حملت حيثيات حكم محكمة الجنايات في مجزرة ستاد بورسعيد كلاً من اللواء عصام الدين محمد عبدالحميد سمك، مدير أمن بورسعيد السابق (المتهم رقم 62) ومحمد محمد محمد سعد الضابط المكلف بخدمة بوابة المدرج الشرقي بملعب الاستاد (المتهم رقم 70) وتوفيق ملكان طه صبحية مسئول الإضاءة بالاستاد (المتهم رقم 73) المسئولية الكاملة عن الجريمة التي ارتكبها الفاعلون الأصليون وخلصت حيثيات المحكمة إلي انه لولا مساهمة المتهمين الثلاثة بالتبعية لما كانت الجريمة قد ارتكبت وإن ارتكبت ما كانت ترتكب بهذه الصورة وبهذه الوحشية وهو الأمر الذي تتوافر معه في حقهم أركان تهمة «المساهمة بالتبعية». وجاء في الحيثيات انه عن أركان الاشتراك في الجرائم المسندة للمتهمين الثاني والستين والسبعين والثالث والسبعين. كان المقرر عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة 40 من قانون العقوبات انه يعد شريكاً في الجريمة من أعطي للفاعل أو الفاعلين سلاحاً أو آلات أو أي شيء آخر مما استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأي طريقة أخري في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها. كما انه ومن المقرر انه لما كانت المساهمة التبعية تتحقق من الشريك بالمساعدة وهي احدي الصور التي نص عليها القانون في المادة 40 عقوبات التي تعرف الاشتراك والتي لا تشترط في الشريك أن تكون له علاقة مباشرة مع الفاعل للجريمة وكل ما توجبه هو أن تكون الجريمة قد وقعت فعلاً بناء علي اشتراكه بإحدي الصور التي نصت عليها المادة سالفة الذكر يستوي في هذا كله أن يكون اتصاله بالفاعل مباشراً أو بعيداً أو بالواسطة إذ المدار في ذلك- كما هو ظاهر النص- علي علاقة المتهم بذات الفعل المكون للجريمة لا بأشخاص من ساهموا فيها باعتبار أن الشريك يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه وقصده منه من الجريمة التي وقعت بناء علي اشتراكه فهو علي الأصح شريك في الجريمة لا شريك مع فاعلها. لما كان ذلك وكان عنصر الاشتراك المقدم به المتهمون الثاني والستون والسبعون والثالث والسبعون هو المساعدة في الأعمال المجهزة والمسهلة والمتممة للجريمة قصداً إلي تقديم العون إلي الفاعلين الأصليين باعمال معاصرة لنشاطهم ترتب عليها تحقق النتيجة الإجرامية المرجوة من نشاطهم. وكان من المقرر انه لا يشترط لتحقيق الاشتراك بالمساعدة أن يكون هناك اتفاق سابق بين الفاعل والشريك علي ارتكاب الجريمة بل يكفي أن يكون الشريك عالماً بارتكاب الفاعل للجريمة وأن يساعده في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها وكان الاشتراك يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه فيكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوي وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم. ومن حيث انه لما كان ما تقدم وكان الشارع قد عرف الشريك بالمساعدة بأنه من أعطي للفاعل سلاحاً أو آلات أو أي شيء آخر استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأي طريقة أخري في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها وقد فضل الشارع الإبقاء علي هذه الصياغة حتي تظل علي ما كانت عليه في قانون العقوبات القديم الصادر سنة 1883 خشية أن يؤدي التعديل إلي التضييق من نطاق المساعدة لتشمل جميع صور المساعدة بإطلاق صورها «تعليقات وزارة الحقانية علي المادة 40 سالفة الذكر» وقد استقر القضاء علي أن الاشتراك بالمساعدة يتحقق بتدخل الشريك تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معني تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله المشرع مناطاً لعقاب الشريك فتوصف المساعدة في الأعمال المجهزة للجريمة بتقديم أي شيء يمكن أن يعين في ارتكاب الجريمة وتوصف المساعدة في الأعمال المسهلة أو المتممة للجريمة عندما تكون معاصرة لتنفيذه الجريمة والفارق بينهما فارق زمني يتعلق بالوقت الذي يتدخل فيه الشريك بالمساعدة بالنسبة إلي نشاط الفاعل فالأولي تفترض وقتاً مبكراً عن الثانية بمعني أن المساعدة في الأعمال المسهلة للجريمة تتحقق عندما يكون الفاعل في المراحل التنفيذية الأولي وتمكينه من الاستمرار في ارتكاب الجريمة أما المساعدة في الأعمال المتممة فتتحقق والفاعل في المراحل الأخيرة لتنفيذ الجريمة وتستهدف تمكينه من إنهاء هذا التنفيذ وتحقيق النتيجة. كما ان المقرر أيضاً ان الجرائم عموماً تقع باقتراف فاعلها سلوكاً إيجابياً وقد يكون هذا السلوك إيجابياً أي إيتان الفعل أو السلوك الإجرامي وقد يكون سلبياً أي بالامتناع عن مباشرة ذلك السلوك والإحجام عنه والأخير لا يتصور إلا بالنسبة لعمل إيجابي كان الممتنع ملزماً قانوناً بالقيام به فهو صورة للسلوك الإنساني وسبب للعدوان الذي نال مصلحة أو حقاً جديراً بحماية القانون فإذا خالف سلوك الممتنع ما توقعه الشارع فنال هذا العدوان الحق فلا شك أن سبب هذا العدوان هو ذلك السلوك. وتأكيداً علي ذلك وبذات المعني أيضاً إذا كان المتهم ملتزماً طبقاً للقانون بالحيلولة دون وقوع جريمة معينة أو دون وقوع أي جريمة بصفة عامة- سواء بمجهوده المباشر أو بإبلاغ السلطات العامة عنها- فإن القانون يضع بهذا الالتزام عقبة في طريق تنفيذ الجريمة ولهذه العقبة وجود حقيقي باعتبار أن الأصل هو أن يطبق القانون التطبيق السليم ولذلك فإن الامتناع عن الواجب الذي يفرضه القانون يعني إزالة هذه العقبة وجعل تنفيذ الجريمة أسهل مما يكون في الوضع العادي وفي هذا التسهيل مساعدة لا شك فيها ولا يمكن القول بأنه ليس لهذه العقبة وجود مادي ذلك أن لها وجوداً قانونياً فعلياً إذ يفترض الشارع في أحكامه أن تطبق وتنتج أثرها. ويتطلب القصد الجنائي لدي الشريك علماً بنتيجة نشاطه وهذه النتيجة هي الجريمة التي يرتكبها الفاعل ويطلق علي العلم إذا ما انصرف إلي واقعة مستقبلة تعبير (التوقع) فالشريك يتعين أن يتوقع أن من آثار فعلة إقدام شخص علي ارتكاب جريمة . واستدلت المحكمة علي توافر شرط تهمة المساهمة بالتبعية بما قرر به المتهمون الثالث والستون- مدير الأمن المركزي- والرابع والستون نائب مدير الأمن- والخامس والستون- مساعد مدير الأمن والسابع والستون- مدير إدارة البحث الجنائي- والتاسع والستون- مدير إدارة الأمن الوطني لدي استجوابهم بتحقيقات النيابة العامة من علم المتهم بالاحتقان الشديد والشحن المعنوي الزائد بين جمهور الفريقين ومما أبلغه به الرائد فادي محمود محمد سيف الدين- مدير مكتبه ومسئول العلاقات العامة والاعلام والمواقع الالكترونية بما قام برصده من واقع ما تم نشره علي المواقع الالكترونية وشبكة التواصل الاجتماعي والذي يؤكد ما قرر به المتهمون السابقون وكان ذلك بوقت كاف وقبل اتخاذ قراره بالموافقة علي إقامة المباراة، كما اقترح عليه إلغاء المباراة أو إقامتها بدون جمهور لخطورة ما تم رصده من معلومات وتم عرضها عليه إلا انه كان مصراً علي إقامتها رافضاً ذلك الاقتراح مقرراً له وبعصبية وعنف شديدين بأنه لا يمكنه إبلاغ الوزير بأنه غير قادر علي إقامة المباراة وتأمينها وقد أكد ذلك أيضاً الرائد مؤمن محمد السباعي عطية- مدير مكتب مدير الأمن- بإبلاغه بما ورد إليه من معلومات وما أبلغ به من أحد قيادات ألتراس النادي المصري- المتهم السادس وآخر- أعضاء رابطة سوبر جرين والتي تؤكد اعتزامهم علي التعدي علي المجني عليهم من جمهور ألتراس الأهلي وفقاً للثابت بأقواله بالتحقيقات. وقد قام الدليل علي ذلك أيضاً قيام المتهم الثاني والستين بتغيير خط سير المجني عليهم من جمهور ألتراس الأهلي بإنزالهم من القطار بمحطة الكاب والتي تبعد عن بورسعيد بحوالي ثلاثين كيلو متراً ونقلهم بحافلات إلي الاستاد وما قرر به المتهم الخامس والستون مساعد مدير الأمن من انه توجه مع قواته إلي محطة قطار بورسعيد بناء علي طلب المتهم وظل بها من الساعة الواحدة والربع وحتي الساعة الخامسة من مساء اليوم للتمويه علي المتهمين لعلم المتهم المسبق بتربصهم للمجني عليهم للاعتداء عليهم والفتك بهم لدي وصولهم لمحطة قطار بورسعيد وفي ذات المعني أيضاً طلب المتهم زيادة عدد تشكيلات الأمن المركزي والذي وصل إلي سبعة عشر تشكيلاً وهو عدد غير مسبوق عن مثيله في المباريات الهامة السابقة والذي لا يجاوز ثمانية تشكيلات. ولما كان ما تقدم وكان إصرار المتهم الثانى والستين على اقامة المباراة رغم علمه اليقينى بخطورة اقامتها وبانتواء المتهمين التعدى على المجنى عليهم وقد أخذته العزة بالاسم دون مقتضى لا لشىء إلا ليثبت لقياداته أنه محل ثقتهم وأنه أهل لاختيارهم له كمدير للأمن وقد أكد ذلك ما قرره نائب مدير الأمن - المتهم الرابع والستين - والرائد فادى محمود سيف - مدير مكتب مدير الأمن - على النحو السابق بيانه. وكان من نتيجة هذا العمل الايجابى من جانب المتهم وقراره الخاطئ والكارثى بإقامة المباراة واستدراج المجنى عليهم من جماهير ألتراس الأهلى إلى مدينة بورسعيد والتى ما كانوا يحضرون إليها لولا اطمئنانهم أنهم سوف يكونون فى حماية الأمن بعد موافقته الأمنية على اقامة المباراة خاصة وبعد أن أرسل مجلس إدارة ناديهم تخوفاته من اقامة المباراة بكتاب أرسله للسيد مساعد أول الوزير للأمن وأرفق به ما نشر بجريدة الوفد بهذا المعنى وأبلغ به المتهم، وكان من نتيجة ذلك مساعدته الايجابية فى الأعمال المجهزة لارتكاب المتهمين الجريمة استدراج المجنى عليهم وحشرهم بالمدرج الشرقى باستاد بورسعيد الرياضى بعد أن أحكم المتهم السبعون غلق باب المدرج عليهم رغم علمه باقتراف المتهمين للجريمة ليضعوهم فريسة سائغة أمام المتهمين والذين انقضوا عليهم عقب انتهاء المباراة وتعمد قيام المتهم الثالث والسبعين - اطفاء الأنوار لحظة بدء تنفيذ المتهمين لجريمتهم تسهيلا منه للمتهمين فى ارتكابها. ولا يحتاج فى ذلك أن قرار المتهم الثانى والستين فى ظل كل ما سبق من تداعيات هو مجرد سوء تقدير موقف منه يحاكم عليه تأديبيًا أو أن ما أتاه كان بحسن نية كسبب من أسباب الإباحة. لكان يصح ذلك القول لو لم يكن لديه العلم اليقينى بعزم المتهمين الاعتداء على المجنى عليهم وأنه تحرى وتثبت وعلم وأبلغ بكل ذلك ولم يكن ما آتاه تنفيذا لأمر صادر من رئيس وجبت عليه إطاعته وإنما هو المختص وصاحب الرؤية الميدانية والمنوط به اتخاذ هذا القرار وكان يجب عليه أن يتوقع النتيجة الإجرامية التى نتجت عن هذا القرار وهى تنفيذ هذا القرار وكان يجب عليه أن يتوقع النتيجة الإجرامية التى نتجت عن هذا القرار وهى تنفيذ المتهمين لما هددوا وتوعدوا به قبل المباراة ووصل إلى مسامعه وقد أدت هذه المساعدة الايجابية منه إلى تسهيل ارتكاب المتهمين لجريمة قتل أربعة وسبعين من المجنى عليهم من جماهير ألتراس الأهلى بالاضافة إلى الشروع فى قتل ما يقرب من الثلثمائة منهم فضلا عن سرقة أموالهم كرها عنهم. وقد تداخلت كل أعمال المتهم الثانى والستين الايجابية فى تسهيل ارتكاب المتهمين للواقعة فإنه فضلا عن هذا القرار الخاطئ والكارثى باقامة المباراة، فإن الثابت أيضا من مطالعة أمر الخدمة الذى أصدره والخاص بتأمين المباراة والذى حشد فيه قواته وجنوده أنه لم ينفذ إلا على الورق فقط إذ لو قام بتنفيذ ما جاء ببنوده لما وقعت الكارثة أو على الأقل التقليل من خسائرها فالملاحظ أنه تضمن من بين بنوده بند تفتيش الجماهير وهذا البند وعلى الأخص لم ينفذ على الطبيعة والواقع فأغلب من سئلوا من الشهود والمتهمين بالتحقيقات قرروا أنه لم يجر تفتيش أى منهم وهو الأمر الذى أدى إلى ظهور كل أنواع أدوات التعدى والتى أعدها المتهمون مسبقا لتنفيذ جريمتهم من أسلحة بيضاء بجميع أنواعها وأدوات صلبة راضة وصواعق كهربائية وألعاب نارية بجميع أنواعها وبكميات كبيرة مما سهل للمتهمين ارتكاب جريمتهم بقتل المجنى عليهم. هذا فضلا عن وجود أعداد كبيرة من المتهمين من جماهير ألتراس المصرى بمضمار الملعب وأثناء سير المباراة بالمخالفة للقوانين واللوائح والأعراف الرياضية والتى تحظر وجودهم فى هذا المكان درن تدخل منه لإبعادهم وإخراجهم. وقد بلغت أفعاله الايجابية مداها حينما بدأ المتهمون فى اقتحام أرض الملعب أثناء سير المباراة إما قفزا من الأسوار أو بكسر أبوابها المؤدية لمضمار الملعب والبعض منهم يحرز أسلحة بيضاء والآخر يشعل ألعابا نارية متوجهين صوب المجنى عليهم من جماهير ألتراس الأهلى للتعدى عليهم عندما تمكن ضباط الأمن المركزى والمنوط بهم تأمين مضمار الملعب بضبط هؤلاء المتهمين إذ بالمتهم الثانى والستين يتدخل تدخلاً ايجابيًا من ناحيته ويأمر بترك هؤلاء المتهمين وتهريبهم من وجه العدالة وإعادتهم مرة أخرى للمدرجات بدلا من ضبطهم وضبط ما يحوزونه أو يحرزونه من ممنوعات تشكل حيازتها أو إحرازها جرائم جنائية تبيح القبض عليهم متلبسين بها وتحرير المحاضر اللازمة لهم وإبعادهم عن المباراة وقد أدت هذه المساهمة التبعية الايجابية منه إلى تكرار ذلك طوال أحداث المباراة وهو الأمر الذى وصفه المتهم الواحد والعشرون حسن محمود حسن الفقى وشهرته حسن بيجو لدى استجوابه بتحقيقات النيابة العامة أن المتهمين كانوا يكررون النزول لأرض الملعب والتوجه ناحية المجنى عليهم من جمهور الأهلى لا لمحاولة التعدى عليهم فقط وإنما كان للوقوف على رد فعل الأمن حيال تكرار تلك الأفعال والذى كان يعلم مسبقا باتفاق المتهمين من روابط ألتراس المصرى على التعدى على المجنى عليهم. وغنى عن البيان أن ما أتاه المتهم الثانى والستون بتدخله لتهريب المتهمين المقبوض عليهم قبضا قانونيا صحيحا لم يؤد إلى تهريب المتهمين فقط وإنما جاء هذا التدخل الايجابى المركب من جانبه والذى أدى إلى طمأنة هؤلاء المتهمين وباقى المتهمين وشجعهم على المضى قدما فى تنفيذ جريمتهم المصمم عليها، بما مفاده أنه لو تم التعامل بجزم وحسم مع كل من نزل من المتهمين لأرض الملعب محاولا التوجه صوب المجنى عليهم للتعدى عليهم لعلم هؤلاء المتهمون وباقى المتهمين بالمدرجات أن الأمن سوف يلتزم بأداء الواجب الدستورى والقانونى الملزم به والمخاطب بأحكامه وهو العمل على منع وقوع الجرائم وضبطها وكفالة الطمأنينة والأمن للمجنى عليهم، إلا أنه تقاعس عن تنفيذ أحكام القانون. ولم يكن القرار الخاطئ باقامة المباراة والسماح للجماهير من ألتراس النادى المصرى بدخول الاستاد دون تفتيش وفتح أبوابه على مصراعيه أمامهم بأعدادهم الغفيرة ودون الحصول على تذكرة تبيح لهم ذلك وتهريبه للمتهمين المقبوض عليهم هو ما أتاه المتهم الثانى والستون من أعمال ايجابية لتسهيل ارتكاب المتهمين لجريمتهم فقط بل بلغ ذلك مداه حينما أفضى إليه المتهم السابع والستون - مدير إدارة البحث الجنائى - بين شوطى المباراة بما ورد إليه من معلومات مهمة وخطيرة مفادها اعتزام المتهمين من جماهير ألتراس النادى المصرى اقتحام أرض الملعب عقب انتهاء المباراة والتوجه صوب المجنى عليهم للاعتداء عليهم بالمدرج الشرقى فلم يبادر إلى إلغاء المباراة حفاظا على أرواح المجني عليهم كما فعل مدير أمن الغربية قبل هذه المباراة بأيام معدودات وألغي مباراة الأهلي وغزل المحلة المقامة بمدينة المحلة في منتصف شوطيها عندما استشعر خطورة استمرارها والتزامه بالواجب الدستوري والقانوني في العمل علي منع وقوع الجريمة والحفاظ علي أرواح المواطنين، إلا أن المتهم الثاني والستين لم يحرك ساكناً تجاه ما أبلغ به ولم يتحرك لإخلاء المجني عليهم من جماهير ألتراس الأهلي من المدرج الشرقي حتي لو بالقوة الجبرية إذا لزم الأمر حفاظاً علي حياتهم وذلك وفقاً لما قرره المتهم الثالث والستون - مدير الأمن المركزي - أن ذلك هو التصرف الأمثل لو أبلغ بهذه المعلومة الخطيرة أو بعمل حائط صد قوي من القوات التي حشدها للمباراة لصد هذا الهجوم أو التقليل منه ومنع المتهمين من الوصول للمجني عليهم وقتلهم، كما لم يبلغ مرؤوسيه بهذه المعلومات ويصدر أوامره إليهم للتعامل مع ما أبلغ به. وقد تحققت هذه المعلومة والمعلومات السابقة والمتوافرة لديه علي أرض الواقع فما أن أطلق حكم المباراة صافرة نهايتها حتي بدأت المساهمة التبعية للمتهم الثاني والستين للفاعلين الأصليين للجريمة بأعماله المعاصرة لنشاطهم لتساعدهم قصدا منه في تحقيق النتيجة الاجرامية المرجوة وهي قتل المجني عليه، فإذا بالمتهمين من جماهير ألتراس النادي المصري يجتاحون أرض الملعب من كل حدب وصوب قفزاً من أسوار المدرج أو بتحطيم أبوابه حاملين أدوات تنفيذ جريمتهم التي أعدوها مسبقاً وسهل لهم المتهم الدخول بها متجهين وجهة واحدة صوب المجني عليهم من جماهير ألتراس الأهلي بالمدرج الشرقي ودون أن يتدخل المتهم بإصدار أوامره لمرؤوسيه وقواته بالعمل علي التصدي لهذا الهجوم أو التقليل منه أو تعقب من صعد من المتهمين صوب المجني عليهم لضبطه وضبط ما معه من أسلحة وأدوات قبل تنفيذ جريمتهم بالفتك بالمجني عليهم وقتلهم، صعد المتهمون بما معهم من أدوات تنفيذ جريمتهم بجحافلهم الجرارة حتي أصيب المجني عليهم من شدة ما رأوه بالفزع والرعب والخوف محاولين الفرار منهم فأسرع بعضهم بالهروب إلي الممر المؤدي لباب الخروج فإذا بهم يجدون المتهم السبعين وقد أغلقه في وجوههم بعد أن تركه مفتوحاً طوال المباراة ولم يقم بغلقه إلا قبل نهايتها بخمس دقائق وترك مكان خدمته دون مقتضي محتفظاً بمفتاح الباب معه ولم يتركه لأحد الضباط أو الافراد المعنيين معه بأمر الخدمة ورغم علمه بالأحداث ومشاهدته للمتهمين حال هجومهم علي المجني عليهم بالمدرج الشرقي ومشاهدته للمصابين من المجني عليهم وإلقاء اثنين منهم من أعلي المدرج وفقاً لما قرره بالتحقيقات لم يبادر بالاسراع بالعودة إلي مكان خدمته رغم الاستغاثة به والبحث عنه في كل مكان من المجني عليهم وشاهد الاثبات السابع عشر ونائب مدير الامن إلا أنه وفقاً لما قرره توجه إلي إحدي المظلات للاختباء أسفلها تاركا المجني عليهم محشورين خلف الباب وقد أدت مساهمته التبعية الايجابية بترك مكان خدمته وغلقه الباب في وجه المجني عليهم رغم مشاهدته لهجوم المتهمين عليهم وإلقاء الحجارة عليهم وقد أدي ذلك قصداً منه بمساعدة الفاعلين الأصليين في قتل المجني عليهم خلف باب المدرج المغلق والذي سقط بمن فوقه من قتلي وجرحي علي المجني عليه يوسف حمادة محمد يوسف الذي توفي في الحال متأثراً بإصابته أثناء محاولته القيام بكسر القفل الخاص بالباب الذي أغلقه المتهم الذي ترك مكان خدمته دون مقتضي. وقد تزامن ذلك كله مع قيام المتهم الثالث والسبعين بإطفاء الاضاءة عقب نهاية المباراة مباشرة وأثناء تنفيذ المتهمين لجريمتهم وقبل تمام تنفيذها رغم التنبيه عليه من مدير عام الاستاد - شاهد الاثبات الثالث والستين - بعدم إطفاء الأنوار ولم ينكر المتهم ذلك مخالفاً بذلك تعليمات الاضاءة التي توجب عدم إطفاء الأنوار إلا بعد التأكد من إخلاء الجماهير من الاستاد بالكامل وفقاً لما قرره شاهدا الاثبات الرابع والستون والخامس والستون ورغم مشاهدته للاحداث حال خروجه من غرفة التحكم متوجهاً إلي غرفة الاضاءة مروراً بأرض الملعب ومشاهدته لهجوم المتهمين علي المجني عليهم ورؤيته للمجني عليهم المصابين حال خروجه من الاستاد وفقاً لما جاء بأقواله وقد غادر الاستاد تاركا المتهمين يجهزون علي المجني عليهم ويقتلونهم بعد أن ساهم بفعله الايجابي في اتمام تنفيذ الجريمة بإطفاء الأنوار وظهور المتهمين في المدرج الشرقي حاملين عصيهم والتي تشع نوراً أخضر أعدوها مسبقاً للتعرف علي بعضهم البعض لحظة تنفيذ جريمتهم ويغيرون ملابسهم حتي لا يتمكن المجني عليهم من رؤية طريقهم للنجاة بأنفسهم ومساهمة منه في مساعدة المتهمين علي التخفي عن أعين العدالة أثناء تنفيذ جريمتهم. وبالبناء علي ما تقدم فإن المحكمة تري توافر أركان المساهمة التبعية - الاشتراك بالمساعدة - في حق المتهمين الثلاثة بتقديم العون للمتهمين - الفاعلين الأصليين للجريمة - والذين سبق وأن أدانتهم المحكمة لثبوت ارتكابهم جرائم القتل العمد والشروع فيه ومن ثم كان وجود المساهمة التبعية التي تفترض وقوع فعل غير مشروع ساهم في ارتكاب أشخاص آخرين كفاعلين للجريمة بحسبان أن هذا الفعل هو المصدر الذي يستمد منه نشاط الشريك صفته غير المشروعة فتقوم مسئوليته الجنائية، مع علمهم بنتيجة نشاطهم وهذه النتيجة هي الجريمة التي ارتكبها الفاعلون الأصليون وكان يتعين عليهم أن يتوقعوا أن من آثار أفعالهم إقدام الفاعلين علي ارتكاب الجريمة وأنه بغير نشاطهم ما كانت الجريمة ترتكب أصلاً من الفاعلين الأصليين أو كانت الجريمة سوف ترتكب في صورة مختلفة عن تلك التي ارتكبها الفاعلون ومن ثم تتوافر علاقة السببية بين نشاط المتهمين الثلاثة كمساهمين بالتبعية والجريمة التي ارتكبها الفاعلون الأصليون وهي قتل المجني عليهم والشروع في قتل باقي المجني عليهم وعلي النحو المبين بالأوراق. ومن جماع ما تقدم كله فإن المحكمة تري أنه لولا قرار المتهم الثاني والستين الخاطئ بالموافقة علي إقامة المباراة ما وقعت الجريمة أصلاً، ولولا وجوده وقواته ما وقعت الجريمة بهذه الصورة وهذه الوحشية ومفاد ذلك أنه لو انسحب من تأمين المباراة كلية لما فكر المجني عليهم في الحضور لمشاهدتها ومن يحضر منهم ويصل لمحطة قطار بورسعيد ويشاهد المتهمين متربصين بهم فسوف يبادر بالعودة من حيث أتي، ومن يصر منهم علي التوجه للاستاد المقام عليه المباراة، ويشاهد المتهمين متربصين لهم بجوار الاستاد للفتك بهم فسوف يسارع بالعودة، ومن يتمكن منهم من دخول الاستاد ويشاهد المتهمين رافعين لافتة «موتكم هنا» وسماعهم للمتهمين طوال المباراة وهم يرددون عبارات تهددهم بالقتل واقتحامهم لأرض الملعب أثناء سير المباراة محاولين الاعتداء عليهم لأسرعوا بالفرار من باب المدرج الذي كان مفتوحاً لحظة دخولهم منه وظل مفتوحاً طوال احداث المباراة فلولا قيام المتهم السبعين بغلقه عليهم دون مقتضي للاذوا بالفرار، كما جاءت مساهمة المتهم الثالث والسبعين التبعية الايجابية في الاسراع بإطفاء أنوار الاستاد عقب نهاية المباراة مباشرة بمساعدة المتهمين في إنفاذ جريمتهم وحرمان المجني عليهم من رؤية طريقهم للنجاة بأنفسهم والتعرف علي باقي المتهمين المجهولين الذين نفذوا الجريمة من الفاعلين المعلومين ومكنهم من الهروب من وجه العدالة بمساعدته لهم ومعاونتهم لحظة تنفيذ جريمتهم وصولاً للنتيجة الاجرامية المرجوة من نشاط الفاعلين الأصليين وهي القتل والشروع في قتل المجني عليهم، وخلاصة القول أنه لولا مساهمة المتهمين الثاني والستين والسبعين والثالث والسبعين التبعية ما كانت الجريمة التي اقترفها الفاعلون الأصليون قد ارتكبت وان ارتكبت ما كانت ترتكب بهذه الصورة وبهذه الوحشية وهو الأمر الذي تتوافر معه في حقهم أركان المساهمة التبعية - الاشتراك بالمساعدة.