فى كتابه: «عرب بلا رب» يعتبر براين ويتاكر أن اليمن الجنوبى كان النموذجَ الوحيدَ للحكم الماركسى اللينينى بالمنطقة. وكانت حكومتها تطمح لبناء مجتمعٍ «عقلانى اشتراكي»، ووجدت نفسها مضطرةً لمواجهة مسألة التعامل مع الإسلام، فاتخذت إجراءاتٍ صارمةً، وعنيفة أحيانا، ضدّ المؤسسة الدّينية كتأميم الأوقاف وتوظيف رجال الدّين لدى الدولة. وللسيطرة على المؤسسات الدّينية، انتهج النظامُ نهجًا معقدًا، بمشورة سوفيتية على ما يبدو، ويقال إنَّ اللجنة المركزية للحزب الوحدوى الاشتراكى بألمانيا الشرقية أوصتِ النظامَ اليمنى بالآتي: «الدّين يُستعمل كسلاح ضدّكم، فلما لا تستعملون السلاح ذاته ضدَّ أعدائكم؟ لماذا تتخلون عن المبادرة لحساب الرجعيين والانتهازيين؟» قولوا: «إن سيدنا محمدًا كان ضدّ الرأسمالية الاستغلالية؟». دفع ذلك الحكومةَ لترويج إسلام اشتراكى يُحتفَلُ فيه بميلاد «لينين» مع احتفالات دّينية تقليدية. وبحسب دراسة عن التعايش الهشّ والمضطرب بين الإسلام والدولة باليمن الجنوبى جاء أن «الاشتراكيين اليمنيين تعاملوا مع الإسلام كظاهرةٍ اجتماعيةٍ اقتصاديةٍ معنيةٍ بعالَمنا فقط»، و»همّشوا الجوانب الأُخرى من الإيمان». وقد أصدر العلامة الموسوعى الدكتور صلاح الدين المنجد كتابًا مهمًا عن هذه الظاهرة عنوانه: «بلشفة الإسلام عند الماركسيين والاشتراكيين العرب»، وفيه جمع قدرًا هائلًا من الأدبيات المنشورة فى صحافة ستينات القرن الماضى حولها. ويرصد ويتاكر أن للنُسَخِ التقدمية من الإسلام خصائص نّمطية، فهم يناقشون نظرتهم للقرآن من الناحية التاريخية على أنّ أحكامه التى كانت تنطبق على زمن النبى يجب تفسيرها اليومَ وفقًا للظروف المتغيرة، والملحدون الذين قابلْتُهم لتأليف هذا الكتاب منقسمون حولَ إصلاح الإسلام، بعضهم رأى، أو تمنّى، إمكان ذلك. أحد الملحدين قال: لو استطاع المسلمون استخدام عقولهم، دون الرجوعِ لكتابٍ «يعتقدون أنه كلام الله، لأمكننا التحدثُ حينها عن التنوير»!!. وللحديث بقية.