مرة جديدة يتأكد ان دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً المملكة العربية السعودية حريصة على لبنان واللبنانيين العاملين فيها اكثر من حرص الدولة اللبنانية وحكومتها المسخرة. ما يدعو الى الارتياح ان التطمينات جاءت من مستويات عليا عندما وضع الامير مقرن بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، حداً لكل الشائعات التي تحدثت عن نية السعودية ودول الخليج طرد الجالية اللبنانية وسحب ودائعها من المصارف اللبنانية، والتي تصاعدت وتيرتها بعد موقف الوزير عدنان منصور المستهجن في الجامعة العربية ودفاعه المنحاز الى النظام السوري ضد الشعب وطبعاً بعد تورط "حزب الله" في قتال ضد المعارضة، يقول انه دفاع عن قرى شيعية ولكأن ليس في لبنان دولة تتحمل هذه المسؤولية! الامير مقرن ابلغ وفداً اقتصادياً برئاسة عدنان القصار زاره في الرياض ان المملكة حريصة على افضل العلاقات مع لبنان وان لا نية لدى الحكومة السعودية اوالمستثمرين لسحب اي ودائع من المصارف اللبنانية، وان هناك حرصاً على الجالية اللبنانية، "التي ستبقى محل تقدير لدى المملكة وقيادتها، والاستقرار في لبنان يشكل بالنسبة الينا مدخلاً اساسياً ليظل لبنان يلعب دوره الريادي المعروف على مستوى المنطقة"... ولكن هل عندنا في هذه الدولة وحكومتها الغافلة من يعي اهمية هذا الدور الريادي ويحرص عليه، ام هناك من يدفع لبنان في اتجاهات تفقده هذا الدور من خلال السعي لزجه في مواقع محورية ايرانية تفتعل العداوات وتوقظ الحساسيات مع دول المنطقة؟ واضح ان السعودية ودول الخليج لن تأخذ لبنان بجريرة الذين يحاولون اخذه الى مواقع مناوئة للعرب ولمصلحته، فقد جاء عبد اللطيف الزياني ليبلغ سليمان ان الدعوة الى التزام "النأي بالنفس" انما تأتي من الحرص على لبنان الذي عليه ان لا يتورط في الازمة السورية، وها هو الامير مقرن يذكّرنا بمحبة خادم الحرمين الشريفين للبنانيين وللبنان الذي طالما وصفه بأنه "مقلة العينيين... وواسطة العقد" وهو ما لا تراه بعض الأعين الغافلة في بيروت، فقد اكّد ان سياسة المملكة حيال لبنان ثابتة ولن تتبدل لأن له محبة خاصة لدى المملكة والملك عبدالله "الذي سيظل داعماً للبنان واقتصاده وسيظل على مسافة واحدة من الجميع"... الجميع مفهوم؟ واذا كان كلام الامير مقرن يثير الارتياح بعد القلق من تورط "حزب الله" في الازمة السورية وبعد زج الحكومة في مواقف تسقط مزاعم النأي بالنفس، فان ما يثير العجب ان يكتفي نجيب ميقاتي بتوجيه رسالة لوم او عتب او غرام او انتقام لا ادري الى منصور الذي كان سليمان قد عاتبه، بينما المطلوب توجيه رسالة رسمية تصحيحية الى الجامعة العربية تزيل من المحاضر كل الكلام المستنكر الذي قاله منصور! * نقلا عن جريدة النهار اللبنانية