كشفت دراسة اقتصادية نشرها حديثًا آندرو ستانلى، الخبير الاقتصادى الدولى بصندوق النقد، أن قطاع السلع الغذائية كان أكثر القطاعات الإنتاجية تأثراً بالحرب الروسية الأوكرانية. وذكرت الدراسة أن أسعار الأغذية ارتفعت بنسبة 23 فى المائة خلال 2021 بعد سنوات من الاستقرار النسبى، ثم جاء بعد ذلك غزو روسيالأوكرانيا فى نهاية فبراير، الذى أفضى إلى بلوغ الأسعار أعلى مستوياتها على الإطلاق نتيجة اضطراب تدفقات السلع الأولية من اثنين من أكبر بلدان العالم المصدرة للقمح والسلع الاستهلاكية الأساسية الأخرى. وأوضحت الدراسة أن الحرب أدت إلى تعطيل موانئ أوكرانيا فى البحر الأسود التى كانت فى الماضى تعج بالحركة وتركت الحقول بلا عناية، مع كبح قدرة روسيا على التصدير. ويسهم هذان البلدان بربع صادرات العالم من القمح وخمس صادراته من الشعير والذرة، وأكثر من نصف صادرات زيت بذور دوار الشمس، كما يوفران نحو ثمن مجموع السعرات المتداولة فى العالم. أضاف «ستانلى» أن أسعار المواد الغذائية آخذة فى الارتفاع إلى جانب أبرز التحديات الاقتصادية العالمية الأخرى ونتيجة لها. فالتضخم يتزايد، والجائحة لا تزال تعرقل سلاسل الإمدادات العالمية، أما تغير المناخ فيهدد الإنتاج على مستوى كثير من المناطق الزراعية فى العالم بمزيد من الجفاف والفيضانات والحرارة وحرائق الغابات كما تؤثر الحرب كذلك على ناتج الغذاء العالمى من خلال آثارها على الأسمدة، التى ارتفعت تكلفتها بالفعل نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة. وتنتج من روسياوأوكرانيا كميات كبيرة من مغذيات المحاصيل القائمة على البوتاس، وقد أدت الحرب إلى ارتفاع تكاليفها بصورة حادة. وأوضحت الدراسة أن أسعار الغاز الطبيعى أحد العناصر الرئيسية فى صناعة الأسمدة، قفزت هى الأخرى نتيجة للحرب. ويرجح استمرار أسعار المواد الغذائية على ارتفاعها إلى العام المقبل بفعل هذه العوامل مجتمعة، لأن استخدام كميات أقل من الأسمدة سيؤدى إلى تقليل غلة المحاصيل بينما تكاليف الزراعة سترتفع. وذكر «ستانلى» أن السياسات الحمائية تمثل كذلك مصدر قلق كبيراً، فقد قامت كثير من البلدان بوقف شحنات الحبوب وزيوت الطهو، ربما خوفاً من إثارة قلاقل اجتماعية. وحتى الآن، عاد عشرون بلداً تقريباً إلى فرض قيود على التصدير، حسب ما ذكره المعهد الدولى لبحوث السياسات الغذائية. وتسهم هذه الظروف مجتمعة فى تفاقم آفاق الجوع العالمى. وارتفعت مستويات الجوع الحاد – أى عدد الأشخاص غير القادرين على تلبية احتياجاتهم من استهلاك الغذاء على المدى القصير– بنحو 40 مليون نسمة العام الماضى. وكان الصراع هو المحرك الرئيسى لذلك، حيث واجه 139 مليون شخص مشكلات ترقى إلى مستوى أزمة فى الغذاء أو أسوأ عبر 24 بلداً فى 2021. والآن تؤثر حرب روسيا فى سلة غذاء أوروبا لتفاقم من مخاطر الجوع والمجاعات التى تهدد ملايين آخرين.