امتحانات الصف الثالث الإعدادي 2024.. تعرف على جدول «محافظة القاهرة»    «طاقة النواب» تشيد بارتفاع إيرادات هيئة البترول إلى تريليون و598 مليار جنيه    برلماني: الرئيس السيسي كشف خطورة تخلي النظام الدولي عن دوره الحقوقي    راصد الزلازل الهولندي يثير الجدل بتصريحاته عن الأهرامات    الشحات: نحترم الترجي.. وجاهزون لخوض مباراة الذهاب    المشدد 3 سنوات للطالبين تاجري المخدرات بالشرقية    «نجوم اف ام» تُكرم أحمد السقا في حلقة خاصة    قصر ثقافة مطروح.. لقاءات عن العمل وإنجازات الدولة وورش حرفية عن النول والمسمار    الاتحاد يتأهل إلى نهائي المربع الذهبي لكرة السلة    الناتو: القوات الروسية أثبتت قدرتها على التقدم بمرونة كبيرة    روسيا تقدم 30 طنًا من المساعدات إلى غزة عبر مطار العريش الدولي    حقيقة إيقاف شهادة 23.5 من بنك مصر بعد قرار التعويم الأخير    خمسة معارض في فعاليات مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة (تفاصيل)    قومية المنيا تقدم «دون كيشوت» ضمن عروض الموسم المسرحي ب أسيوط    بالفيديو.. أمين الفتوى للمقبلين على الزواج: محدش هيقدر يغير حد بعد الزواج    بعد وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية- كيف يسبب السكري الموت؟    بالفيديو.. كواليس كوميدية للفنانة ياسمين عبد العزيز في حملتها الإعلانية الجديدة    إنطلاق المشروع القومي لتطوير مدربي المنتخبات المصرية لكرة القدم NCE    بالفيديو.. نصيحة هامة من الشيخ خالد الجندي إلى الأباء والأمهات    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    شي جين بينغ بمناسبة قمة البحرين: العلاقات الصينية العربية تمر بأفضل فترة في التاريخ    تغيير الشكل الرهباني للراهبة المسؤولة عن دير "الملاك" بملبورن    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    مترو التوفيقية القاهرة.. 5 محطات جديدة تعمل في نقل الركاب    سكاي: فونيسكا الخيار الأول لخلافة بيولي في ميلان    نقابة المهن الموسيقية تنعي زوجة المطرب أحمد عدوية    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    كيف تؤثر موجات الطقس الحارة على الصحة النفسية والبدنية للفرد؟    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    هالة الشلقاني.. قصة حب عادل إمام الأولي والأخيرة    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    التصلب المتعدد تحت المجهر.. بروتوكولات جديدة للكشف المبكر والعلاج    قطع مياه الشرب عن 6 قرى في سمسطا ببني سويف.. تفاصيل    نجم الأهلي مهدد بالاستبعاد من منتخب مصر (تعرف على السبب)    إطلاق مبادرة لا للإدمان في أحياء الجيزة    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    رئيس جامعة المنيا يبحث مع الجانب الإيطالي تطوير معامل ترميم الآثار بالجامعة لخدمة الباحثين    التحقيق مع عاطل لحيازته مخدر الآيس في منشأة القناطر    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    الطاهري يكشف تفاصيل قمة البحرين: بدء الجلسة الرئيسية في الواحدة والنصف ظهرا    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد الدخيل يكتب:النأي بالنفس ومناشدة «الملكيات المذهّبة»
نشر في الوفد يوم 17 - 03 - 2013

لا تزال سياسة «النأي بالنفس» تتفاعل في لبنان وخارجه، وستظل كذلك لأن هناك انقساماً حاداً بين اللبنانيين حيال الموقف من سورية. يعرف الجميع من لبنانيين وغيرهم أن هذه السياسة هي نوع من التكاذب السياسي فرضته ظروف المرحلة.
هي غلالة يتمنى البعض مثل وليد جنبلاط وجبهته الوطنية أن تكون أكثر من ذلك، ويختفي خلفها من يعتبرها من باب لزوم ما لا يلزم، مثل حسن نصرالله و «حزب الله». كل هذا بات واضحاً، ومع ذلك أصاب بعض اللبنانيين شيء من الفزع أو تظاهروا بذلك أمام انزعاج دول مجلس التعاون الخليجي من عدم التزام لبنان بما ألزم به نفسه.
أكثر من عبّر عن حال الفزع هذه كان طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة «السفير» احدى أهم الصحف اليومية في لبنان. درج سلمان بعد الثورة السورية على وصف دول الخليج ساخراً بأنها «ملكيات مذهّبة». ومع ذلك كتب يوم الإثنين الماضي رسالة إلى العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يناشده فيها عدم معاقبة لبنان. لم يدافع سلمان في رسالته عن سياسة النأي بالنفس، وإنما حاول تبريرها، ولجلب الانتباه لرسالته اختار لها أن تكون الموضوع الرئيس في الصفحة الأولى.
ركّز سلمان على نقاط ثلاث: الأولى ما سماه «حملات تحريض مكشوفة... في بعض الصحف السعودية، فضلاً عن الخليجية ... هي في مجملها دعوة لطرد الرعايا اللبنانيين العاملين في المملكة وسائر أقطار الخليج العربي». وفي هذا السياق تناول زيارة الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني ومعه سفراء دول المجلس إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان لإبلاغه «نوعاً من الإنذار، نتيجة لما يفترضونه «انحيازاً» إلى النظام السوري في المواجهة الضارية والمفزعة». وقد عبّر سلمان عن فزعه من ذلك بقوله: «كان هذا الإنذار قاسياً ومخيفاً، فهو يتجاوز إطار العلاقات الأخوية، ويمثل استقواءً على أشقاء مستضعفين يلحقهم الأذى مضاعفاً نتيجة الأزمة الدموية التي تعصف بسورية». والنقطة الثانية في الرسالة، هي عجز لبنان عن أن يكون طرفاً مؤثراً في مسار الأزمة السورية. أما الثالثة، فهي دور السعودية في مساعدة لبنان عبر مراحل مختلفة كان أبرزها «اتفاق الطائف»، وقد هدف سلمان من كل ذلك إلى مناشدة الملك عبدالله الإبقاء على العاملين اللبنانيين في السعودية، والسعي لدى سلطات دول مجلس التعاون كما قال «للتدخل... مع أصحاب القرار في الدول الخليجية لفك الحصار الظالم عن اللبنانيين وتهديدهم في لقمة عيشهم».
هناك ملاحظات عدة يمكن تسجيلها على رسالة طلال سلمان لا يتسع المجال لها كلها. أول ملاحظة هي وصفه غير العادل لما يكتب في الصحف السعودية والخليجية بأنه حملة تحريضية ضد اللبنانيين العاملين في المملكة ودول الخليج الأخرى، فالمعروف أن العمال اللبنانيين بمختلف مذاهبهم يعملون في المملكة والخليج العربي ومرحب بهم، ويعتبرون في وطنهم الثاني، وقبل أن يكتب رئيس تحرير «السفير» رسالته كانت الحكومة السعودية حددت موقفها من موضوع العمال اللبنانيين على لسان النائب الثاني الأمير مقرن بن عبدالعزيز. الأمر المزعج في الموضوع هو الاستخدام اللبناني للتكاذب السياسي كمبرر للإبقاء على العاملين اللبنانيين في الخليج بدلاً من الفصل بينهما، وهو ما يؤكد أن هذا التكاذب ليس إلا مجرد غطاء للحكومة ومواقف أطرافها المتناقضة من الأزمة السورية.
الملاحظة الثانية محاولة سلمان الدفاع غير المباشر عن موقف «حزب الله»، وذلك بقوله: «وقد واكبتت الأقوال والشائعات تعليقات قاسية جداً في صحف تعتبر رسمية وناطقة باسم أهل الحل والربط، بل لقد اتهمت كثرة من اللبنانيين في عروبتهم، وشنّت عليهم حملات طائفية قاسية ومبتذلة، لم توفر حتى من ضحّوا بدمائهم لحماية لبنان بصدّ الاجتياح الإسرائيلي في العام 2006، ممّن شهدتم (يوجه هنا كلامه إلى الملك) لهم بالبسالة التي تماثل الجهاد في سبيل الله». لم ينكر أحد تضحيات مقاتلي «حزب الله» في مواجهة العدو الإسرائيلي، واكتسب الحزب بسببها شعبية عربية واسعة، لكن هذه الشعبية انهارت لأن الحزب يقاتل الآن إلى جانب النظام السوري ضد الشعب السوري. ليس في هذا انتهاك لما يسمى بسياسة النأي بالنفس فحسب، بل تنكب وخيانة لمعنى المقاومة. لقد كشفت الأزمة السورية ما كان معروفاً من قبل من أن مقاومة «حزب الله» لم تكن إلا ورقة سياسية بيد النظامين الإيراني والسوري لمصلحة تحالفهما الإقليمي، وإلا فكيف يمكن تفسير انحياز هذه «المقاومة» ضد الشعب؟
الملاحظة الثالثة أن الأستاذ سلمان لم ينخرط في حوار مع ما قيل في الصحافة السعودية عن الموضوع مهما كان وصفه له، وهو حوار كان يمكن أن يكون بنّاءً، فمن الطبيعي أن السعوديين والخليجيين معنيون بالموقف اللبناني من الأزمة السورية، ومن الطبيعي أن اللبنانيين معنيون أيضاً بالموقف السعودي والخليجي على قاعدة الانتماء لفضاء عربي مشترك ومصالح مشتركة، ولذلك فإن الحوار بين كتاب ومثقفي هذه البلدان في حال الاختلاف حول قضية بخطورة الأزمة السورية والموقف منها يصبح أمراً مطلوباً ومعبراً عن العروبة التي تجمعهم، لكن سلمان ضرب صفحاً عن ذلك، واختار أن يستنجد بالملك عبدالله لوقف ما سماه ب «الحملة».
الملاحظة الرابعة والأخيرة أن ما قاله رئيس تحرير «السفير» في حق دول الخليج في مقالات سابقة لا يتسق أبداً مع ما جاء في رسالته إلى الملك. في السابع من آذار (مارس) 2012 قال سلمان: «انفصل الأغنياء بذهبهم الأسود منه والأبيض، في الجزيرة والخليج، وإن استخدموا بعضه لتدجين الانتفاضات أو لتغذية حركات التمرد في الدول العاصية والمارقة - في تقديرهم - على الدين الحنيف» ثم أضاف في المقالة نفسها: «صار مجلس التعاون الخليجي بقدرة قادر ومن غير تمهيد مسبق مجلس قيادة الربيع العربي. لقد وجد من ينبه أركانه المتكاسلين فوق ثرواتهم الخرافية إلى أن الذهب يعوّض الضآلة ويذهب بالعجز ويؤهل أصحابه لأن يكونوا قيادة سياسية، بل وعسكرية وحتى فكرية، لموجة التغيير التي تجتاح المنطقة جميعاً». هل يحتاج الأمر إلى تعليق أمام هذين الاستشهادين، وهما مجرد مثالين لنمط في التفكير والتحليل؟ الكثير من تقارير صحيفة «السفير» لا يتفق مع روح سياسة «النأي بالنفس»، وآخر الأمثلة على ذلك عنوان التقرير الرئيس في الصفحة الأولى يوم الجمعة قبل الماضية الذي يقول: «الجامعة تعرّب الحرب على سورية»، وهو عنوان ينتمي لمدرسة صحيفتي «تشرين» و «البعث» السوريتين، وليس لمدرسة «السفير» التي تعرف نفسها بأنها «صحيفة الوطن العربي في لبنان، وصحيفة لبنان في الوطن العربي». اسم «الوطن العربي» يشمل كل الشعوب والدول العربية، ولا تقتصر دلالته على سورية ولبنان، وهو اسم يفرض «النأي بالنفس»، لكن الصحيفة لم تلتزم بمقتضى الشعار الذي اختارته، ولعله مثل الشعارات العربية التي ليس لها من مضمونها نصيب. تضيف الصحيفة إلى تعريف نفسها بأنها «صوت من لا صوت لهم». هل «السفير» صوت للنظام الذي يهيمن على صوت سورية؟ أم صوت للشعب الذي فقد صوته منذ أكثر من 40 عاماً ويبحث عن مأمن من قصف طائرات وصواريخ ودبابات النظام؟
لا يمكن تجاهل الموقف النقدي الذي تتخذه «السفير» من النظام السوري وبخاصة من خلال المساحة التي تتيحها لبعض الكتاب السوريين من المعارضة، وبعض الكتاب اللبنانيين الذين يتخذون من النظام موقفاً نقدياً يتصف بالجذرية، إلا أنها لا تزال تؤمن بإمكان إصلاح النظام، بل ربما بضرورة بقائه، وقد عبّر رئيس تحريرها يوماً عن أسفه لأن النظام لم يقدر موقف شعبه الذي «سانده وحماه في مواجهة الضغوط الدولية والعربية، بل وعزز موقعه بين أقرانه العرب فجعله قادراً على المباهاة بأنه الوحيد من بينهم الذي يتمتع بشعبية فعلية في بلاده التي كان لها - غالباً - دور يتجاوز بكثير قدراتها المادية». كيف يمكن التأكد من شعبية نظام يحكم بيد من حديد، ويعتمد قبل أي شيء على 16 جهازاً أمنياً؟ المفاجئ أن سلمان تفاجأ بدموية النظام وحله الأمني وهو يتمتع بشعبية تضاهي شعبية كل الأنظمة العربية، ومن ثم فالإشكال لا يتعلق بوضع العاملين اللبنانيين في الخليج، وإنما بثقافة سياسية تلتبس فيها مفاهيم مثل العروبة والمقاومة والدولة، وتتكئ على التكاذب السياسي بدلاً من الحوار السياسي.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.