الشيخ عبد الباسط عبد الصمد, هو من الشخصيات الإسلامية المشهورة عربيا, وعالميا وقد عرف الشيخ بقوة صوته وطلاوته فى الأداء الصوتى للآيات القرآنية, وطول نفسه فى القراءة, ودعوته للإسلام عن طريق قراءة القرآن بشكل يجعل من يسمعه أو يقف أمامه وهو يقرأ يبكى بكاء شديدا, فقد عمل من خلال تنقله وسفره إلى عدة دول على نشر سماحة الإسلام والوجه السمح له. فهو"قيثارة السماء, وهو أنشودة السلام, وهو صوت الكروان". فالشيخ عبد الباسط هو من مواليد عام (1927), قرية أرمنت محافظة قناجنوب مصر, فقد نشأ فى أسرة متدينة, وفى أسرة تهتم بالقرآن الكريم حفظا وتجويدا. فجده كان من الحفظة المشهود لهم بالإجادة والمهارة فى الحفظ, وكذلك والده وشقيقاه الاثنان فقد حفظا القرآن الكريم فى كتّاب القرية فتعلما التجويد والترتيل . والشيخ وهو فى العاشرة من عمره قد أتم حفظ القرآن _وكما يقول أصبح يتدفق على لسانى كالنهر الجارى_وقد رأى فيه شيخه الذى يحفظه القرآن نبوغه وقدرة استيعابه السريع للأمور, وبعدها ذهب الشيخ عبد الباسط إلى طنطا حتى يتلقى علوم القرآن كاملة بعد ان أتم حفظه له, وبعدها حفظ الشاطبية وهى المتن الخاص بالقراءات السبع. زيارته للسيدة زينب"رضوان الله عليها": وقد ذهب الشيخ عبد الباسط لزيارة السيدة زينب, وكان وقتها مناسبة إحياء ذكراها, وهذه الذكرى كان يحياها عمالقة القراء أمثال" الشعشاعى- والشيخ مصطفى إسماعيل- والشيخ عبد العظيم زاهر – والشيخ شعيشع" وغيرهم الكثير من عمالقة قراء القرآن الكريم. ووقتها استأذن أحد أقارب الشيخ فى أن يتلو الشيخ بضع دقائق احتفالا بهذه المناسبة الجليلة, فأذن له وتجرأ هذا الفتى الصغير وجلس مكان الكبار, وأخذ يتلو آيات من الذكر الحكيم وعندما بدأ يشرع فى القراءة لفت أنظار الناس إليه, وكان جمع غفير يحضر فى المسجد وقتها, وما هى إلا دقائق وانطلق صوت الناس بالصياح وبدأوا يقولون" الله أكبر" " الله يفتح عليك يا شيخ". وبدلا من القراءة بضع دقائق امتدت القراءة لأكثر من ساعة تقريبا, وهو جالس يستمع إليه الناس فى خشوع وفرحة بهذا الصبى الموهوب. وفى عام (1951)دخل الشيخ الإذاعة " إذعة القرآن الكريم" عن طريق أحد المشايخ ويدعو الشيخ الضباع, واشتهر الشيخ عبد الباسط عنها ليصبح من ألمع الشيوخ فى سماء التلاوة. وبعد أن دخل الشيخ للإذاعة بدأت تنهال عليه الدعوات لزيارة البلاد العربية وغيرها وتلاوة القرآن الكريم بصوته القوى, وإحياء الليالى الدينية والكثير من المناسبات المختلفة, وكان ذلك لأن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد كان يلقى جوا من البهجة والفرحة فى المكان الذى كان يحل به أو عليه. وقد ظهر هذا الاحتفاء الجليل فى إحدى زيارته عندما استقبله الرئيس الباكستانى فى أرض المطار, وكذلك فى زيارته لجاكارتا بإندونسيا فقد كان حشد كبير من الناس هناك عندما علموا أن الشيخ عبد الباسط على وشك الحضور للمدينة, وقد امتلأ المسجد والساحة الخارجية وكذلك الميدان المقابل للمسجد اشتياقا لسماع صوت الشيخ الجليل. يذكر أن أول زيارة قام بها الشيخ عبد الباسط, كانت السعودية بعد أن التحق بالإذاعة وكانت لأداء فريضة الحج وكان معه وقتها والده. وقد طلب منه القائمون على الأمر هناك أن يسجل لهم عدة تسجيلات صوتية لقراءة القرآن الكريم, حتى تذاع على إذاعة القرآن الكريم, وفعلها الشيخ ولم يتردد وكان من أشهر التسجيلات التى قام بتسجيلها هى فى الحرم المكى والمسجد النبوى الشريف. ولم تقتصر زيارات الشيخ عبد الباسط للدول العربية فقط, فقد جاب العالم غربا وشرقا جنوبا وشمالا, وزار دولا أوروبية عدة, وكان من أشهر المساجد التى زارها الشيخ وقرأ فيها هى "المسجد الحرام بمكة, المسجد النبوى, المسجد الأقصى بالقدس, والمسجد الإبراهيمى بفلسطين, والمسجد الأموى بدمشق, وأشهر المساجد بآسيا وفرنسا ولندن والهند ومعظم دول العالم". تكريم الشيخ: الشيخ عبد الباسط هو الشيخ الوحيد أو القارئ الوحيد الذى نال حظا من التكريم, لم يحصل عليه أحد بهذا القدر من الشهرة, التى تربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقترب حوالى من النصف قرن, وخلال هذه الفترة نال الشيخ قدرا من الحب فى قلوب الناس جعله كالأسطورة التى لا ينمحى ذكرها بمرور السنين ولا تتأثر بالعوامل الخارجية. فقد كرمته سوريا عام (1956) بمنحه وسام الاستحقاق. وكذلك لبنان فقد منحته وسام الأرز. ومن ماليزيا فقد حصل على الوسام الذهبى. وآخر الوسمة التى حصل عليها كانت عام (1990) من القاهرة. وكان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد يعانى من مرض السكر, وكان يحاول مقاومته بشتى الطرق, ولكنه لم يستطع مقاومته فأصيب بالالتهاب الكبدى قبل رحيله, ودخل المستشفى ولكن تدهورت صحته, وعندما أحس أنه قارب على الرحيل ومقابلة الله, فقال ما الحياة إلا ساعة ثم تنقضى, فالقرآن أعظم كرامة أكرم الله بها عبده وأجل عطية أعطاها إياه, فهو الذى استمال القلوب حبا, وسحبهم إلى الشجن فحنت إلى الخير والإيمان. رحيله: وكان يوم رحيل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد, بمثابة صاعقة وقعت على قلوب المسلمين فى شتى بقاع الأرض, وفى أرجاء العالم وقد شيعه عشرات الآلاف من المحبين لصوته, وأدائه الشخصى على اختلاف أجناسهم ولغاتهم. وكانت جنازته جنازة وطنية على المستويين المحلى والعالمى, فقد حضر تشييع الجنازة السفراء والأمراء من شتى الدول العربية والأجنبية, نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم وتقديرا لدوره فى مجال الدعوة الإسلامية, حيث إنه كان سببا فى توطيد العلاقات بين كثير من شعوب دول العالم, وقد وافته المنية عام(30-11-1988). قالوا عنه: **قال عنه الإمام الراحل سيد طنطاوى:" لقد سمعته وهو يتلو القرآن بطريقة مؤثرة, فى النفوس وكنت أنا وزملائى نجلس كل يوم سبت, لنستمع إليه". **وقال عنه راغب مصطفى غلوش:" المرحوم الشيخ عبد الباسط, كان صاحب إمكانات متعددة". ** وقال عنه الإمام الشعراوى:"قمة الصوت الجميل عبد الباسط". **وقال عنه الشيخ الطبلاوى:"لقد حصل الشيخ عبد الباسط على المركز الأول كقارئ إذاعى, من الرعيل الأول ".