خريطة التطرف الديني تخنق القاهرة من عمقها وحتي اطرافها في حضن العشوائيات التي يسكنها من لا يعرفون سوي الجهل والفقر والمرض. حسب الاحصاءات هناك 1300 منطقة عشوائية في مصر.. من بينها أكثر من 76 منطقة عشوائية بالقاهرة يزيد تعداد سكانها علي 7 ملايين نسمة وهؤلاء من السهل استقطابهم في ظل الافراج الجماعي عن المعتقلين من كافة التيارات الدينية والذين يتخذون من هذه العشوائيات مرعي لأفكارهم ولتجنيد اكبر عدد من الشباب والرجال، كما حدث من قبل في اواخر الثمانينت واوائل التسعينيات. الأحداث التي شهدتها إمبابة في مطلع التسعينات خير دليل علي ذلك. ففي عام 1992، شهدت »جمهورية إمبابة« كما اطلق عليها آنذاك اخطر ملفات التطرف الديني، حينما أعلن الشيخ جابر، وهو أمير إحدي الجماعات الإسلامية في مصر، استقلالها تحت اسم »جمهورية إمبابة الإسلامية«، مما دفع قوات الأمن إلي تحويل المنطقة إلي ثكنة عسكرية انتهت باقتحامها وتوقيف اكثر من 250 شخصا كانوا ينتمون لجماعة الشيخ جابر والمعروف بجابر الطبال الذي تحول إلي أمير للجماعة في هذه المنطقة، بعد استقطابه وتدريبه علي ايدي إحدي الجماعات الإسلامية يسكنها الآن نحو 2 مليون نسمة كانت في هذا الوقت اشهر بؤر التطرف آنذاك لتجدد الاحداث بها بعد احداث كنيستي مار مينا والعذراء في الأيام الماضية. وإذا كانت إمبابة تجمع ما بين قليل من الشوارع المطلة علي نهر النيل وكثير من الحارات والأزقة التي ترفع شعار العشوائية .. فإن كثيرا من المناطق العشوائية داخل القاهرة الكبري تكاد تكون مؤهلة لزراعة بؤر جديدة للتطرف والتفكير والمواجهة الطائفية خاصة وأن نسبة كبيرة من المفرج عنهم من المعتقلين يقطنونها أو لديهم أواصر صلة ببعض سكانها.. وهو نفس التفكير المنهجي الذي ظلوا يتعاملون به من اجهزة الأمن في السنوات الماضية. وعلي رأس تلك المناطق عين شمس والمطرية حسب ما ذكره احدث التقارير الصادرة عن مركز »شفافية« الانمائي والذي رصد سيطرة الجماعات المتطرفة علي المشهد بالمطرية وعين شمس مما يعد خطرا حقيقيا خلال الأيام المقبلة. خاصة وان بعض العائلات بالدائرة تتخذ مواقف معاديا لوجود كنيسة بشارع التوفيقية او بناء أية كنائس جديدة بالمنطقة وفي عام 2008 شهدت هذه المنطقة مصادمات بين أهالي شارع التوفيقية وقوات الأمن، بسبب قيام جماعات متطرفة بتحريضهم ضد مسيحيين بدأوا في الصلاة داخل مبني عبارة عن مصنع متعدد الطوابق، سعوا إلي تحويله الي مجمع خدمات ودور للعبادة لسد احتياجات أعداد متزايدة من المسيحيين تقطن المنطقة، إلا أن إحدي العائلات التي كانت تراهن علي دغدغة مشاعر غير الواعين وغير العقلاء من جانب السكان المسلمين، سعت الي إثارة البلبلة وإشاعة روح من الرفض لوجود كنيسة بالمنطقة، وقامت ببناء مسجد امام المصنع تماماً، فيما قدمت الجماعات المتطرفة فكرياً نموذجاً سيئاً في التعدي علي حرية العبادة وممارسة الشعائر، بتحريضها الاهالي وقتئذ علي منع المسيحيين من دخول المبني واداء صلواتهم، وانتهي المشهد بمعارك شرسة بين الاهالي وقوات الامن واعتقل علي اثرها نحو 37 شخصاً جري اخلاء سبيلهم فيما بعد، بخلاف إصابة 17 جندياً وضابطاً وعشرات المواطنين، واختتمت الواقعة بفرض الجماعات المناهضة لحرية العبادة رأيها وموقفها علي ارض الواقع وتم منع المسيحيين من اقامة الصلوات في المبني أو استخدامه كدور للعبادة. وتشير بعض الدراسات إلي أن تنامي الافكار الدينية المتطرفة دائما ما يبدأ من عمق الجهل، حيث يتم استقطاب هؤلاء الاشخاص واعادة تدوير افكارهم لفكر الجماعة. ايضاً العشوائيات شمال القاهرة متمثلة في مناطق شبرا الخيمة والمطرية وعين شمس والمرج والزاوية الحمرا وفي جنوبها مثل دار السلام وحلوان والتبين، وفي الوسط تأتي الفسطاط واسطبل عنتر وحكر أبو دومة وماسبيرو، وشرق القاهرة فنجد منشأة ناصر والدويقة والزبالين وتلك افضل الاماكن المؤهلة لاستيعاب غالبية المفرج عنهم من المعتقلين اصحاب الافكار الدينية المتطرفة بعد ثورة 25 يناير. القضية لم تعد اسلام كاميليا أو عبير أو حتي وفاء قسطنطين ما يحدث ستاراً تختفي وراءه جماعات تهدف الي صباغة المجتمع المصري بأفكار مضللة ستجر البلاد الي حرب اهلية.