تحت عنوان "المسيحيون في مصر عرضة لمزيد من التقلب" ، نشرت مجلة "جلوبال بوست" الأمريكية تقريرا عن أوضاع المسيحيين فى مصر. وقالت المجلة أن أوضاع المسيحيين فى مصر تقلبت وتغيرت من العنف الطائفي إلى التهميش السياسي، حيث يجري دفع الأقباط المسيحيين جانبا في مصر ذات الأغلبية المسلمة. وبدأت المجلة تقريرها بسرد قصة من مدينة "ملوى" فى صعيد مصر ، حيث قالت " لقد مضى ما يقرب من عامين على مقتل ابن "ايفون لوقا جبرييل" البالغ من العمر 17 عاما ، لكنها لا يمكن أن تخطو إلى غرفة نومه دون أن تنهار وتغرق فى البكاء". وتضيف "ايفون" :" لقد قتلوه، ولم يتغير شيئا".... فقد تعرض "أيمن لبيب" ابنها، وهو مسيحي، للضرب حتى الموت من قبل زملاء مسلمين في أحد قضايا القتل المعروفة نتيجة التوتر الطائفي الممتد بين المسيحيين والمسلمين في جنوب مصر، حيث يعيش الجزء الأكبر من المسيحيين. وقد أدين اثنين من الصبية فى القضية ويقضون حاليا عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات. ولكن بالنسبة لمجتمع منسى فى المناطق النائية في مصر، هناك شعور بأن العدالة غير موجودة. ومنذ الثورة التي أطاحت بالرئيس المصري "حسني مبارك"، هناك مظاهرات طائفية متقطعة ولكنها مكثفة في جميع أنحاء مصر تعكس تزايد المخاوف في المجتمع المصري القبطي (الذي تشكل ما يقدر ب 5 إلى 10٪ من إجمالي سكان مصر) ، بأن الثورة مكنت المجتمع المسلم ذا الغالبية فى مصر الذى هو في أحسن الأحوال غير مبال بمخاوف الأقلية المسيحية. مخاوف الأقباط وفى ظل وجود رئيس ينحدر من جماعة الإخوان المسلمين ، ووضع دستور جديد يقول منتقدون أنه يقدم للأقليات الدينية، وخاصة الأقباط، القليل من دون ضمانات، سادت حالة من الخوف فى القرى المسيحية ، كما هو الحال بالنسبة لعائلة " لبيب" فى ملوى . التمثيل فى الجيش والقضاء وشكا المسيحيون في مصر، وخاصة في المناطق الريفية في الجنوب، كثيرا من التمييز المنهجي والعنف. ومن بين قائمة من المظالم ، يقول منتقدون أن وضع الأقباط يرثى له ، فهم ليس لهم تمثيل لائقا في الجيش المصري والقضاء والسلك الدبلوماسي والأوساط الأكاديمية وتقريبا فى جميع الهيئات المنتخبة. ويواجه المسيحيون فرض قيود حكومية على الحق في بناء وصيانة الكنائس وهى الأنظمة والقيود التى لا يواجهها المسلمون عند بناء المساجد. وفي بعض القضايا المتطرفة التى تم نشرها، زعم المسيحيون أن الأصوليين يتهمون الاقباط خطأ بمنع المسيحيات من اعتناق الإسلام أو خطف نساء مسلمات. وتصاعدت الصراعات بعنف في بعض أعمال الشغب وتم حرق كنائس، كما حدث فى إحدى الكنائس فى أسوان قبل عام ونصف ، وأثار هذا الحادث احتجاجات في القاهرة أمام "ماسبيرو"، مما جعل قوات الجيش تتعامل بوحشية مع المتظاهرين، وخلفت المواجهات 27 قتيلا، منهم 26 من المسيحيين. أحداث ماسبيرو وكان البعض يأمل أن تكون أحداث "ماسبيرو" نقطة تحول للبلاد، ولكن بدلا من ذلك أصبحت حلقة من حلقات ثورة ، كان يفترض أن تجعل مصر أكثر انصافا مما كانت عليه تحت ثلاثة عقود من حكم "مبارك" القمعي. فقد تراجعت المساءلة والمحاسبة وضاعت الحقوق والحقائق. ونقلت الصحيفة عن " عاطف نادى" وهو كاتب وناشط من "ملوى" قوله " أن مصر أصبحت جحيم سواء للمسيحيين أو المسلمين ، ولكن بالنسبة للمسلمين المسألة مختلفة" . وأضاف "عاطف" أنه ألقي به في السجن لمدة أسبوع لمجرد أنه لفت الإنتباه إلى إهمال الحكومة المحلية في التعامل مع حادث القتل الذى تعرض له " أيمن لبيب" ، مشيرا إلى أنه فى بداية الأمر، قيل أن "أيمن" مات نتيجة أزمة قلبية ، وليس نتيجة الضرب . ويلوم "عاطف" على الحكومة الأمريكية لعدم بذل جهود كافية لحماية المسيحيين في مصر، على الرغم من انه يسعى فى محاولة يائسة لطلب اللجوء السياسي للولايات المتحدة ، وبينما ينتظر الموافقة على اللجوء، يقول "عاطف " أنه يحاول تحفيز القاعدة السلبية للاحتجاج على حكم الإخوان المسلمين في البلاد، الذي يقول منتقدوه أنه يمشى قدما من خلال دستور جديد متنازع عليه ، وهناك قلق بالغ من أن يسمح لتفسير أكثر صرامة للشريعة الإسلامية، وترك ضمانات قليلة للأقباط. مواطنة من الدرجة الثانية ويقول "مايكل حنا"، وهو زميل بارز في معهد البحوث بمؤسسة "القرن" في نيويورك :" الدستور يختلف جذريا، فإنه يكرس أساسا لمواطنة من الدرجة الثانية للأقباط من خلال وضع الشؤون الدستورية العليا للدولة خارج اختصاصهم "،. واضاف: "عندما يحين وقت الحسم، فإن المسيحيين لن يكون لهم رأي في كثير من الأمور." الإعلام يشعل الفتنة من جانب آخر يرى مسئولو جماعة الإخوان المسلمين أن مخاوف الأقباط ليس فى محلها ، حيث يقول " عبد الموجود درديرى" المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين : " نحن حقا لم يكن لدينا مثل هذه القضايا في مصر"، حيث إن بعض التوتر أو الصراع مبالغ فيه من قبل وسائل الإعلام لتقسيم مصر، وتدمير الثورة ... هذه هي التكتيكات القديمة المستخدمة من قبل النظام السابق". لا فرق بين مسلم ومسيحى ونقلت المجلة عن "وائل بكر" أحد أعضاء "الجماعة الإسلامية" فى "اسيوط" معقل الجماعة قوله :"الجميع يعيش هنا جنبا إلى جنب"، وتعتبر أسيوط أيضا موطنا لواحدة من أكبر التجمعات المسيحية فى مصر. ويضيف "وائل" : "لدي الجيران والأصدقاء المسيحيين. نعم، نود ان يكون الجميع مسلمون، ولكننا نقبل من هو غير ذلك ". وقالت المجلة إنه من سمات مرحلة المراهقة السياسية في مصر، ناضل الأقباط بشكل فعال في توحيد وحشد جهودهم حول احتياجاتهم، ودعا البعض إلى تشكيل ما يسمى ب "الإخوان المسيحيين"، إلا أن معظم المحللين يتفقون على أن العمل تحت مظلة قبطية موحدة ذات طابع دينى سيكون انتحارا سياسيا. وأشارت المجلة إلى أن بعض الأقباط يرددون حاليا ،" أنه فى عهد " مبارك" كانت هناك حماية للمسيحيين ، حتى ولو وهمية ، ولكن هذا لايعنى رغبة المسيحيين فى عودة نظام "مبارك"