قبل أن تقرأ: ذهلت وأنا أقرأ «مناشدات» السفير رفاعة الطهطاوى (خليفة زكريا عزمى فى القصر الرئاسى) التى وجهها إلى أهالى سوهاج عشية زيارة رئيس الجمهورية لها.. فلم تكن رجاءاته ومناشداته تلك معبرة بأى معنى عن كرامة الرئيس وكبريائه وإنما كانت تعبيرا عن مهانته وتهافته لتجميل صورة باتت كريهة للقصر الرئاسى وساكنيه.. جميعا.. من الرئيس إلى الخفير.. قال الطهطاوى للسوهاجية: الرئيس جاء إليكم يطلب النصرة.. فلا تردوه بخذلانكم؟! حتما صفق البعض لهذا النداء العاطفى.. فها هو الرئيس بجلالة قدره يطلب من أبناء محافظة سوهاج النصرة.. ولكن السؤال: نصرة على من؟ على محافظات أخرى تمردت واستعصت؟.. حتى إن أحدهم غرد بالأمس على «تويتر» فيما معناه أن الرئيس خرج من سوهاج مطرودا.. ومنع من دخول بورسعيد واستعصت عليه الغربية والدقهلية وثارت فى وجهه المنصورة وطنطا والمحلة الكبرى.. ومازالت الاحتجاجات العنيفة تجتاح محافظات عديدة.. فمن أين تأتى النصرة وعلى من إذا كانت هذه هى الحال فى كل المحافظات؟ من أين تأتى النصرة وكل أصدقائك وحلفائك -يا ريس!- انفضوا من حولك.. حتى الشاعر –والإعلامى المعروف- عبد الرحمن يوسف -وكان من أشد مؤيديك- وصفك وصفا مريعا فظيعا حينما قال هذا رئيس «معزول» عن الجميع.. عزل نفسه عن كل الناس.. بل إن الكل.. نعم الكل لم يعد راغبا فى أن يلتقط صورة مع الرئيس؟! معنى كان «د. البرادعى» قد أكد عليه مؤخرا فى حواره مع الزميلة لميس الحديدى.. عندما قال: الرئيس يريد الحوار ويلح عليه بقوة.. لأنه يريد «أن يلتقط لنفسه صورة مع المعارضة لكى يقدمها للعالم».. يريد الرئيس أن يروج لفكرة أن كل شيء تمام وأن الأوضاع ستسير على ما يرام؟! على من تكذبون؟.. على من وكل حلفائكم انفضوا من حولكم.. فهاهم مستشاروك تركوا مواقعهم واستقالوا من سفينتك الغارقة.. أما الآخرون فحدث ولا حرج: فهذا مثلا «الشتام» عبد الله بدر يقول لك على الملأ وبملء الفم: «آهه..أنا بقولهالك آهه واللى يزعل يتفلق.. انت رئيس بق.. أيوه رئيس «بق» عالفاضى..يعنى ولا بتهش ولا بتنش»؟ صحيح أن «الشتام» هذا شتمك ليس بهدف إصلاح أمرك وإصلاح أوجاع بلدك أو تحقيق مصالحة وطنية.. وإنما بهدف «تحفيزك» واستعدائك للتحرك لاجتثاث «جبهة خراب مصر» كما يفترون عليها ويطعنونها كذبا وزورا فى صدق أهدافها وغاياتها.. إنه نفس منطق الشيخ «لازم حازم» الذى يمارس سياسة التحريض والتخويف والتهديد للكل ويستقوى بالغوغاء والدهماء على الجميع.. وكلما خرج صوت معارض انبرى مهدداً منتقداً الرئيس أولا ثم محرضا ثم متوعدا: «مرسى ترك الحبل لهؤلاء الشياطين فخرجت الفئران من جحورها».. ثم يضيف: لن نسكت وسترون منا شيئا لم ترونه من قبل ولن نعود بعد ذلك أبدا؟! أى دعوة سمحة تلك؟ أى دولة حاكمة تلك؟ أى ديمقراطية تمتع بها هؤلاء بعد الثورة وما كنا نسمع لهم صوتا خارج مسجدهم الذى كان عامرا بالمصلين ومع هذا لم تخرج منه كلمة احتجاج أو صرخة تشعل تظاهرة تؤازر «حركة كفاية» الأب الشرعى للتظاهرات الوطنية فى مصر فى عهد الرئيس الساقط؟ هل ما يفعله «حازم» «لازم»؟ سكت له يا دكتور مرسى فركب الموجة.. حتى القوات المسلحة راح يهددها برد مزلزل إن هى نزلت إلى الشارع مرة أخرى؟ أهكذا تحتكرون الحقيقة لأنفسكم؟ أهكذا تحتكرون الصواب؟ لمجرد أنكم تقولون إن الحكم إلا لله فأنتم أصبحتم مسلمين وأنتم أصبحتم موكلين عن الله فى حكم البلاد؟ الآن أصبح المعارضون (ليبراليون ويساريون واشتراكيون ومستقلون... إلخ) كفرة ملحدين؟ لماذا إذن لم تقتلوهم فى يناير المجيد أو حتى فى فبراير؟ الآن أصبح التحريض على إسكات صوت المعارضين هو الحل؟ ولم يعد هناك أسلوب للتفكير سوى الإقصاء والعزل والرد على الأفكار بالحشود المزلزلة؟ لم نسمع منكم أبدا عن فكرة واحدة للمصالحة وتقريب وجهات النظر بين رفقاء الثورة العظيمة وكأنكم تريدون اجتثاثها من جذورها وإهدار دماء من أشعلوا جذوتها بعد أن أسقطت الديكتاتور عن عرشه فلم تعد بكم حاجة إلى مثل هؤلاء؟ لم يعد لديكم أدنى رغبة فى مجرد «النظر» إلى الطرف الآخر أو مناقشة وجهات نظره؟ لم تعد تهمكم الكارثة الاقتصادية؟ ولا إخفاقات الحكومة الحالية؟ ولا تنتفض كرامتكم على الوزير القطرى الذى أهان المقام الرئاسى عندما ألقى فى وجوهكم بأنه لا يتوقع أن تقدم بلاده أى مساعدات لمصر؟ لماذا ستشغلون أنفسكم بالبحث عن حلول لأزمات السولار والبنزين والبوتاجاز والخبز التى تشعل مصر وتكاد تحرقها؟ لن تبدوا رأيا فيما تعانيه مصر من مشكلات وما لا تملكه الحكومة الفاشلة من حلول؟ لن تسألوا أبدا عما إذا كان الرئيس نجح فى مهمته على مدى العشرة شهور الماضية؟ وإذا كان كل هذا الفشل الذريع معيارا لنجاحه عندكم فأى خير يرتجى منكم جميعا؟! بعد أن قرأت: هل أقول لكم ما الذى تهتمون لأجله حقا؟ الأهم يا سادتى هو «الحشد».. «طظ» فى الرئيس, و«طظ» فى مصر.. فالمرشد السابق قالها بكل ثقه من قبل.. الحلم الآن هو هذه «الضبطية القضائية الشعبية».. لأنها الحلم الأكبر.. لتحقيق «هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».. وتأملوا معى حجم نشوة المتأسلمين العارمة بهذا القرار!!