أعلن هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، عن قرار تصفية شركة النصر للكوك وبشكل نهائى. وجاء الإعلان بمثابة صدمة للعاملين خاصة أن بداية إرهاصات تصفية الشركة كانت قبل نحو ستة أشهر وقتها كانت الأسباب المعلنة التى استند إليها الوزير هى إن التصفية نتيجة استمرار خسائر الشركة، وأنه لا أمل لها. وتسبب هذا الطرح فى حالة من الرفض انتابت المهتمين بالشركة لدرجة تقديم طلب إحاطة فى مجلس النواب ضد قرار التصفية. ثم جاءت نتائج أعمال الشركة للعام الأخير مبشرة بانخفاض واضح فى الخسائر بنحو 208ملايين جنيه بما أعطى الأمل فى إمكانية العدول عن القرار إلا أن توجه الوزارة كان واضحاً فى إن التصفية لا محال سوف تتم رغم أى نتائج. وكانت البداية التى أوضحت نية التخلص من الشركة فى أول 2022 وبعد عام تقريباً من قرار تصفية الحديد والصلب، حيث أشار وزير قطاع الأعمال العام إلى أنه ستتم تصفية شركة الكوك وأرجع القرار إلى استمرار نزيف الخسائر وعدم جدوى خطط التطوير، مؤكداً أن الشركة كانت تمد أفران الحديد والصلب بالفحم اللازم، إذ ينصب عمل «النصر» على تحويل الفحم الحجرى إلى الكوك ليكون أحد المدخلات الأساسية لصناعة الحديد. وقال إنه بعد تصفية «الحديد والصلب» أصبح استمرار عمل «النصر» غير مجدٍ، مشيراً إلى أن الحل الوحيد للإبقاء على الشركة هو أن تستورد الفحم الخام من الخارج وتحديداً من كندا قبل أن تحوله إلى الفحم «الكوك» ثم تعيد تصديره إلى الخارج، لافتاً إلى أن تلك الآلية فى العمل، علاوة على أنها غير منطقية، لها تكاليف باهظة لن تغطيها الأرباح. عمال الشركة يؤكدون أن الشركة تعمل وتنتج وأن آخر نتائج أعمال مفصلة للفترة الأخيرة تؤكد أن الشركة فى طريقها إلى النجاة، حيث ارتفع صافى المبيعات للإنتاج التام إلى 594 مليون جنيه فى30 أبربل 2022، وارتفعت إيرادات النشاط الجارى فى مصنع الكوك والنترات والقطران والكيماويات والوحدة متعددة الأغراض، وبلغت نحو 150 مليون جنيه. كما تشير البيانات التى حصلت عليها «الوفد» إلى أنه تم خلال شهر مايو 2022 بيع 125 طن كوك مقاسات إلى القطاع الخاص، و1463 طن كوك لشركة سيناء المنجنيز ورغم التحسن واستعادة الشركة نشاطها ما زال شبح التصفية يواجهها. وللحق فإن تصفية الحديد والصلب كانت له أثر سيئ على النصر للكوك إذ إن الحديد والصلب كانت المستهلك رقم واحد لفم الكوك، وكانت الزبون الأهم لدى النصر للكوك حيث كانت الكوك تعتمد بشكل كبير على بيع منتجاتها إلى «الحديد والصلب» التى تجاورها فى المكان وتمثل منتجاتها حلقة أساسية فى إنتاج الحديد، حيث كانت الحديد والصلب تعتمد بشكل أساسى على منتجات الشركة من فحم «الكوك» فى تشغيل وتدوير أفرانها. ويذكر أن شركة النصر للكوك أنشئت عام 1960 وبدأت إنتاجها عام 1964 ببطارية واحدة ب50 فرناً، بطاقة إنتاجية سنوية 328 ألف طن كوك تعدينى، وتم إنشاء البطارية الثانية وبدأ الإنتاج عام 1974 بعدد 50 فرناً بطاقة إنتاجية سنوية 328 ألف طن، وتم إنشاء البطارية الثالثة عام 1979 بعدد 65 فرناً بطاقة إنتاجية سنوية 560 ألف طن كوك وتم إنشاء البطارية الرابعة عام 1993 ب65 فرناً بطاقة إنتاجية 560 ألف طن سنوياً، لتكون الطاقة الإنتاجية للبطاريات الأربعة 1,6مليون طن سنوياً. وتمت إعادة بناء البطارية الأولى عام 2000 والثانية عام 2006. وخلال تلك السنوات كانت الشركة تعمل وتنتج وتحقق أرباحاً لدرجة أنها كانت فى الفترة من 2005 إلى 2011 من أكبر الشركات الرابحة التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية. وتبعاً لخطط تطوير قطاع الأعمال العام ونظراً لتهالك بعص بطاريات الشركة وحاجتها إلى تطوير فقد قامت الشركة بطرح مناقصة عامة فى 2016، وتمت الترسية على كونسورتيوم بقيادة شركة فاش ماش الأوكرانية، وتم توقيع العقد فى أكتوبر 2018 وقد انتهت الشركة بالفعل من التصاميم الهندسية وفحص كل المشكلات المرتبطة بالأساسات ولتنفيذ المشروع قامت الشركة القابضة بالبدء فى تمويل المشروع ذاتياً انتظاراً لقرض مصرفى، غير أن المشروع تعثر ولم يكتمل دون أن يوضح أحد الأسباب. فى هذا الوقت بدأت مرحلة الخسارة فى الشركة مع الأسف حيث تشير البيانات الرسمية ونتائج أعمال الشركة إلى الوضع الصعب الذى تمر به، إذ إن نتائج أعمالها عن العام المالى 2019-2020 كشفت عن تحقيقها خسائر بلغت 238 مليون جنيه مقابل أرباح بلغت 120 مليون جنيه فى نهاية العام المالى 2018-2019. ووفقاً لبيانات الشركة الرسمية، تراجعت المبيعات بنسبة 50 فى المائة، إذ تراجعت من 1,7 مليون جنيه فى العام المالى 2018-2019 إلى نحو 873 مليون جنيه فى عام 2019-2020، بعدما كانت تستهدف فى ذلك العام مبيعات قدرتها ب2,9 مليار جنيه وحدث هذا متزامناً مع توقف شركة الحديد والصلب المستهلك الرئيسى لمنتجات الكوك. ولكن طاقة الأمل تكمن فى آخر نتائج أعمال حيث تم خفض خسائر الشركة بما قيمته 208 ملايين جنيه فى العام المالى 2020-2021. الأمر الذى يثير التساؤل عن قرار وزارة قطاع الأعمال العام بالتصفية خاصة أن هناك تصريحات سابقة للوزير يؤكد فيها أن أى شركة تنجح فى خفض خسائرها سيتم دعمها حتى تتحول إلى الربح. وبعد قرار التصفية الأول فى بداية العام تم تقديم طلب إحاطة فى مجلس النواب عن هذا القرار وتمت مناقشته فى فبراير الماضى، حيث طالبت لجنة الصناعة بمجلس النواب بموافاتها بميزانية شركة النصر لصناعة الكوك خلال آخر 6 سنوات، فضلاً عن كمية فحم الكوك التى تنتجها مصر. وكانت الشركة قد اتفقت مع شركة أوكرانية على تطوير بطاريات الشركة منذ عام 2016، وكان بقيمة 150 مليون دولار، وخصصت البنوك 38 مليون دولار منها ولم يتم المشروع. ورغم أن تصريحات المسئولين أشارت إلى أن شركة النصر لصناعة الكوك، تعمل ب50٪ فقط من طاقة البطاريات، حيث تم هدم البطارية الثالثة بعد تهالكها، وتوقف البطارية الثانية، وتبقى البطارية الأولى التى تعمل بطاقة 60٪ والبطارية الرابعة وتعمل بطاقة 40٪، ويبلغ إجمالى الإنتاج 400 ألف طن. حديث المسئولين عن الشركة يختلف عن حديث العاملين فى الشركة الذى يؤكد أغلبهم أن فرصة الكوك فى البقاء كبيرة وأن الدولة إذا أرادت أن تحافظ على هذه الصناعة لا يجب التنازل عن شركة الكوك بسهولة. العمال يؤكدون أن السوق الإقليمى والمحلى للكوك ما زال متاحاً أمام شركة النصر لصناعة الكوك وهناك العديد من طلبات الشراء لكميات كبيرة من فحم الكوك تصل فى مجموعها إلى ما يقارب من مليون ونصف المليون طن سنوياً لمصانع الحديد والصلب بكل من الجزائر وإنجلترا وألمانيا والهند، فضلاً عن وجود فرص بكل من إيطاليا واحتياجات السوق المحلى التى تصل إلى ما يزيد على 300 ألف طن سنوياً، وكل هذه الفرص والحصص السوقية تجعل من ربحية مشروع تطوير مصانع الشركة ورفع طاقتها الإنتاجية إلى مستوى 2 مليون طن سنوياً أمر مؤكد. كما أن الشركة لها منتجات أخرى بعد تكويك الفحم الخام الذى تم استيراده من الخارج تخدم صناعات الكيماويات فى مقدمتها مادة قار الأقطاب السائل وقار الأقطاب الصلب وهى مادة يتم استخراجها من القطران يتم تصديره للهند والمطلوب بشدة لشركة مجمع الألومنيوم بنجع حمادى، وكانت تحاول الاستحواذ على كل إنتاج الشركة من قار الأقطاب الصلب، بالإضافة إلى عدد آخر من المنتجات التى تدخل فى القطاعات الكيماوية هذا بالإضافة إلى سماد أزوتى بنسبة 26% المطلوب لشركات السكر.