مشكلة تصنعها الدولة ببعض سياساتها التعليمية وتترك ضحاياها تحت رحمة مواقف بعض النقابات منهم، باعتبار أن النقابات «سيدة جداولها»، وأنها صاحبة التقدير للشروط التى ينبغى توافرها فيمن يتقدمون للعضوية، فنحن نرى الدولة من جانب تتوسع فى إنشاء واستحداث معاهد عليا وكليات جديدة وإلحاقها بالجامعات المختلفة، ربما لرغبتها فى الاستجابة لقطاعات الطلاب على الثانوية العامة وما يعادلها، أو لمساعى العاملين الحاملين لشهادات متوسطة ليتمكنوا من دراسة عليا تتيح لهم تحسين أحوالهم، وفى حين تعترف الدولة بشهادات إنهاء هذه الدراسة العليا فى المستحدث من المعاهد والكليات، فإننا نجد أن هؤلاء الخريجين يجدون أنفسهم أمام مشاكل فى الانضمام إلى النقابات المختلفة، أولا تعترف بهم جهات الأعمال المختلفة كحاصلين على هذه الشهادات العليا!، أو تتملص الجهات من توفيق أوضاع هذا النوع من العاملين الذين حصلوا على شهادات عليا أثناء عملهم!، وعندما طبقت الجامعات سياسة «التعليم المفتوح» فى الجامعات بكلياتها النظرية، وجعلت هذه الدراسة بالتعليم المفتوح ذات مصروفات أعلى من رسوم الدراسة فى الكليات ذاتها والتى تطبق سياسة التعليم المفتوح، وقد اعتبرت الجامعات أن واجبها ازاء طلاب التعليم المفتوح ينتهى بعد الوصول بهم إلى الشهادة العليا والتخرج، دون أن تلتفت الجامعات إلى احتياجات سوق العمل لمزيد من خريجى بعض الكليات والذين يعانى معظمهم من البطالة!، ووجدت بعض الجامعات فى اقرار سياسة التعليم المفتوح بها موردا ماليا لمكافآت أعضاء هيئة التدريس الذين يحاضرون طلبة التعليم المفتوح بعد الانتهاء من الوفاء بجداولهم الأصلية في الكليات!، كما أن الذين يطالبون التعليم المفتوح وجدوه مناسباً لهم فى مواعيد محاضراته التى تقدم فى الجامعات بعد الظهر، وانتهاء مدرجات الكليات من محاضرات طلابها الأصليين، ولم يقتصر الأمر على اعتماد الجامعات لسياسة التعليم المفتوح، بل انشأت الدولة كليات نوعية جديدة مثل كليات «التربية النوعية» ورياض الأطفال، وكان أمر إنشاء هذه الكليات المستحدثة فى بدايته مجرد ارضاء لبعض الكوادر الجامعية التى عزت الاستجابة لمطالبها بتولى المناصب العليا المختلفة لإدارة كليات جامعية كحل لأزمة هؤلاء!، وكان مضحكاً أن تظل هذه الكليات المستحدثة تابعة لوزير التعليم مباشرة!، هكذا لسنوات طالت حتى بادر د. مفيد شهاب وزير التعليم العالى الأسبق إلى التخلص من الكليات التى تتبعه وإلحاقها بالجامعات المختلفة!. وأخلص من هذا الاستعراض للمشكلة التى خلفتها الدولة بالتوسع غير المدروس إلى إقرار حقيقة تشير إلى ارتفاع معدلات البطالة بين خريجى الكليات النظرية وخاصة الآداب والتجارة والحقوق!، وبالنسبة لكليات الحقوق تحديدا فإننا نجد الذين يتخرجون في كليات الحقوق بنظام التعليم المفتوح قد أصبحوا أمام معضلة حقيقية تقف عقبة فى طريق اشتغالهم بمهنة المحاماة الحرة بعيدا عن الوظائف!، وهذه العقبة تتمثل فى رفض نقابة المحامين إدراج هؤلاء الخريجين فى جداولها كالمتبع مع خريجى كليات الحقوق!، وقد قرأت أمس أن عددا من خريجى التعليم المفتوح بكليات الحقوق قد نظموا وقفة احتجاجية رمزية صباح أمس أمام مقر النقابة العامة للمحامين!، ومكان الاحتجاج على ما وصفه المحتجون «بتعنت مجلس النقابة ضدهم، ورغم صدور أحكام قضائية تقضى بأحقيتهم فى القيد بالنقابة»!، وأفادت مصادر المحتجين بأنهم يعدون لبدء حشد لمظاهرة واعتصام مفتوح خلال الأيام المقبلة، وأنهم سوف ينصبون الخيام بشارع رمسيس أمام مقر نقابة المحامين حتى يستجيب مجلس النقابة لمطالبهم، وهكذا تبنت الدولة سياسة انتهت إلى مشكلة لا تستطيع الدولة الدفاع عن ضحاياها فى مواجهة نقابة المحامين!