"الوطنية للانتخابات" تعقد مؤتمرًا اليوم لإعلان نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    وزير الخارجية: مصر سترد بالقانون الدولي على أى ضرر من سد النهضة    وزير المالية: التوسع فى إصدار الأدلة الإيضاحية وتوحيد وتيسير المعاملات الضريبية    25 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    عاجل- ارتفاع العائد على شهادة ادخار 3 سنوات قبل اجتماع البنك المركزي المصري    خلال اجتماع الحكومة| وزير المالية يزف بشري سارة للمواطنين    عبد العاطي: عودة مصر لمجلس حقوق الإنسان بأغلبية كاسحة تقدير لقيادة السيسى    العدل الأمريكية: عثرنا على أكثر من مليون وثيقة إضافية تتعلق بملف إبستين    "القاهرة الإخبارية": تحرك قافلة المساعدات الإنسانية ال102 من مصر إلى غزة    مدرب السودان يعترف بقوة الجزائر بعد السقوط في كأس الأمم الإفريقية    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    التضامن: تسليم 567 طفلًا بنظام الأسر البديلة الكافلة منذ يوليو 2024    الإحصاء: 15% زيادة في أعداد خريجي الجامعات التكنولوجية عام 2024    تصاعد الخلاف بين بروكسل وواشنطن ..عقوبات الفيزا السبب    تعاون جديد بين جهاز تنمية المشروعات وبنك الصادرات    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    محافظ الدقهلية يتفقد موقع العقار المنهار جزئيا أمس بالمنصورة..ويشكل لجنة لفحصه والعقارات المجاورة    خبير يكشف تفاصيل تغليظ عقوبات المرور في مصر (فيديو)    تواصل تصويت الجالية المصرية بالكويت في ثاني أيام جولة الإعادة بالدوائر ال19    الصحة: تقديم 10.4 مليون خدمة طبية بكفر الشيخ خلال 2025    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    تقديم أكثر من 10.4 مليون خدمة طبية بالمنشآت الصحية بكفر الشيخ خلال عام    وزير الري يلتقى وكيلة السكرتير العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية لاتفاقية مكافحة التصحر    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا التضامن و العمل يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتى الفيوم ووادى النطرون    إصابة 3 أشخاص فى حادث تصادم سيارة وتروسيكل بدار السلام سوهاج    بديل حضاري وآمن ومرخص.. بدء تنفيذ مبادرة استبدال التوكتوك بسيارات كيوت صغيرة بالقاهرة    وزير الثقافة: المرحلة المقبلة ستشهد توسعًا في الأنشطة الداعمة للمواهب والتراث    أنشطة متنوعة بمراكز إبداع صندوق التنمية الثقافية    ذات يوم.. 25 ديسمبر 1968.. وزير الإعلام السودانى وممثلو الطوائف والهيئات والنقابات السودانية يستقبلون أم كلثوم بمطار الخرطوم وسط باقات الزهور وزغاريد النساء    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    قوات الاحتلال الإسرائيلي تنتشر في عدة قرى وتفتش المارة بجنوب سوريا    مباريات اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    بشير التابعي يكشف عن الطريقة الأنسب لمنتخب مصر أمام جنوب إفريقيا    هجوم أوكراني يستهدف خزانات النفط بميناء تيمريوك الروسي    جامعة العاصمة تنظم حفل تأبين للدكتور محمد فاضل مدير مستشفى بدر الجامعى السابق    جيش الاحتلال: هاجمنا عنصرًا مسلحًا في الناصرية جنوبي لبنان    طقس الكويت اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    أسعار الأعلاف في أسوان اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    بوتين يشيد ب«بطولات جنود كوريا الشمالية» في حرب أوكرانيا    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الخميس 25 ديسمبر 2025    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    بعد غياب أكثر من 4 سنوات.. ماجدة زكي تعود للدراما ب «رأس الأفعى»    بعد 159 عامًا في قصر العيني.. «البرلمان» ينقل جلساته للعاصمة الجديدة    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    كارم محمود: لم أجد صحفيا مهنيا تورط يوما في انتهاكات أثناء تغطية العزاءات    محافظ الدقهلية ونائبه يطمئنان على حالة المصابين بحادث العقار المنهار اجزاء منه بسبب انفجار غاز    كأس الأمم الأفريقية 2025.. الكاميرون تهزم الجابون بهدف "إيونج"    بالأسماء، أحكام الإدارية العليا في 49 طعنا على نتائج ال 30 دائرة الملغاة بانتخابات النواب    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    صاحب فيديو صناديق الاقتراع المفتوحة بعد خسارته: لم أستغل التريند وسأكرر التجربة    العالمي فيديريكو مارتيلو: الموسيقى توحد الشعوب ومصر وطني الثاني    سكرتير بني سويف يتابع أعمال تطوير مسجد السيدة حورية للحفاظ على هويته التاريخية    الكاميرون تفتتح مشوارها الإفريقي بانتصار صعب على الجابون    دوري أبطال آسيا 2.. عماد النحاس يسقط بخماسية رفقه الزوراء أمام النصر بمشاركة رونالدو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد الدخيل يكتب:النأي بالنفس ومناشدة «الملكيات المذهّبة»
نشر في الوفد يوم 17 - 03 - 2013

لا تزال سياسة «النأي بالنفس» تتفاعل في لبنان وخارجه، وستظل كذلك لأن هناك انقساماً حاداً بين اللبنانيين حيال الموقف من سورية. يعرف الجميع من لبنانيين وغيرهم أن هذه السياسة هي نوع من التكاذب السياسي فرضته ظروف المرحلة.
هي غلالة يتمنى البعض مثل وليد جنبلاط وجبهته الوطنية أن تكون أكثر من ذلك، ويختفي خلفها من يعتبرها من باب لزوم ما لا يلزم، مثل حسن نصرالله و «حزب الله». كل هذا بات واضحاً، ومع ذلك أصاب بعض اللبنانيين شيء من الفزع أو تظاهروا بذلك أمام انزعاج دول مجلس التعاون الخليجي من عدم التزام لبنان بما ألزم به نفسه.
أكثر من عبّر عن حال الفزع هذه كان طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة «السفير» احدى أهم الصحف اليومية في لبنان. درج سلمان بعد الثورة السورية على وصف دول الخليج ساخراً بأنها «ملكيات مذهّبة». ومع ذلك كتب يوم الإثنين الماضي رسالة إلى العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يناشده فيها عدم معاقبة لبنان. لم يدافع سلمان في رسالته عن سياسة النأي بالنفس، وإنما حاول تبريرها، ولجلب الانتباه لرسالته اختار لها أن تكون الموضوع الرئيس في الصفحة الأولى.
ركّز سلمان على نقاط ثلاث: الأولى ما سماه «حملات تحريض مكشوفة... في بعض الصحف السعودية، فضلاً عن الخليجية ... هي في مجملها دعوة لطرد الرعايا اللبنانيين العاملين في المملكة وسائر أقطار الخليج العربي». وفي هذا السياق تناول زيارة الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني ومعه سفراء دول المجلس إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان لإبلاغه «نوعاً من الإنذار، نتيجة لما يفترضونه «انحيازاً» إلى النظام السوري في المواجهة الضارية والمفزعة». وقد عبّر سلمان عن فزعه من ذلك بقوله: «كان هذا الإنذار قاسياً ومخيفاً، فهو يتجاوز إطار العلاقات الأخوية، ويمثل استقواءً على أشقاء مستضعفين يلحقهم الأذى مضاعفاً نتيجة الأزمة الدموية التي تعصف بسورية». والنقطة الثانية في الرسالة، هي عجز لبنان عن أن يكون طرفاً مؤثراً في مسار الأزمة السورية. أما الثالثة، فهي دور السعودية في مساعدة لبنان عبر مراحل مختلفة كان أبرزها «اتفاق الطائف»، وقد هدف سلمان من كل ذلك إلى مناشدة الملك عبدالله الإبقاء على العاملين اللبنانيين في السعودية، والسعي لدى سلطات دول مجلس التعاون كما قال «للتدخل... مع أصحاب القرار في الدول الخليجية لفك الحصار الظالم عن اللبنانيين وتهديدهم في لقمة عيشهم».
هناك ملاحظات عدة يمكن تسجيلها على رسالة طلال سلمان لا يتسع المجال لها كلها. أول ملاحظة هي وصفه غير العادل لما يكتب في الصحف السعودية والخليجية بأنه حملة تحريضية ضد اللبنانيين العاملين في المملكة ودول الخليج الأخرى، فالمعروف أن العمال اللبنانيين بمختلف مذاهبهم يعملون في المملكة والخليج العربي ومرحب بهم، ويعتبرون في وطنهم الثاني، وقبل أن يكتب رئيس تحرير «السفير» رسالته كانت الحكومة السعودية حددت موقفها من موضوع العمال اللبنانيين على لسان النائب الثاني الأمير مقرن بن عبدالعزيز. الأمر المزعج في الموضوع هو الاستخدام اللبناني للتكاذب السياسي كمبرر للإبقاء على العاملين اللبنانيين في الخليج بدلاً من الفصل بينهما، وهو ما يؤكد أن هذا التكاذب ليس إلا مجرد غطاء للحكومة ومواقف أطرافها المتناقضة من الأزمة السورية.
الملاحظة الثانية محاولة سلمان الدفاع غير المباشر عن موقف «حزب الله»، وذلك بقوله: «وقد واكبتت الأقوال والشائعات تعليقات قاسية جداً في صحف تعتبر رسمية وناطقة باسم أهل الحل والربط، بل لقد اتهمت كثرة من اللبنانيين في عروبتهم، وشنّت عليهم حملات طائفية قاسية ومبتذلة، لم توفر حتى من ضحّوا بدمائهم لحماية لبنان بصدّ الاجتياح الإسرائيلي في العام 2006، ممّن شهدتم (يوجه هنا كلامه إلى الملك) لهم بالبسالة التي تماثل الجهاد في سبيل الله». لم ينكر أحد تضحيات مقاتلي «حزب الله» في مواجهة العدو الإسرائيلي، واكتسب الحزب بسببها شعبية عربية واسعة، لكن هذه الشعبية انهارت لأن الحزب يقاتل الآن إلى جانب النظام السوري ضد الشعب السوري. ليس في هذا انتهاك لما يسمى بسياسة النأي بالنفس فحسب، بل تنكب وخيانة لمعنى المقاومة. لقد كشفت الأزمة السورية ما كان معروفاً من قبل من أن مقاومة «حزب الله» لم تكن إلا ورقة سياسية بيد النظامين الإيراني والسوري لمصلحة تحالفهما الإقليمي، وإلا فكيف يمكن تفسير انحياز هذه «المقاومة» ضد الشعب؟
الملاحظة الثالثة أن الأستاذ سلمان لم ينخرط في حوار مع ما قيل في الصحافة السعودية عن الموضوع مهما كان وصفه له، وهو حوار كان يمكن أن يكون بنّاءً، فمن الطبيعي أن السعوديين والخليجيين معنيون بالموقف اللبناني من الأزمة السورية، ومن الطبيعي أن اللبنانيين معنيون أيضاً بالموقف السعودي والخليجي على قاعدة الانتماء لفضاء عربي مشترك ومصالح مشتركة، ولذلك فإن الحوار بين كتاب ومثقفي هذه البلدان في حال الاختلاف حول قضية بخطورة الأزمة السورية والموقف منها يصبح أمراً مطلوباً ومعبراً عن العروبة التي تجمعهم، لكن سلمان ضرب صفحاً عن ذلك، واختار أن يستنجد بالملك عبدالله لوقف ما سماه ب «الحملة».
الملاحظة الرابعة والأخيرة أن ما قاله رئيس تحرير «السفير» في حق دول الخليج في مقالات سابقة لا يتسق أبداً مع ما جاء في رسالته إلى الملك. في السابع من آذار (مارس) 2012 قال سلمان: «انفصل الأغنياء بذهبهم الأسود منه والأبيض، في الجزيرة والخليج، وإن استخدموا بعضه لتدجين الانتفاضات أو لتغذية حركات التمرد في الدول العاصية والمارقة - في تقديرهم - على الدين الحنيف» ثم أضاف في المقالة نفسها: «صار مجلس التعاون الخليجي بقدرة قادر ومن غير تمهيد مسبق مجلس قيادة الربيع العربي. لقد وجد من ينبه أركانه المتكاسلين فوق ثرواتهم الخرافية إلى أن الذهب يعوّض الضآلة ويذهب بالعجز ويؤهل أصحابه لأن يكونوا قيادة سياسية، بل وعسكرية وحتى فكرية، لموجة التغيير التي تجتاح المنطقة جميعاً». هل يحتاج الأمر إلى تعليق أمام هذين الاستشهادين، وهما مجرد مثالين لنمط في التفكير والتحليل؟ الكثير من تقارير صحيفة «السفير» لا يتفق مع روح سياسة «النأي بالنفس»، وآخر الأمثلة على ذلك عنوان التقرير الرئيس في الصفحة الأولى يوم الجمعة قبل الماضية الذي يقول: «الجامعة تعرّب الحرب على سورية»، وهو عنوان ينتمي لمدرسة صحيفتي «تشرين» و «البعث» السوريتين، وليس لمدرسة «السفير» التي تعرف نفسها بأنها «صحيفة الوطن العربي في لبنان، وصحيفة لبنان في الوطن العربي». اسم «الوطن العربي» يشمل كل الشعوب والدول العربية، ولا تقتصر دلالته على سورية ولبنان، وهو اسم يفرض «النأي بالنفس»، لكن الصحيفة لم تلتزم بمقتضى الشعار الذي اختارته، ولعله مثل الشعارات العربية التي ليس لها من مضمونها نصيب. تضيف الصحيفة إلى تعريف نفسها بأنها «صوت من لا صوت لهم». هل «السفير» صوت للنظام الذي يهيمن على صوت سورية؟ أم صوت للشعب الذي فقد صوته منذ أكثر من 40 عاماً ويبحث عن مأمن من قصف طائرات وصواريخ ودبابات النظام؟
لا يمكن تجاهل الموقف النقدي الذي تتخذه «السفير» من النظام السوري وبخاصة من خلال المساحة التي تتيحها لبعض الكتاب السوريين من المعارضة، وبعض الكتاب اللبنانيين الذين يتخذون من النظام موقفاً نقدياً يتصف بالجذرية، إلا أنها لا تزال تؤمن بإمكان إصلاح النظام، بل ربما بضرورة بقائه، وقد عبّر رئيس تحريرها يوماً عن أسفه لأن النظام لم يقدر موقف شعبه الذي «سانده وحماه في مواجهة الضغوط الدولية والعربية، بل وعزز موقعه بين أقرانه العرب فجعله قادراً على المباهاة بأنه الوحيد من بينهم الذي يتمتع بشعبية فعلية في بلاده التي كان لها - غالباً - دور يتجاوز بكثير قدراتها المادية». كيف يمكن التأكد من شعبية نظام يحكم بيد من حديد، ويعتمد قبل أي شيء على 16 جهازاً أمنياً؟ المفاجئ أن سلمان تفاجأ بدموية النظام وحله الأمني وهو يتمتع بشعبية تضاهي شعبية كل الأنظمة العربية، ومن ثم فالإشكال لا يتعلق بوضع العاملين اللبنانيين في الخليج، وإنما بثقافة سياسية تلتبس فيها مفاهيم مثل العروبة والمقاومة والدولة، وتتكئ على التكاذب السياسي بدلاً من الحوار السياسي.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.