة باستدعاء كل من المشير حسين طنطاوى الأحد 11 سبتمبر 2011 والفريق سامى عنان الإثنين 12 سبتمبر،واللواء عمر سليمان الثلاثاء 13 سبتمبر، واللواء منصور العيسوى الأربعاء 14 سبتمبر،واللواء محمود وجدى يوم الخميس 15 سبتمبر،للاستماع إلى شهاداتهم بخصوص القضية فى جلسات سرية، كما حظرت التغطية الإعلامية لجميع وقائع الجلسات. وشهدت الجلسة المخصصة لسماع شهادة طنطاوى إجراءات أمنية مشددة،إلا أن المحكمة قررت تأجيل الاستماع لشهادته لجلسة 24 سبتمبر لأسباب أمنية، إلا أن المحكمة أكملت باقى الشهود فى أيامهم المحددة سلفا. وتم تعليق جلسات المحاكمة بدءا من 24 سبتمبر 2011 وحتى النظر فى الدعوى التى أقامها عدد من المحامين المدعين بالحق المدني لرد القاضى أحمد رفعت رئيس المحكمة،والتى قالوا فيها إنه أخل بحق محامى الشهداء فى مناقشة المشير طنطاوى أثناء الإدلاء بشهادته،وأن القاضى عمل مستشارا للرئيس السابق،وأنه أبدى رأيا مسبقا فى القضية. وعقدت أولى جلسات طلب رد هيئة المحكمة فى 27 سبتمبر 2011،وبعد عدة جلسات نقلت المحاكمة لدائرة أخرى،وقضت محكمة الاستئناف فى النهاية برفض الدعوى بسبب انتفاء أسباب الرد فى نظر المحكمة. وتم استئناف جلسات المحاكمة فى 28 ديسمبر 2011 وقررت المحكمة التأجيل إلى جلسة 2 يناير 2012 وكلفت النيابة العامة بمخاطبة اتحاد الإذاعة والتليفزيون،لإرسال فنيين لمعرفة إمكانية مسح تسجيلات شرائط الفيديو(الأحراز) من عدمه،وتقديم الكشوف النهائية للمصابين والضحايا فى ثورة 25 يناير. أصر محامى حبيب العادلى على شهادة الفريق سامى عنان رئيس الأركان ونائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة،وذلك فى الجلسة 13 فى 2 يناير 2012،كما استمع القاضى إلي طلبات محامى الدفاع والمدعين بالحق المدنى وأقوال النيابة العامة بشأن استعادة الشرائط التالفة من اتحاد الإذاعة والتليفزيون،وقرر القاضى تأجيل المحاكمة إلى جلسات أيام 3 و4 و5 يناير 2012. ثم قام القاضى برفع الجلسة لليوم التالى بعد أن استمعت المحكمة إلى مرافعة النيابة العامة وقرار إحالة المتهمين إلى المحكمة وتفاصيل الاتهام،وذلك فى 3 يناير 2012،وفى الجلسة ال 15 استمرت النيابة فى مرافعتها وعرضت لقطات مصورة لعنف الشرطة تجاه المتظاهرين السلميين ومشاهد قتل بعض المتظاهرين،وفى 5 يناير 2012 أنهت النيابة مرافعتها فى القضية،وطالبت المحكمة بتوقيع أقصى العقوبة علي المتهمين بقتل المتظاهرين،ثم أجل القاضى القضية إلى جلستى 9 و10 يناير 2012. بدأت المحكمة فى الاستماع إلي مرافعة المدعين بالحق المدنى فى القضية فى الجلسةال 17فى 9 يناير 2012،ثم أجل القاضى القضية إلى جلسة اليوم التالى لاستكمال باقى المرافعات،وفى اليوم التالى أنهت المحكمة الاستماع لمرافعات المدعين بالحق المدنى،وحددت شهرا كاملا للاستماع إلى مرافعات دفاع المتهمين بداية من 17 يناير 2012. واستمعت المحكمة إلى مرافعة "فريد الديب" محامى الدفاع عن مبارك فى الجلسات 19و20و21 فى 17 و18و19 يناير 2012،وفى الجلسة 21 استمرت المحكمة فى الاستماع إلى مرافعة محامى الدفاع عن مبارك فى تهمة الاستيلاء على المال العام وتصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل بأسعار زهيدة مما أضر بالاقتصاد المصرى، وفى الجلسة رقم 23 فى 22 يناير 2012 أنهى محامى الدفاع مرافعته عن مبارك ونجليه دافعا بعدم اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة مبارك طبقا لدستور 1971، نظرا لأنه لا يزال رئيسا للجمهورية. أما الجلستان 24و25 بدأت فيهما المحكمة بالاستماع لمرافعة محامى الدفاع عن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي يومى 23 و24 يناير 2012،واستمر محامي الدفاع فى الجلستين 26 و28 يناير 2012،ودفع بتزوير فيديوهات تصور اعتداءات قوات الأمن المركزى على المتظاهرين، واتهم أمن الجامعة الأمريكية بإطلاق النار على المتظاهرين،وفى الجلستين التاليتين اتهم دفاع حبيب العادلى لجنة تقصى الحقائق المتعلقة بأحداث ثورة 25 يناير بالتحامل ضد الشرطة وعدم الحيادية ونشر معلومات مغلوطة. وأنهى محامى الدفاع عن حبيب العادلي مرافته مطالبا ببراءة موكله من كل التهم المنسوبة إليه،وذلك خلال الجلسة 29 فى 30 يناير 2012،وفى الجلسة 30 فى 31 يناير 2012 بدأ محامى الدفاع عن اللواء أحمد رمزى المتهم السادس القائد السابق لقوات الأمن المركزى إبان ثورة 25 يناير المرافعة واستمرت المحكمة فى الاستماع إليه،وفى الجلسة 33 فى 5 فبراير 2012 اختتم الدفاع مرافعته،وتم تأجيل القضية لليوم التالى للاستماع لمرافعة المتهم السابع اللواء عدلى فايد مدير قطاع الأمن العام السابق وقام محاميه بعرض مرافعته فى الجلستين 34و35 فى 6 و7 فبراير 2012،وفى الجلستين التاليتين استمعت المحكمة لدفاع المتهم الثامن اللواء حسن عبد الرحمن الرئيس السابق لجهاز مباحث أمن الدولة،وطالب الدفاع ببراءته من كل الاتهامات. وبدأ الدفاع عن المتهم 9 اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق في سرد مرافعته أمام المحكمة حيث دفع ببراءة موكله واتهم حركة 6 إبريل بتبييت النية لمهاجمة رجال الشرطة إبان أحداث الثورة. استمر دفاع اللواء إسماعيل الشاعر فى عرض مرافعته،حيث اتهم عناصر خارجية وداخلية بقتل المتظاهرين وذلك فى الجلسة 40 فى 13 فبراير 2012،وأنهي دفاع اللواء إسماعيل الشاعر مرافعته فى الجلسة التالية، مطالبا بالبراءة لموكله من كل التهم المنسوبة إليه،وفى الجلسة 42 فى15 فبراير 2012 قدم محامى الدفاع عن المتهم العاشر اللواء أسامة المراسى مدير أمن الجيزة السابق مرافعته أمام المحكمة. استمعت المحكمة لدفاع المتهم الحادى عشر والأخير اللواء عمر الفرماوى مدير أمن 6 أكتوبر السابق والذى دفع ببراءة موكله،وتم تحديد جلسة 20 فبراير 2012 لسماع تعقيب النيابة والمدعين بالحق المدني على مرافعات الدفاع ثم جلسة 22 فبراير 2012 لسماع التعقيب الأخير لدفاع المتهمين، وفى الجلسة 44 استمعت المحكمة لتعقيب النيابة العامة والمدعين بالحق المدني وذلك فى 20 فبراير 2012،والجلسة 45 والأخيرة التى كانت فى 22 فبراير 2012 استمعت المحكمة لتعقيب الدفاع عن المتهمين،وحددت 2 يونيو 2012 للنطق بالحكم،وأجازت نقلها علي الهواء مباشرة. ويواجه المتهمون اتهامات بقتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير والتربح والإضرار العمدى بالمال العام وتصدير الغاز لإسرائيل.