تعتبر مراحل تكوين الإنسان من أعظم آيات الله -تعالى- التي يجب على الإنسان التفكّر فيها ليستدلّ على عظمة الخالق عزّ وجلّ، وقد ذكرها الله -تعالى- في القرآن الكريم، حيث قال: (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ*ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ )،وفيما يأتي بيان تلك المراحل: مرحلة النطفة: إنّ النطفة تتكوّن من ماء الرجل وماء المرأة، إذ ينتج الماءان ويختلطان من خلال عملية الجِماع، فتتكوّن النطفة، كما قال الله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ)، ومن الجدير بالذكر أنّ ماء الرجل الذي تفرزه الخصيتين يحتوي على ما بين مئتين إلى ثلاث مئة حيواناً منوياً في الدفعة الواحدة، بينما الأنثى لا تدفع إلّا بويضةً واحدةً فلا يصل إلى تلك البويضة من تلك الأعداد الهائلة من الحيوانات المنوية إلّا حيواناً منوياً واحداً، وبعد التقاء الحيوان المنوي بالبويضة يبدأ الانقسام إلى خليتين، ثمّ إلى أربع، ثمّ تنقسم إلى ثمان خلايا، وهكذا، وتكون هذه الانقسامات والبويضة المُلقّحة في طريقها إلى الرحم. مرحلة العلقة: إنّ العلقة هي قطعةً من الدم الجامد، وذكر الله -تعالى- العلقة في القرآن الكريم، حيث قال: (ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى)، وتكون هذه المرحلة بعد استقرار النطفة في الرحم، حيث ينتج عن الانقسامات المتتالية للخلايا كتلةً على شكل ثمرة التوت، وتتكوّن هذه الكتلة من طبقتين؛ الأولى خارجية، وتعتبر آكلة ومغذّية، والداخلية هي التي يخلق الله -تعالى- منها الجنين، فتتعلّق بجدار الرحم مدّة أربعٍ وعشرين ساعةً، وقد ذكر الله -تعالى- هذه المرحلة في القرآن الكريم، حيث قال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ). مرحلة المضغة: تعرّف المضغة على أنّها قدر ما يُمضغ من اللحم، أو بالقطعة الصغيرة من اللحم، وقد ذكر الله -تعالى- المضغة في كتابه العزيز، حيث قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى)، وتكون هذه المرحلة بعد العلوق، وتبدأ في الأسبوع الثالث، وفي البداية تكون المضغة غير مخلّقةٍ، فلا يتكوّن فيها أي عضوٍ أو جهازٍ للجنين، وتستمر إلى الأسبوع الرابع، وبعد الأسبوع الرابع تدخل المضغة في طورٍ جديدٍ وتصبح مضغةً مخلّقةً حيث تحدث مجموعةً من التغييرات المذهلة، وتنقسم الخلايا وتتطوّر إلى أن تصبح المضغة على هيئة الإنسان، وتنتهي هذه المرحلة في نهاية الشهر الثالث تقريباً. العظام: ويتم في هذه المرحلة تحوّل المضغة إلى هيكلٍ عظميٍ، كما قال الله تعالى: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا). كساء العظام باللحم: بعد تكوّن العظم يلتف حوله اللحم والعضلات. الخلق الآخر: في هذه المرحلة يتم نفخ الروح في الجنين، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ أحدَكُم يُجمَعُ خلقُهُ في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يوماً ثمَّ يَكونُ في ذلك عَلقةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يَكونُ مضغةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يرسلُ الملَكُ فينفخُ فيهِ الرُّوحَ ويؤمرُ بأربع كلِماتٍ: بكَتبِ رزقِهُ وأجلِهُ وعملِهُ وشقيٌّ أو سعيدٌ).