تلوح في الأفق أزمة مجاعة عالميّة وليست الحرب الأوكرانية السبب الوحيد، توقعت مجلة فوربس الأمريكية أن يتعرض ملايين من البشر، من أوروبا إلى آسيا، ومن إفريقيا إلى الشرق الأوسط، للمجاعة هذا العام بسبب مجموعة من العوامل تفاقمت إلى حد كبير لا سيما بعد الحرب التي شنتها روسيا على أوكرنيا. ويهدد الطقس القاسي وتغير المناخ مثل الجفاف المستمر في أمريكا الشمالية، في زيادة مخاطر الجوع في عام 2022، حيث يعوق المزارعون الأمريكيون طقس أكثر جفافًا لاول مرة منذ 1200 سنة، أن يعوضوا النقص. وارتفاع تكلفة الأسمدة يشكل عبئًا على الزراعة العالمية، حيث ارتفعت أسعار الأسمدة النيتروجينية 4 أضعاف، بينما ارتفعت أسعار الفوسفات والبوتاس أكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 2020، وتحاول كندا المساعدة في تعويض ما يمكن أن يكون نقصًا عالميًا كبيرًا بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، التي تعتبر مُصدّرًا كبيرًا لهذه المادة. كما ارتفعت تكاليف الوقود، وأسعار الأسمدة، والحاجة إلى إطعام عدد متزايد من اللاجئين النازحين بسبب الحرب ، ما جعل المحللون يخشون من شبح المجاعة العالمي، مطالبين في البحث عن البدائل الغذائية للقمح. ولتجاوز أزمة الاسمدة، أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية أنها ستنشئ صندوقًا بقيمة 250 مليون دولار للاستثمار في الأسمدة البديلة والمصنوعة في الولاياتالمتحدة، وتستثمر حكومة البرازيل، التي استوردت الكثير من الأسمدة من روسيا، أيضًا في البدائل، وأشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى دعمه للمزيد من الاستثمار في البنية الأساسية الغذائية. وقال برنامج الأغذية العالمي، وهو فرع الأممالمتحدة للمساعدة الغذائية، أن تكاليف برنامجه ترتفع بمقدار 71 مليون دولار شهريًا بسبب الصراع وحده. لافته إنها اضطرت بالفعل إلى خفض حصص الإعاشة في اليمن المنكوبة بالجوع، وأوضحت المنظمة إن أكثر من 16 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي أو من الظروف شبيهة بالمجاعة. قبل الحرب في أوكرانيا، كان هناك 26 مليون لاجئ، وهو أعلى مستوى في التاريخ، يعتمدون على شبكة من المساعدات والمنظمات الحكومية للحصول على الغذاء، وقد أدى الهجوم الروسي على أوكرانيا إلى تشريد أو جعل 10 ملايين آخرين لاجئين. وبالنسبة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا قالت المجلة إنهما معرضان بوجه خاص لارتفاع أسعار الأغذية، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي فإن لبنان يستورد حوالي نصف قمحه من أوكرانيا، وتبلغ هذه النسبة 42% لتونس، و22% لليمن وأسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم بلغت بالفعل أعلى مستوى لها على الإطلاق، وأن الذين يحتاجون إلى إيجاد بديل للقمح الأوكراني سيدفعون المزيد. وقال وزير الزراعة الأوكراني إن محصولها الربيعي قد لا يتجاوز نصف ما كانت تتوقعه البلاد قبل الحرب. وأوقفت أوكرانيا تصدير اللحوم، والماشية، والملح، والسكر، والحنطة السوداء، والشوفان، وغيرها من الحبوب، مضيفةً أن الإمدادات الغذائية العالمية الحالية ليست سيئة كما كانت في عام 2010، حيث كان إجمالي الإمدادات الغذائية أقل، ولكن إمدادات الحبوب العالمية تمر الآن بحالة حرجة. ويقول أنصار الزراعة الصناعية إن الأسمدة الكيميائية ضرورية لجني غلة كبيرة وإطعام عدد متزايد من سكان العالم. ومع ذلك، فإن الإفراط في استخدام الأسمدة هو سبب رئيسي لتلوث مجاري المياه، والمناطق الميتة مثل المنطقة الضخمة في خليج المكسيك، بالإضافة إلى تدهور التربة وتآكلها. وهذه كلها عوامل ستشكل تحديًا للحصول على الغذاء في المستقبل، ويقول دعاة الزراعة المستدامة إن الوقت قد حان الآن للانتقال إلى نظم أكثر مرونة. فيما شهدت أسعار النفط ارتفاعا فى الأسواق العالمية، وسط أنباء عن انخفاض مخزونات الخام الأمريكية مما زاد المخاوف بشأن شح الإمدادات العالمية نتيجة تضرر الصادرات الروسية من العقوبات الاقتصادية، بحسب وكالة رويترز. ومازال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي منقسمون بشأن ما إذا كانوا سينضمون إلى الولاياتالمتحدة في حظر النفط الروسي، حيث تقول بعض الدول بما في ذلك ألمانيا، إن الكتلة تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري الروسي لتحمل مثل هذه الخطوة. قال جون كيلدوف، الشريك في شركة Again LLC في نيويورك: "من الواضح تمامًا أن الاقتصاد الألماني سيتوقف، لذا يتراجع الاتحاد الأوروبي عن الحظر الروسي". وأوضح خبراء الاقتصاد أن الفترة القادمة ستشهد أرتفاع أسعار المواد الغذائية والأعلاف بنسبة تصل إلى 20% في جميع أنحاء العالم، وفقا لوكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة، ويخشى المحللون من أن السعر العالمي للقمح يمكن أن يتضاعف. منذ بداية الغزو، ارتفعت أسعار القمح بأكثر من 50 %، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 13.40 دولار للبوشل (وحدة قياس للحبوب)، وفقاً لمجلس شيكاغو للتجارة. كما قفز سعر الذرة المتداولة في شيكاغو بنسبة 10 في المائة.