كشفت دراسة للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية وجود تباطؤ فى نمو الوظائف على مستوى الجمهورية. بالإضافة إلى مركزية شديدة فى توزيع الوظائف فى مصر، حيث يستحوذ إقليم العاصمة منفرداً على أكثر من ثلثى الوظائف المتاحة على مستوى الجمهورية فى الربع الثالث، كما تركز 90% من الوظائف فى 6 محافظات فقط: القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، القليوبية، الشرقية، الغربية. كما تراجع معدل نمو الوظائف فى العاصمة بينما ارتفع فى الإسكندرية والحدود وتراجع فى الدلتا والقنال والصعيد. وأظهر التحليل أن ما تم فقده من وظائف فى المنوفية فقط فى الربع الثالث من العام الحالى، تجاوز ما تم إنتاجه فى القاهرةوالجيزة، وكانت القاهرةوالجيزةوالقليوبية هى المحافظات الوحيدة التى شهدت ارتفاعاً مستمراً فى إنتاج الوظائف خلال الربعين الثانى والثالث، بينما شهدت محافظتا الفيوم والاسماعيلية تراجعاً مستمراً فى إنتاج الوظائف خلال الربعين الثانى والثالث، وشهدت باقى المحافظات تذبذباً فى إنتاج الوظائف (ارتفاع فى الربع الثانى وتراجع فى الربع الثالث) مثل المنوفية، الدقهلية، أسيوط. وجاء أكثر قطاعات الوظائف متمثلاً فى التسويق والمبيعات، والحرف «مثل فنيى التبريد والتكييف»، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الترتيب، فى حين تصدر قطاع الصناعة يليه قطاع القيادة والتوصيل، القطاعات الأكثر تراجعاً فى إنتاج الوظائف فى الربع الثالث. كما لفت التحليل إلى أن 40% من وظائف الياقات الزرقاء العمل الفنى تشترط تعليماً عالياً، وهو ما يمثل هدراً للموارد البشرية وتوظيفها فى غير موضعها، بالإضافة إلى وجود ارتفاع مستمر فى نسبة العمالة غير الرسمية بين ذوى الياقات الزرقاء. وفيما يتعلق بوظائف ذوى الياقات البيضاء، أظهر التحليل ارتفاع إجمالى الوظائف المتاحة بنسبة 38% فى الربع الثانى و15% فى الربع الثالث، وهناك مركزية أشد فى توزيع الوظائف، حيث يستحوذ إقليم العاصمة (القاهرةوالجيزة) منفرداً ب87% من إجمالى الوظائف المتاحة على مستوى الجمهورية، مقارنة ب70% فى حالة الياقات الزرقاء، وارتفعت الوظائف المتاحة فى جميع الأقاليم بشكل مستمر وتذبذبها فى الصعيد وكذلك المحافظات الحدودية. وجاء أكثر القطاعات نمواً فى إنتاج الوظائف فى الربع الثالث لذوى الياقات البيضاء، ممثلة فى خدمة العملاء، وتكنولوجيا المعلومات وتطوير البرمجيات، والمبيعات والتجزئة، والتسويق والدعاية والإعلان والعلاقات العامة، على الترتيب، حيث حافظت هذه القطاعات على الصدارة فى إنتاج الوظائف «من حيث الحجم» خلال الربع الأول والثانى والثالث، كما شهدت استقراراً أكبر فى إنتاج الوظائف المختلفة مقارنة بالياقات الزرقاء شديدة التذبذب، بينما جاء أكثر القطاعات تراجعاً فى إنتاج الوظائف خلال الربع الثالث ممثلاً فى: التعليم والتدريب، يليه اللوجستيات والتوريد، ثم الضيافة والفنادق والخدمات الغذائية على الترتيب، ولفت التحليل إلى أن 20% من الوظائف لهذه الفئة تتيح العمل من المنزل. من جانبها، قالت الدكتورة عبلة عبداللطيف، المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، إن نتائج التحليل التى أظهرت تصدر قطاع الصناعة للقطاعات المنتجة للوظائف خلال الربع الثالث، تعد كارثية، لأن هذا يُترجم إلى انكماش فى النشاط الاقتصادى، حيث يجب أن تتصدر الصناعة القطاعات المولدة لفرص العمل، على عكس ما يحدث الآن، فى حين يتصدر التسويق والمبيعات للقطاعات المنتجة للوظائف. ولفتت عبداللطيف إلى أن اشتراط 40% من الوظائف للتعليم العالى، يشير إلى عدم وجود فرص لمخرجات التعليم الفنى، وهو أمر يجب التعامل معه بشكل مختلف من خلال واضعى السياسات، لتتواكب مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، وانتقدت فى الوقت نفسه تركز خلق الوظائف فى إقليم العاصمة وعدم استدامة هذه الوظائف نتيجة الاعتماد بشكل أكبر على القطاع العقارى. من جانبه، أشاد الدكتور محمد أيمن عاشور، نائب وزير التعليم العالى والبحث العلمى لشئون الجامعات، بتحليل المركز والذى يدرس جانب الطلب فى سوق العمل لأول مرة، داعيا للتعاون خلال الفترة المقبلة لعمل مرصد لسوق العمل، والعمل على ربط مخرجات التعليم وبرامج الدراسة فى الجامعات بمتطلبات سوق العمل، خاصة فى ظل واقعية التحليل الذى أجراه المركز والذى يعبر عن نبض السوق، ما يعطى مؤشرات واضحة لاحتياجاتنا فى التعليم، وهو التوجه الذى تنتهجه الوزارة حالياً بربط برامج التعليم باحتياجات السوق وإمكانيات الأقاليم المختلفة وربطها باستراتيجية 2030 و2050.. وأبدت الدكتورة عبلة عبداللطيف ترحيبها برغبة الوزارة فى التعاون داعية لتوحيد الجهود من جميع الجهات المعنية فى مجال دراسة سوق العمل وربط مخرجات التعليم بالاحتياجات الحقيقية، وضرورة ربطه بسياسات الاستثمار حيث مازال هذا الربط ضعيفا، معلنة عن بدء المركز فى استخدام تكنولوجيا تحليل البيانات فى دراسة أسعار السيارات وأسعار العقارات وهو ما تم قبل تحريك سعر الصرف الأخير، لافتة إلى عزم المركز استكمال الدراسة بعد تحريك سعر الصرف للتعرف على اتجاهات السوق وتغيراته، وهو ما تتيحه هذه التكنولوجيا، بما يسهم فى اتخاذ قرارات صحيحة مبنية على تحليل واقعى.