يمرُّ خلق الجنين ونموه في رحم الأمّ بمراحل وتكويناتٍ، أتت النصوص الشرعيّة من القرآن الكريم والسنّة النبويّة على ذكرها، وأوضحها العلم الحديث من بعد، وتفصيل هذه المراحل على النحو الآتي: جعل الله سبحانه خلق الإنسان يمرّ عبر مراحل وأطوارٍ متعدّدة، ابتداءً من كونه نطفةً علقَت في الرحم، ووصولاً إلى إتمام خلقته وتشكّل أعضائه في بطن أمّه، وقد وصف الله تعالى ذلك في تصوير دقيق؛ فقال سبحانه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ). وأكّد النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذا فقال: (إنَّ أحدَكُم يُجمَعُ خلقُهُ في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يومًا ثمَّ يَكونُ في ذلك عَلقةً مثلَ ذلِكَ ، ثمَّ يَكونُ مضغةً مثلَ ذلِكَ ، ثمَّ يرسلُ الملَكُ فينفخُ فيهِ الرُّوحَ ويؤمرُ بأربعٍ ، كلِماتٍ : بكَتبِ رزقِهُ وأجلِهُ وعملِهُ وشقيٌّ أو سعيدٌ)،[7][2] ويتّضح من الآية والحديث السابقين أنّ عملية خلق الإنسان تمرّ بمراحل متدرجةٍ، تنتهي بتشكّل الإنسان كامل الخلقة، وهذه المراحل بمجموعها تسمّى مرحلة ما قبل الولادة، حيث إنّ هذه المرحلة تمرّ بالخطوات الآتية:[8] مرحلة البويضة المخصبة قبل الزرع: وفي هذه الفترة تقذف الحيوانات المنوية أمام عنق الرحم في فترة التبويض، فتصبح البويضة مخصبة بإذن الله، وتسمّى النطفة الأمشاج، وفي ذلك يقول الله تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيراً). مرحلة تطوّر البويضة المخصبة إلى جنين: وهذه المرحلة تنقسم إلى تدرّجات ثلاث: الأولى: مرحلة التثبيت، وهي التي وصفها القرآن الكريم بمرحلة العلقة، وهي تسبق تكوين الكتل البدنية، قال تعالى: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ). الثانية: مرحلة تكوين الكتل البدنية، وهي التي عبّر عنها القرآن الكريم بمرحلة المُضغة. الثالثة: مرحلة تشكيل الأعضاء، وهذه المرحلة التي عبّر عنها القرآن الكريم بقوله تعالى: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ). حيث تتمايز في هذه المرحلة الغدّة التناسلية للجنين إمّا إلى خصيةٍ أو مبيضٍ، ويتحدّد نوع الجنس الآدمي بين ذكر وأنثى، وتظهر بدايات الجهاز العظمي، والجهاز العضلي. مرحلة التحول الفاصلة: حيث يبدأ من الشّهر الثالث الانتقال طور الجنين إلى الحميل، قال تعالى: (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).